غزوة بدر الكبرى.. لماذا سُميت بيوم الفرقان؟


هاجر الرسول للمدينة بعد ما اشتد تعذيب قريش للمسلمين ففروا بدينهم، "الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ"، واستقر المسلمون فى المدينة ثم أذن الله للمسلمين بالقتال.
"أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ".
علم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقدوم قافلة من الشام لمكة محملة بأموال قريش بقيادة أبو سفيان، فقال الرسول: (هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله أن ينفلكموها) أى يجعلها غنيمة لكم، فخرج من المسلمين 319 رجلا، لكن أبو سفيان غير طريق القافلة وأرسل يستنجد بقريش فخرجت بألف مقاتل لقتال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فاستشار الرسول الصحابة وأيده المهاجرون والأنصار، وقام المقداد بن عمرو وقال:(يا رسول الله امضى لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون).
ورأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثباتهم وإجماعهم قال:(سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله قد وعدنى إحدى الطائفتين والله لكأنى الآن انظر إلى مصارع القوم).
وبدأ بتنظيم الجيش وتحديد مكان تمركزهم فأخذ بنصيحة الحباب بن المنذر، فجعل ماء بدر خلفهم ليمنعو الكافرون عنه وبات الرسول يتضرع إلى ربه (اللهم أنجز لى ما وعدتنى اللهم آت ما وعدتنى اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد بعدها فى الأرض) حتى آتاه أبو بكر، وقال (يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك)، وانزل الله فى الليل مطر خفيف يثبت به القلوب ويطهرها من وساوس الشيطان: "إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ"
وفى ١٧ رمضان من السنة الثانية من الهجرة، التقى الجيشان فى ملحمة كبيرة حارب فيها المسلمون والملائكة جنبًا الى جنب "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ"، ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحارب معهم، وهو يقول:(سيٌهزم الجمع ويولون الدبر)، وأخذ حفنة من التراب وألقاها على المشركين فلم يسلم أحد من تلك الحفنة إلا وقد أصابت عينه وفمه "وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى"، ومنّ الله بالنصر على المؤمنين، ونزل قوله تعالى :"وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"
هرب المشركون وتركوا غنائم كثيرة، وبلغ قتلاهم 70 قتيلاً من بينهم أبو جهل وأمية بن خلف وعتبة وشيبة ابن ربيعة، وبعض زعماء قريش وأسر 70 أسيراً استشار الرسول فى شأنهم، فكان رأى عمر ـرضي الله عنه ـ أن يقتلوا، ورأى أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ أن يفدوا أنفسهم بالمال أو بتعليم عشرة مسلمون الكتابة، وأخذ النبى برأي أبو بكر، ولكن نزل القرآن موافقًا لرأى عمر معاتبًا الرسول على أخذ الفدية،"ما كانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرى حَتّى يُثْخِنَ في الأرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".
تعتبرغزوة بدر من المعارك الفاصلة فى تاريخ الإسلام، وعُرفت بيوم الفرقان؛ لأن الله عز وجل فرّق بها بين الحق والباطل، قال تعالى:"إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِير"ٌ.
وازدادت قوة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى المدينة، وأعلن بعض المشركين إسلامهم نفاقًا للرسول ودخل عدد كبير من مشركي مكة فى الإسلامن فاطمأنت قلوب مسلمى مكة بأن يوم الفرج قريب وازدادوا إيمانًا على إيمانهم.