خفض الانبعاثات الضارة ينقذ ملايين البشر ولا يعيد الحياة كما كانت.. كيف ذلك؟
إسلام محمود مصر 2030خفض الانبعاثات الضارة والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة ليس خيارًا، فحياة ملايين البشر متوقفة على الإجراءات التي تقوم بها كافة الدول لخفض الانبعاثات، فينبغي خفضها أكثر فأكثر لاحتواء الاحترار بـ 1,5 درجة مئوية.
وعلى الرغم من قطع بعض الدول مسافات ليست بطويلة في الحفاظ على البيئة وخفض ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، إلا أن ذلك لن يكون كافيًا لعودة الحياة على كوكب الأرض لسابق عهدها، ولكن كافة الخبراء والمسؤولين البيئيين يشيروا إلى أنه بإمكاننا التأثير بشكل كبير على التغيرات المناخية من خلال إجراءات إيجابية للحفاظ على الموارد الطبيعية.
مصر تقود ثورة صناعية ثالثة هدفها خفض الانبعاثات:
وقالت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إن مصر والقيادة السياسة تعمل بكل جهدها وتعطي أولوية للعمل البيئي وخاصة المشروعات التي تساعد على تخفيف أثار التغيرات المناخية، للحفاظ على مصالح الأجيال القادمة وحقهم في بيئة نظيفة، وحماية كوكب الأرض من كافة المخاطر التي تهدده.
وأضافت فؤاد، في تصريحات لـ«مصر2030» أن مصر تتجه خلال هذه الفترة نحو «ثورة صناعية ثالثة»، هدف هذه الثورة التركيز للحد من استخدام الموارد الطبيعة للحد من الانبعاثات وأنظمة إدارة الطاقة الذكية والإدارة المتكاملة للموارد لتحقيق النمو المستهدف.
وأوضحت فؤاد أن مصر تدرك تمامًا أهمية خفض البصمة الكربونية للقطاع الصناعي، حيث تعمل الوزارة على تنفيذ مشروع تحويل الوقود من الزيوت الثقيلة إلى الغاز الطبيعي، ومبادرات تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وكذلك التوسع في استخدام تطبيقات الطاقة المتجددة اللامركزية الصغيرة وتطبيقات الطاقات البديلة.
وأشارت فؤاد إلى أن الفترة الماضية شهدت مصر تنفيذ العديد من المبادرات الضخمة للتخفيف وكان لتلك المشروعات نتائج ملحوظة في انخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة إلى جانب برنامج إصلاح سياسات الطاقة في مصر الذى بدأ في عام 2014 بفتح فرص استثمارية في مجال التخفيف ذات جدوى مالية، مما ساهم في تشجيع الأفراد والمؤسسات والمجتمعات من أصحاب المصلحة على تنفيذ مبادرات تحسين كفاءة استخدام الطاقة في القطاعات التجارية والسكنية والصناعية.
ولفتت الوزيرة، إلى أن قطاع الطاقة يعد أكبر مصدر للانبعاثات، فقد استثمرت الحكومة مليارات الدولارات في تطوير قدرات توليد الكهرباء.
وأكملت: تحتل الطاقة المتجددة مكانًا بارزًا في استراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة حتى عام 2035، حيث حددت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة الطاقة أهدافًا للطاقة المتجددة بنسبة 20٪ من مزيج الكهرباء بحلول عام 2022 و42٪ بحلول عام 2035.
وقد اجتذب برنامج تعريفة التغذية الذي أطلقته مصر في عام 2015 استثمارات في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع.
وأكدت وزيرة البيئة، أن الوصول إلى هدف «صفر كربون» بحلول عام 2050 يتطلب منهج مجتمعي متكامل وتضافر كافة الجهود لمواجهة مخاطر وتحديات تغير المناخ، الذي أصبح ضرورة قصوى وليس خيار، مشيرةً إلى أن مصر سوف تعمل من خلال رئاستها لمؤتمر الأطراف القادم على التأكيد على هذا الهدف والتأكيد على الوصول الى هدف صفر كربون.
الوزارة تتأخذ إجراءات هدفها التحكم في انبعاثات المنشآت الصناعية:
وفي هذا السياق، قال الدكتور مصطفى مراد، رئيس الإدارة المركزية لنوعية الهواء في وزارة البيئة، إن الدولة المصرية تقوم بمجموعة من الإجراءات تتمثل في التحكم في بعض مصادر الانبعاثات في أكثر من قطاع للسيطرة على الانبعاثات الضارة، موضحًا أن كل الإجراءات التي تتم في قطاع النقل حاليًا من استخدام مواصلات النقل الجماعي مثل المترو والاتوبيسات الكهربائية من شانه التقليل من نسبة الانبعاثات الكربونية في الجو.
