معبد «دندرة» تحفة أثرية وأيقونة في احتفالات قنا بعيدها القومي


بعد الانتهاء من أعمال ترميمه وتطويره، وإعداد المنطقة المحيطة به كمتحف مفتوح، دشنت وزارة السياحة والآثار عودة معبد «دندرة» الواقع بمحافظة قنا، إلى الخريطة السياحية، بمؤتمر دولي هو الأول من نوعه بعنوان «دندرة والدراسات البطلمية- المعابد المصرية في العصرين البطلمي والروماني»، حيث ألقى المؤتمر الضوء على تاريخ المعبد وأهميته.
نبذة تاريخية
شيد معبد دندرة لعبادة الإلهة حتحور إلهة الحب والجمال والأسرة عند قدماء المصريين، على الشاطئ الغربي من النيل، ويرجع تاريخ بناءه إلى العصر اليوناني الروماني حيث بناه الملك بطليموس الثالث من الحجر الرملي، ويتميز المعبد بفن معماري فريد وغني باللوحات والنقوش.
كما زينت جدران وأعمدة المعبد بكتابات هيروغليفية وتماثيل محفورة بالغة الدقة والجمال، وتبين النقوش الموجودة على الجدران الداخلية للمعبد القياصرة الرومان «أغسطس- تبريوس- نيرو» يقدمون القرابين إلى الآلهة على النحو الذي كان يتبعه قدماء المصريين.
مناظر فلكية
يتميز المعبد بمناظره الفلكية التي تزين أسقفه التي تعتبر تحفة إبداعية فهو من أبرز التحف المعمارية في تاريخ مصر القديمة، ويمكن الوصول إلى السقف العلوي عن طريق سلالم مزينة بمناظر للمواكب الكهنوتية وهم صاعدين على السلالم حاملين تماثيل حتحور في نقوش فرعونية رائعة، وهي تمثل الاحتفالات برأس السنة.
واجهة معبد حتحور
تعد واجهة معبد حتحور من أروع الواجهات الفرعونية القديمة الخاصة بالمعابد يبلغ عرضها 35 مترًا وارتفاعها 12.5 متر يتصدر واجهة المعبد أعمدة ضخمة رائعة أعلاها متوجب رسومات لرؤوس الإله حتحور «الأوجه الحتحورية»، وكذلك معبد الولادة الإلهية الثاني الذي شيد في عهد أغسطس، والذي يحتوي على نقش بارز يجسد بوابة وهمية تصل إلى العالم الآخر، يعلوها ثلاثة أقراص للشمس المجنحة، ثم صفًا من أفاعي الكوبرا المتوجة بأقراص الشمس ويبلغ عدد الأعمدة التي تحمل سقف قاعة المعبد 24 عمودًا، بالإضافة إلى عدد كبير في باقي المعابد من الداخل وتحاط هذه الأعمدة بمجموعة من الغرف لتقديم القرابين.
مكونات معبد دندرة
يتميز معبد دندرة بتيجان حتحورية، إضافة إلى سراديب عددها 14 سردابًا أسفل المعبد أو داخل جدرانه، ويحيط بالمعبد سور مشيد من الطوب اللبن، وشيد هذا المعبد على أطلال معبد فرعوني يرجع إلى الدولة القديمة، وتحديدًا أيام الملك خوفو من الحجر الرملي.
مشروع الترميم والتطوير
بدأ المجلس الأعلى للآثار مشروع أعمال ترميم وصيانة المعبد منذ عام 2005 ثم توقفت عام 2011 ثم استأنفت عام 2017، بـعــد الانتهاء من الدراسات العلمية والأثرية اللازمة ، بالإضافة إلي الدراسات التجريبية المتأنية باستخدام أفضل الأساليب والتقنيات الحديثة، حيث كان يعاني المعبد من تدهور للنقـوش الجـدارية وماتحملها من ألوان نتيجة لطبقات السناج الناتجة عن تصاعدا لأدخنة بسبب عوامل عديدة منها استخدام المعبد للسكن في عصــور سابقة جراء طهـي الطـعام، وحرق الأخشاب واستخدامها للإضاءة، بالإضافة إلى الأتربة والعـوالق السطحـية التي تحدثها الرياح.
متحف مفتوح
بدأ مشروع تطوير فناء معبد دندرة في عام 2019، بالتعاون مع البعثة الأثرية الفرنسية لتحويله إلى متحف مفتوح للقطع والعناصر الأثرية الحجرية التي كانت ملقاة على أرض المعبد منذ اكتشافها، حيث تم وضعها على عدد من المصاطب الحجرية في الجهة اليسرى من بوابة الدخول الرئيسية للمعبد، كما تم وضع القطع التي كانت موجودة بمخزن الماميزي «بيت الولادة» بالمعبد.
ثلاثة سراديب
تم افتتاح ثلاثة سراديب وبانوراما «سطح» في فبراير 2020 معبد دندرة بعد الانتهاء من مشروع ترميمهما، على أن يكون افتتاح بانوراما «سطح» معبد دندرة نقطة جذب سياحي جديدة، وتعتبر السراديب الثلاثة، التي تم افتتاحهم للزيارة ضمن 12 سردابًا كانوا مغلقين بالمعبد ماعدا واحد منها فقط موجود خلف قدس الأقداس كان مفتوحًا للزيارة، أما الإحدى عشر سردابًا الباقية مغلقة وتم الانتهاء من ترميم ثلاثة منهم وافتتاحهم للزيارة ليرتفع عدد السراديب المسموح بزيارتها إلى أربعة، بالإضافة إلى بانوراما «سطح» المعبد الذي تم الانتهاء من ترميمها وافتتاحها أيضًا للزائرين بعد غلقها لسنوات طويلة.
