هل كثرة الضحك حرام شرعا وتميت القلب؟ اعرف الضوابط الشرعية للمزاح الحلال
إسلام محمود مصر 2030هل كثرة الضحك حرام شرعا؟ الضحك مباح في الأصل، لكنه إذا تجاوز الحد المعتاد بلغ درجة الكراهة التنزيهية، ولذلك ذمه السلف ونهوا عنه وفي الحديث: «ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب»، وقال الحسن البصري رحمه الله: «ضحك المؤمن غفلة من قلبه»، والمقصود هنا الضحك المكروه.
مفهوم المزاح وضوابطه
المزاح: هو الدعابة ونقيض الجد؛ فهو كلام يراد به الانبساط مع الغير على جهة التلطف والاستعطاف دون أن يفضي إلى إيذاء أحد، والمزاح من وسائل الترويح عن النفس التي يتناولها الناس في حياتهم من أجل تناسي الهموم، وتخفيف الضغوطات اليومية، والتسلية، والتخلص من الملل، وإدخال السعادة والسرور على الآخرين؛ وذلك بنحو ذكر طرفة أو نكتة أو نحوها مما يذهب الملل عن النفس والأخرين، ويدخل السرور عليهم؛ والمزاح الذي يخلو من إيذاء الآخرين، ويشتمل على إدخال السرور عليهم من أحب الأعمال إلى الله عز وجل؛ روى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم».
حكم المزاح في الإسلام
والأصل في المزاح الإباحة، وقد يستحب إذا كان بقصد التلطف وإدخال السرور على الآخرين، وتطييب نفوسهم ومؤانستهم، وما أشبه ذلك، ولا يكون جائزا إذا اشتمل على نحو كذب، أو ترويع أحد، أو كلام فاحش بذيء، أو أي قول أو فعل محرم؛ كالغيبة والنميمة والاستهزاء والسخرية، أو كان عادة مفرطة، أو إذا أضر بالآخرين.
النهي عن الإكثار من الضحك والمزاح
ينبغي على المسلم ألا يكثر من الضحك المزاح ولا يداوم عليه؛ لأن كثرة المزاح تميت القلب، وتسقط الوقار، وتشغل عن ذكر الله؛ جاء في "سنن الترمذي" و"ابن ماجه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تكثروا الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب»؛ قال الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين": «اعلم أن المنهي عنه؛ الإفراط فيه أو المداومة عليه، أما المداومة؛ فلأنه اشتغال باللعب والهزل فيه، واللعب مباح ولكن المواظبة عليه مذمومة، وأما الإفراط فيه؛ فإنه يورث كثرة الضحك، وكثرة الضحك تميت القلب، وتورث الضغينة في بعض الأحوال، وتسقط المهابة والوقار، فما يخلو عن هذه الأمور فلا يذم».
وقال الشيخ العدوي في "حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني": «ومن الفرائض: صون اللسان عن الباطل كله.. ومنه كثرة المزاح)؛ أي ومن الباطل الذي صون اللسان عنه واجب كثرة المزاح، علله الأقفهسي بقوله: لأنه يؤدي إلى رفع الهيبة والشر. وقال بعض الحكماء: لا تمازح الشريف فيحتقرك ولا الدنيء فيجترئ عليك إلى أن قال: ويستعان على ترك هذه الأشياء بالخلوة ومجانبة الناس».
الاعتدال بين الجد والمزاح
ينبغي على الإنسان أن يوازن بين الجد والمزاح، ويكون المزاح في كلامه كالملح في الطعام إن عدم أو زاد عن الحد فهو مذموم؛ فلكل مقام مقال؛ فقد أخرج البغوي في "شرح السنة" عن ثابت بن عبيد رضي الله عنه قال: "كان زيد بن ثابت رضي الله عنه من أفكه الناس في بيته؛ فإذا خرج كان رجلا من الرجال".
قال الإمام الماوردي في "أدب الدين والدنيا: «قال أبو الفتح البستي:أفد طبعك المكدود بالجد راحة ... يجم وعلله بشيء من المزح.. ولكن إذا أعطيته المزح فليكن ... بمقدار ما تعطي الطعام من الملح».