ما الواجب على المرأة إن أتاها الحيض في رمضان؟ الأزهر للفتوى يُجيب
أحمد العلامي مصر 2030يتساءل العديد من المسلمين عن الأحكام الفقهية والخاصة بالعبادات، والعقائد، وفي إطار اهتمامنا بالإجابة على تساؤلات القرَّاء حول فتاوى رمضان، ننقل لكم إجابة مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، على سؤال إحدى المواطنات قالت فيه: ما الواجب على المرأة إن أتاها الحيض في رمضان؟
وأجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى، عن السؤال بأن للحائض أحكامًا خاصة بها في رمضان، منها: أنها مُعفاةٌ من الصيام، ويجب عليها الإفطار إن جاءها الحيض وهي صائمة. ثانيًا: يجب عليها بعد شهر رمضان أن تسارع في قضاء الأيام التي أفطرتها في نهاره. ثالثًا: إذا كانت مريضة مرضًا مُزمنًا، أو كان الصيام يؤثر على صحتها ولم تستطع القضاء، فيجوز لها حينئذ أن تفدي «تُطعم» عن كل يوم أفطرته مسكينًا.
اقرأ أيضًا: فتاوى الشهر.. ما حكم الجماع عمدًا في نهار رمضان؟
حكم التقبيل في نهار رمضان
وسألت إحدى المواطنات أيضًا تقول: «احتضنني زوجي وقبلني في نهار رمضان قبل خروجه من البيت، وعندما خرج أخذت أستعد للصلاة، فوجدت بعض الماء في ملابسي، فهل أكون قد أفطرت هذا اليوم أم لا».
وللجواب على السؤال حكم الماء النازل من المرأة بسبب تحرك الشهوة، قالت دار الإفتاء بلسان المفتي الدكتور شوقي علام: «إذا كان ما وجدته السائلة في ملابسها من بللٍ ماءً رقيقًا أصفر، وأحست بقوة الشهوة، واللذة وقت خروجه، وبالفتور بعده، فهو منيٌّ، وفي هذه الحالة إن كان نزوله بسبب الفعل الوارد بالسؤال، فإن صومها يبطل، ويجب عليها القضاء باتفاق الفقهاء، وأما إذا كان الماء أبيضَ رقيقًا فهو مذي، وفي هذه الحالة لا يبطل صومها على رأي بعض الفقهاء، ومع ذلك يستحب لها القضاء بعد رمضان خروجًا من الخلاف.
اقرأ أيضًا: احذري من النشوز.. هذه الأفعال تجعل الزوجة ناشزًا وعقوبة رادعة
تدقيق الفتوى وتأصيلها
حكم الماء النازل من المرأة بسبب تحرك الشهوة، ما كان مبطلًا للصيام في حق الرجل أبطل الصيام أيضًا في حق المرأة؛ فلم يفرق الفقهاء عند ذكرهم لما يبطل الصيام بين الرجل والمرأة في شيء، بل صرح بعضهم بأن المرأة كالرجل سواء بسواء؛ قال العلامة أبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني الحنفي في "الأصل" المعروف بـ"المبسوط" (2/ 238، ط. إدارة القرآن والعلوم الإسلامية): [ولا يكون على المرأة قضاء إلا أن يكون منها مثل ما كان من الرجل] اهـ.
حكم الماء النازل من المرأة بسبب تحرك الشهوة، شهوة الفرج تحصل بإنزال المني الذي هو: ماء دافق يخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة، إلا أن المنيَّ عند المرأة يختلف عما هو عليه عند الرجل؛ فمنيُّ الرجل: ماء أبيض ثخين دافق ذو دفعات يخرج بشهوة، ويعقب خروجه فتور وانكسار للذكر، ورائحته عند الخروج رائحة طلع النخل، ويقرب من رائحة الطلع رائحة العجين، وإذا يبس فرائحته كالبيض، أما منيُّ المرأة: فماء أصفر رقيق.