أعمال المرحلة الأولى من مشروع الترميم والتطوير
شملت أعمال المرحلة الأولى من مشروع الترميم والتطوير، ترميم الماميزي «بيت الولادة الروماني»، وبوابة المعبد الرئيسية في الجهة الشمالية وإظهار الألوان الموجودة بعتب وسقف البوابة، وتنظيف سلم النزول المستقيم بالمعبد وصالة الأعمدة الكبرى، وثلاثة سراديب وسطح المعبد.
أعمال المرحلة الثانية من مشروع ترميم وتطوير معبد دندرة
انتهت أعمال المرحلة الثانية من مشروع ترميم وتطوير معبد دندرة بمدينة قنا، وشملت أعمال هذه المرحلة ترميم وتنظيف صالة الأعمدة الكبرى وصالة الإشراق «التجلي الثانية» وتطوير نظم الإضاءة الداخلية والخارجية للمعبد، كما أن الأعمال ما زالت مستمرة داخل الحجرات الجانبية المحيطة بصالة التجلي الثانية تمهيدًا لافتتاحها قريبًا.
أعمال الصيانة والترميم
تضمنت أعمال الصيانة والترميم، إزالة السناج من على الأسطح الأثرية المشيدة من الحجر الرملي، عن طريق استخدام الكمادات الورقية لإزالتها، بالإضافة إلى مرحله الترميم الميكانيكي الدقيق لإزالة ما تبقى منها وتثبيت الألوان واستكمال الـفجـوات المتواجدة بالجـدران والأسقف واستبدال الاستكمالات القديمة، ما أدى إلى إظهار النقوش بألوانها الأصلية ووضوح المناظر والنصوص، فضلًا عن استمرار أعمال الترميم للانتهاء منها في الوقت المحدد.
تفاصيل أعمال الترميم
يعد هذا المشروع من المشروعات المهمة التي أولتها وزارة السياحة والآثار اهتمامًا بالغًا، تنفيذًا لاستراتيجيتها في تطوير المواقع الأثرية في كل محافظات مصر، لما لهذا من مردود إيجابي في الترويج السياحي لمصر، نظرًا لمكانة معبد دندرة الأثرية، والذي اكتسب أهميته كونه مخصص لعبادة الإله حتحور رب الحب والجمال والموسيقى عند المصري القديم.
بدأ فريق الترميم العمل في صالة الأعمدة الثانية والمعروفة بصالة الإشراق أو التجلي، والتي تتكون من 6 أعمدة، قاعدتها من صخر الجرانيت وأبدانها وتيجانها من الحجر الرملي، إضافة إلى 5 حجرات مليئة بالنقوش والألوان شديدة الجمال.
وتشمل أعمال الترميم قدس أقداس المعبد ومقصورة الإلهة «نوتو» البحيرة المقدسة، وتطوير الممشى الرئيسي الحجري للمعبد بترميمه وتسهيل الزيارة لأصحاب الهمم، إضافة إلى تطوير سيناريو الإضاءة، وذلك بالاشتراك مع كل الإدارات المعنية بالمجلس الأعلى للآثار.
تمت أعمال الترميم في الصالة الثانية وحجراتها وتشمل إزالة طبقات السناج الكثيفة الناتجة من آثار حريق شديد تعرض له المعبد في الأزمنة الغابرة بسبب عقائدي، أو نتيجة استخدام المعابد الأثرية، خاصة الواقعة في المناطق الصحراوية للسكن من قبل أقباط مصر هروبًا من اضطهاد أحد أباطرة الرومان.
وتتم الأعمال استكمالًا لما تم من تجارب سابقة وأبحاث ودراسات مستفيضة للوصول إلى أنسب المواد والتطبيقات التي تتناسب مع كل حالة على حدة، لاختلاف الفعل المدمر الناتج عن الحريق أو الأدخنة المتصاعدة من جراء الممارسات البشرية فى استخداماتهم اليومية لإظهار النقوش والألوان المزينة لها.
كما يتم تقوية وعزل هذه الزخارف بمواد تقوية حديثة أقرتها الأبحاث والدراسات الأكاديمية في مجال ترميم الآثار، واستكمال الأجزاء المفقودة في بعض جدران صالة الأعمدة لدرء المخاطر الناجمة عن مخلفات الطيور بالتخلص من تلك الفجوات لمنع وقوفها عليها من جهة، والمحافظة على الشكل الأثري من جهة أخرى باستخدام مونات مناسبة بمكونات متجانسة مع مادة تشيد الأثر وغير ضارة بها، مع التأكيد على أحداث التمايز بين الأجزاء المستكملة، إما بنسيج مونة الاستكمال أو اللون أو اختلاف مستوى سطح مونة الاستكمال، فضلًا عن أن أعمال الترميم بالصالة الثانية قاربت على الانتهاء، سواء في الجدارين الغربي والشرقي، كما تم الانتهاء من أكثر من 50% من ترميم حجرة البخور والماء المقدس والحجرة المؤدية إلى السلم في الناحية الشرقية.
ترميم حجرة معبد دندرة
يذكر أن الأعمال الخاصة بالحجرتين الباقيتين «الفضة- المحاصيل» قد انتهت بنسبة 100%، وجاري التجهيز لإجراء بعض العينات لقدس أقداس المعبد ومقصورة الإلهة «نوت»، لبدء العمل بها بالتوازي فور الانتهاء من ترميم الصالة الثانية، إضافة إلى تهيئة المتحف المفتوح ليكون المعبد منارة وأيقونة في احتفالات محافظة قنا في عيدها القومي في 3 مارس المقبل.