وأضاف مراد، في تصريحات خاصة، لـ«مصر2030»، أن استخدام المواصلات الجماعية غير المضرة يساهم في قلة استخدام المواصلات الخاصة وبذلك فإن نسبة الطاقة تقل، وبذلك نسبة انبعاثات تأني أكسيد الكربون تقل في الغلاف الجوي، مشيرًا إلى أن التحول في بعض المشروعات واستخدام الغاز الطبيعي أيضًا أسلوب من أساليب الدولة في التحكم في نسبة الكربون في الجو.
وتابع مراد: أن هناك إجراءات مشددة تتم في قطاع الصناعة والتأكيد على نوع الوقود الذي يستخدم من قبل المنشآت الصناعية للحد من نسبة الانبعاثات الضارة، ونقوم برصد عن طريق محطات الرصد كافة الانبعاثات ونتأخذ إجراءات تجاه أي منشأة مخالفة.
وأشار مراد إلى أن أهمية محطات الرصد اللحظية تكمن في أنها تعطى لمتخذ القرار صورة عن الوضع البيئي والتغيرات التي تحدث ومن ثم تعطى إمكانية لاتخاذ ووضع سياسات لتحسين الوضع البيئي، وكذلك لها دور مهم في متابعة أداء السياسات والإجراءات البيئية والتنفيذية وتحديد مدى فاعليتها، والمحطة تحتوى على أجهزة رصد غازي أول وثاني أكسيد النيتروجين وغاز ثاني أكسيد الكبريت وغاز أول أكسيد الكربون وغاز الأوزون والجسيمات الصلبة ذات القطر أقل من 10 و2.5 ميكرومتر، بالإضافة إلى وحدة لرصد العوامل الجوية.
الكربون لا يضر الإنسان ولكنه يرفع درجة حرارة الكرة الأرضية:
وبدوره، قال صابر عثمان، المنسق الأسبق لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية في مصر، إن «الكربون» في الجو ليس له أضرار على الإنسان بصورة مباشرة، ولكن زيادته عن المعدل الطبيعي يؤدي إلى متوسط ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية ثم يؤدي إلى تغير في مظاهر الطقس، وذوبان الجليد.
وأضاف عثمان، في تصريحات خاصة لـ«مصر2030»، أن مصر إذا استطاعت خفض الكربون لدرجة الصفر وخفضت الانبعاثات بصورة كلية، فهذا لن يحل المشكلة، لآن وجود الكربون في الغلاف الجو هو ليست مشكلة دولة منفردة ولكنها مشكلة عالمية، فغاز ثاني أكسيد الكربون غاز متجانس في الغلاف الجوي.
وأشار عثمان إلى أن كافة الدول تعمل لإزالة «الكربون» من الغلاف الجوي لإرجاع درجة حرارة الكرة الأرضية إلى معادلتها الطبيعية والتي كانت 14 درجة مئوية، موضحًا أن درجة حرارة الكرة الأرضية زادت بمعدل درجة مئوية وهي نسبة كبيرة وهذا تسبب في مظاهر عديدة في حالة الطقس سواء فيضانات أو تغير درجة حرارة الجو في دولة معينة وإذابة الجليد، وسيول في بعض الأماكن.
وتابع عثمان أن الدولة المتقدمة مطلوب منها خفض نسبة الانبعاثات بصورة أكبر من الدول النامية لآنهم المتسبب الرئيسي في زيادة نسبة الكربون في الغلاف الجوي، لذلك تلجأ الدولة الكبرى حاليًا إلى ما يعرف بـ «بمنصة تسويق الكربون»، والتي تهدف أن تجعل هذه الدول المتسببة في أكبر نسبة من الانبعاثات من خفض جزء من انبعاثاتها وجزء أخرى في دول نامية سواء عن طريق منح للمساعدة في استخدام الطاقات المتجددة أو عن طريق دعم مشروعات بيئية تتم في هذه الدول.
وأشار عثمان إلى «المنصة» ستعمل على وضع أليات الحكومة ستنفذها بالتنسيق مع كافة الجهات من أجل دمج كل الشركات الكبرى بالمنصة وعلى رأسها شركات الأسمدة والبترول، خاصة مع حقبة المنح والحوافز المالية التي تم منحها للشركات مقابل خفض الانبعاثات للتشجيع على التوافق البيئى والمستدام.
نجحنا بخفض 10 ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون:
وبدورها، قالت الدكتورة سوسن العوضي، أخصائية علوم البيئة وتغير المناخ، إن من أهم وسائل خفض الانبعاثات الكربونية من الغلاف الجوي هو التحول نحو الطاقة المتجددة والبعد عن استخدام الوقود الأحفوري، موضحة أن مصر تمتلك أكبر محطة لتوليد الطاقة الشمسية في قارة إفريقيا، بالإضافة لاستراتيجية توليد طاقة الهيدروجين الأخضر.