حكم الماء النازل من المرأة بسبب تحرك الشهوة، من المقرر أن الاستمناء -أي: إنزال المنيِّ باختيار الصائم ولو بلا جماع؛ وذلك كالاستمناء بالكف، أو بالتبطين والتفخيذ، أو باللمس والتقبيل ونحوهما- يبطل الصيام، وذلك باتفاق الفقهاء؛ فيرى الحنفية والشافعية والحنابلة أن من فعل شيئًا من ذلك فأمنى وجب عليه القضاء فقط؛ قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (2/ 93، ط. دار الكتب العلمية): [ولو جامع امرأته فيما دون الفرج فأنزل، أو باشرها، أو قبلها، أو لمسها بشهوة فأنزل يفسد صومه، وعليه القضاء ولا كفارة عليه. وكذا إذا فعل ذلك فأنزلت المرأة] اهـ.
المذي ماء يخرج قبيل خروج المني
ومما يخرج من الفرج أيضا المذي، وهو: ماء رقيق يضرب إلى البياض يخرج من ذكر الرجل أو فرج الأنثى عند الملاعبة أو تذكر الجماع، وهو عند الأنثى أكثر وأغلب منه عند الرجل؛ قال العلامة الشرنبلالي المصري الحنفي في "مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح" (ص: 44، ط. المكتبة العصرية): [مَذْيٌ بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وكسرها، وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند شهوة، لا بشهوة ولا دفق، ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، وهو أغلب في النساء من الرجال] اهـ.
واختلف الفقهاء فيما إذا كان خروج المذي يبطل الصوم أم لا، ويرى الحنفية والشافعية أن خروج المذي وإن كان عن قبلة أو لمس ليس من مبطلات الصيام؛ قال العلامة أبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني الحنفي في "الأصل" المعروف بـ"المبسوط" (2/ 238): [قلت: أرأيت الصائم... قلت: فإن لمس حتى يمذي قال: لا قضاء عليه ولا كفارة؛ لأن المذي ليس بشيء] اهـ.
اقرأ أيضًا: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده» ما المقصود من الحديث؟
وقال العلامة القليوبي الشافعي في "حاشيتا قليوبي وعميرة" (2/ 74، ط. دار الفكر): [ولا يفطر بخروج المذي والودي خلافا للإمام أحمد] اهـ. أي: وإن كان الخروج عن قبلة أو لمس؛ حيث يرى الحنابلة أن المذي إذا نزل عن قبلة أو لمس أفسد الصوم، وإلا فلا؛ قال العلامة المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (3/ 301، ط. دار إحياء التراث العربي): [إذا قبّل أو لمس فأمذى فسد صومه. هذا الصحيح من المذهب، نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب] اهـ.
ويرى المالكية أن الصائم إذا قبّل أو باشر أو فكر أو نظر فأمذى لشيء من ذلك وجب عليه القضاء سواء أدام أو لا؛ قال العلامة صالح بن عبد السميع الآبي الأزهري في "الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (ص: 311، ط. المكتبة الثقافية، بيروت): [ومن التذّ في نهار رمضان بمباشرة أو قبلة فأمذى لذلك؛ أي: للمباشرة أو القبلة، ومثلهما الفكر والنظر، فيجب القضاء بالمذي الناشئ عنهما؛ أدام أو لا] اهـ.
خلاصة الفتوى استنباطًا من آراء الفقهاء
حكم الماء النازل من المرأة بسبب تحرك الشهوة، بناء على ذلك: فإذا كان ما وجدته المرأة من بللٍ في ملابسها ماءً رقيقًا أصفرَ فهو منيٌّ، وقد بطل صومها ووجب عليها القضاء، وذلك باتفاق الفقهاء، أما إذا كان البلل ماءً أبيضَ رقيقًا، فهو مذي لم يبطل به صومها على ما ذهب إليه فقهاء الحنفية والشافعية، ويستحب لها أن تعيده بعد انقضاء الشهر خروجًا من خلاف المالكية والحنابلة في ذلك.
اقرأ أيضًا: فتاوى رمضان.. احتلمت في الصِّيام فهل عليَّ القضاء؟