”عمود جد” يعود لعصر ما قبل الأسرات.. وعرف بكونه تعويذة تحمي من الشر
سارة مراد مصر 2030تعتبر مصر ضمن أبرز الدول التي عرفت بتاريخها الحضاري القديم، هذا التاريخ الذي يعد إرثًا ثمنيًا تركه المصريين القدماء لأحفادهم، ما جعل العالم أجمع يتحدث عن تاريخ تلك الحضارة ومدى الدقة والعلم والمعرفة التي توصلوا إليها خلال عصرهم.
ويعد من بين هذه الآثار التي عرفت بكونها أحد أهم رموز الحضارة المصرية القديمة، وأكثرها غموضًا هو "عمود جد"، والذي يعني البقاء أو الدوام.
يعرف رمز "جد" منذ عقود ما قبل التاريخ في مصر قبل عهد الأسرات، وتأكد ذلك من تشكيل له في أحد القبور التي عثر عليها في حلوان، وهو يعود إلى زمن ما قبل الأسرات، فكان محبوبًا كتعويذة تحمي من الشر.
يتمثل "عمود جد" في شكل عمود تعلوه أربعة طبقات من زهرة اللوتس، علامة على "الدوام" و "البقاء"، نجده يكتب كثيرًا إلى جانب اسم فرعون مع عنخ رمز الحياة وصولجان واس رمز السلطة، بمعنى "عسى أن يبقى (فرعون) حاكماً حياً على الدوام".
اللوحة: عمود جد يحيطه عنخ من ناحية وصولجان واس من الناحية الأخرى، بمعنى "حياة وحكم دائم
واختلف الباحثون في القديم في تفسير معناه، فالباحث "ألان جاردنر" يرى فيه أنه حزمة من سيقان البردي، بمعنى "الترابط يعطي القوة"، وآخرون يرون أنه يمثل العمود الفقري لأزوريس ورمز الاستقرار.
من الأشياء المرتبطة بعمود جد هي "طقوس إقامة عمود الجد" الغامضة، التي كانت تقام في مدينة أبيدوس المقدسة موطن الحج، حيث تتحدث بعض النصوص المصرية عن تلك الطقوس.
ونرى أيضًا نقوش بمعبد أبيدوس، تصور الملك سيتى الأول يحاول أن يقيم عمود جد مائل، لأن عمود جد هو رمز الاستقرار والثبات، ويجب أن يكون مستقيمًا قائمًا.
ومن المدهش أن نكتشف أن درجة ميل عمود جد بمعبد أبيدوس هي نفس درجة ميل محور الأرض (23.24 درجة)، حيث استخدم المهندس المصري العبقري "أمحوتب"، أشكال عمود الجد لاستقطاب الطاقة وإعادة توزيعها فى محيط حقل سقارة للطاقة.
كما اعتقد المصريون القدماء أن عمود جد يربط ويصل الأرض بالنجم القطبي، لاسيما أنه كان معروفًا لدى القدماء المصريين أن الأرض تدور دائمًا حول نفسها و حول الشمس وأيضًا تتأرجح في مدارها فيما يعرف في علم الفلك بظاهرة الـ"Earth Wobble"، في حين أن النجم القطبي هو أكثر النقاط ثباتًا في القبة السماوية، وبالتالي فإن عمود الجد دوره أن يربط بين ما هو متغير و بين ما هو ثابت ويظهر دوره وأهميته في الأزمنة العصيبة، حيث تميل الأمور ولا تستقر الحياة.
هذه العبقرية والرمزية المرتبطة بعمود الجد جعلت البطالمة يلجأوا إلى تخليد هذا العمود بمعبد إدفو، والذي تم بناؤه بتوجيهات من تحوت، في وقت عصيب كانت تمر فيه الأرض بكوارث وتتحدث عن دمار جزيرة تعرف بجزيرة النار، وهنا يبرز دور عمود جد كما ذكرتها نصوص إدفو أن "عامود جد أدى دوره فى الزمن العصيب".
إقرأ أيضًا: سمي بـ”ابت رسيت”..معبد الأقصر أشهر و أفضل المعابد المصرية حفظاً وجمالاً