وأضافت العوضي، في تصريحات خاصة، لـ«مصر2030»، أن مصر قادرة على السيطرة على كافة الانبعاثات الضارة، ففي عام 2021، مصر نجحت لرفع نسبة استخدام الطاقة المتجددة إلى 20٪، ووضعت خطة للوصول إلى نسبة 42٪ بحلول2035.
وتابعت وأن مصر أيضًا استطاعت إنتاج الأف الميغاوات من الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية، ومن خلال استخدام الطاقة النظيفة استطاعت مصر خفض نحو 10 ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال 2021، وتوفير 4 ملايين طن مكافئ نفط في الوقود.
وأشارت إلى أن قدرات مشروعات الطاقة النظيفة قيد التطوير في مصر بلغت نحو 3570 ميغاوات، باستثمارات أجنبية مباشرة تقارب 3.5 مليار دولار.
وأكدت على أن هذا التحول سيكون أحد عوامل إنجاح cop27 الذي نحن بصدد أن نستضيفه في نوفمبر المقبل بشرم الشيخ، وستدور المفاوضات الرئيسية فيه حول سبل خفض نسب الكربون العالمية.
وأكملت: على الرغم من أن مصر وإفريقيا كلها لا تساهم في نسب الكربون العالمية إلا أن خطط مصر التنموية وشعورها بالمسئولية تجعلها تضع خطط الطاقة المتجددة جنيا إلى جنب خطط الإعمار والتنمية حتى تحقق تنمية خضراء صفرية الكربون.
تقليل انبعاثات الكربون ينقذ حياة 153 مليون إنسان:
وتنص اتفاقية باريس للمناخ والتي أبرمت في عام 2015، على هامش القمة الحادية والعشرين للمناخ، في العاصمة الفرنسية (باريس)، على إلزام جميع الدول، البالغ إجمالي أعدادها 195 دولة، بمحاربة الأسباب المؤدية لتغيُّر المناخ، وخفض معدلات الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري؛ حتى يمكن خفض درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية.
وبحسب دراسة علمية أعدها باحثون من جامعة «ديوك» الأمريكية، ونُشرت في دورية «نيتشر كلايمت تشينج» فإنه يمكن إنقاذ حياة قرابة 153 مليون إنسان قد يتعرضون لخطر الوفاة المبكرة خلال هذا القرن، في حال سرَّعت الحكومات من إجراءاتها لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما يعني تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارة.
وأجريت هذه الدراسة على 154 مدينةً في عدد من الدول التي وقعت على اتفاقية باريس للمناخ، ووافقت على اتخاذ إجراءات لتقليل انبعاثات الكربون بغرض تقليل الارتفاع العالمي في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية.
كما يشير تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية بنهاية عام 2016، إلى أن نسبة 92% من سكان العالم يعيشون في مناطق تتجاوز فيها مستويات نوعية الهواء متوسط القيم المسموح بها سنويًّا بالنسبة لجسيمات المواد في المبادئ التوجيهية للمنظمة بشأن نوعية الهواء المحيط، والمحدّد قطرها بأقل من 2.5 ميكرومتر.
وتضم هذه المواد البالغ قطرها 2.5 ميكرومتر ملوِّثات، مثل الكبريتات والنترات والكربون الأسود، التي تتغلغل في أعماق الرئتين والقلب والأوعية الدموية، وتشكل المخاطر الكبيرة المهددة لصحة الإنسان.
كيف يمكن إزالة ثاني أكسيد الكربون من الجو؟
طاقة حيوية:
تقوم هذا الطاقة بأمتصاص ثاني أكسيد الكربون واحتجازه، على إنماء أشجار تمتصّ هذا الغاز خلال نموّها، ثمّ حرقها لتوليد طاقة (كتلة إحيائية) وطمر ثاني أكسيد الكربون المتأتي من هذه العملية.
زرع الأشجار:
ومنها ترميم الغابات وزرع الأشجار لامتصاص ثاني أكسيد الكربون واحتجازه من خلال التمثيل الضوئي، والعمل على توسيع المساحات المستزرعة.
امتصاص مباشر :
ومن التكنولوجيات الحديثة التي تثير أكبر قدر من الاهتمام، الامتصاص المباشر للكربون من الجوّ واحتباسه، وتساعد هذه العملية على استخراج الكربون وتحويله إلى مادة صلبة.
الصخور والمحيطات:
وتقوم إحدى التقنيات على قطع صخور غنية بالمعادن التي تمتصّ ثاني أكسيد الكربون، وسحقها ثم نشرها في التربة أو المياه، وتمتصّ المحيطات بدورها أكثر من 30 % من انبعاثات الكربون العالمية.