«حيلة حلال».. كيف تحصل على قرض حسن دون اللجوء إلى الربا؟
أحمد العلامي مصر 2030تظل مسألة فوائد البنوك بين إباحة دار الإفتاء لها، وتحريمها عند بعض العلماء؛ استنادًا إلى قوله سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)، وقوله أيضًا: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ).
وروى مسلم في صحيحه عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لُعِنَ آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء».
اقرأ أيضًا: قصر عمر بن الخطاب في الجنة.. بشره به النبي ﷺ
بينما أفتى الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن فوائد البنوك لا علاقة لها بالربا، لأن العلاقة بين العميل والبنك علاقة تمويل وليست علاقة قرض، ففوائد البنوك جائزة ولا شيء بها.
حيلة التورق لمنع الربا
ومما سبق، خرجت تعاملات جديدة مثل «التورُّق» أو كما يسميها البعض «الوعدة»، والتي تهدف إلى الهروب من هذا اللبس بين الفتاوى الحديثة، والنصوص القرآنية الحاكمة، كذا الأحاديث النبوية المطهرة التي تؤكد أن آكل الربا ملعون -يعني مطرود من رحمة الله-، وليس فقط آكل الربا بل المعين عليه وكاتبه وشاهده، وهو وعيد شديد لمن يقبل على هذا الأمر.
اقرأ أيضًا: بر الوالدين.. أحب الأعمال إلى الله ووصية الرسول ﷺ
والتورق عند الفقهاء هو أن يشتري الشخص سلعة نسيئة أي بالأجل «التقسيط»، ثم يبيعها نقدًا لغير البائع بأقل مما اشتراها به ليحصل على النقد حاضرًا، وهو أمر جائز عند جمهور العلماء؛ استدلالًا بقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، كما أنه لا دليل على تحريمه من نص صريح من كتاب الله تعالى، ولا من سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم.
وقال في كشاف القناع: «ولو احتاج إنسان إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بمائة وخمسين مثلا فلا بأس بذلك نص عليه وهي أي هذه المسألة تسمى مسألة التورق من الورق وهي الفضة».
وصدر بجوازه قرار مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشرة، وجاء فيه ما نصه: «إن بيع التورق هذا جائز شرعا وبه قال جمهور العلماء؛ لأن الأصل في البيوع الإباحة؛ لقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، ولم يظهر في هذا البيع ربا لا قصد ولا صورة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين، أو زواج أو غيره».
اقرأ أيضًا: تلاوات خاشعة.. أفضل 20 قارئًا للقرآن الكريم (روابط مباشرة)
وأجاز مجمع الفقه الإسلامي، هذا البيع مشروطًا بأنه لا يبيع المشتري السلعة بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الأول مباشرة، ولا بواسطة فإن فعل فقد وقع في بيع العينة المحرم شرعًا لاشتماله على حيلة الربا فصار عقدًا محرمًا.
وصدرت فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، بأن التورق لا بأس به عند جمهور العلماء، وأن جمهور العلماء على إباحته سواء من سماه تورقا وهم الحنابلة، أو لم يسمه بهذا الاسم وهم من عدا الحنابلة؛ لعموم قول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، ولقوله صلى الله عليه وسلم لعامله على خيبر: «بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا».
وقال الدكتور أحمد رجب الواعظ الديني، إن هذه المسألة تُخرج المسلم من أزمة الوقوع في الربا، إذ يمكنه أن يشتري شيئًا بالتقسيط ثم يذهب بعد تملكه ليبيعه ولو بسعر أقل مما اشتراه ليحصل بذلك على مبلغ المال نقدًا؛ ثم يقوم بتقسيط الدين عليه وهو بذلك أمر مباح شرعًا، بدلًا من الموقوع في مشكلة القروض الربوية.
اقرأ أيضًا: نهاية العالم.. هل الحرب الروسية الأوكرانية هي الملحمة الكبرى؟