بعد إثارة الجدل.. ماذا وراء إقبال الطلاب للالتحاق بالمعاهد الأزهرية؟
علي فوزي مصر 2030شهد التعليم الأزهري في مصر إقبالاً كبيراً خلال الفترة الأخيرة، حيث أشارت تقارير إعلامية محلية إلى تقديم أكثر من 440 ألف طلب للالتحاق بالمعاهد الأزهرية في مرحلتي "الروضة" و"الابتدائي" للعام الدراسي المقبل. هذا الإقبال غير المسبوق أثار جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وانقسمت الآراء بين من يرى فيه دليلاً على استمرار شعبية التعليم الأزهري، وبين من اعتبره مؤشراً على تحديات يواجهها هذا القطاع التعليمي في استيعاب هذه الأعداد الكبيرة.
في هذا السياق، علق الكاتب خالد منتصر بتدوينة ساخرة على حسابه في "فيسبوك"، معبراً عن مخاوفه من أن هذه الظاهرة تعاكس مسار الحداثة الذي يسعى إليه المجتمع. تدوينة منتصر أثارت ردود فعل متباينة؛ فمن جهة، انتقد البعض التعليم الأزهري معتبرين أنه يعاني من مشكلات تتعلق بجودة التعليم ومخرجاته. ومن جهة أخرى، دافع مؤيدو التعليم الأزهري عن مستوى الخريجين، مؤكدين أن الأزهر يمثل صرحاً تعليمياً يرسخ القيم الدينية المعتدلة، ويرون أن الصورة الذهنية السلبية التي تُروج حول التعليم الأزهري لا تعكس الحقيقة.
التفاعل مع هذا الخبر لم يقتصر على "فيسبوك"، بل امتد إلى منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، حيث سجل العديد من المدونين إشادات بما وصفوه بالطفرة التي شهدها التعليم الأزهري خلال السنوات الماضية، لا سيما في مجالات التطوير التربوي والبنية التحتية. في المقابل، أبدى آخرون قلقهم بشأن قدرة الأزهر على التعامل مع هذه الأعداد المتزايدة من الطلاب، مشيرين إلى ضرورة تحسين البيئة التعليمية لتتمكن من استيعابهم دون التأثير على جودة التعليم.
من جانبه، صرح الدكتور أحمد الشرقاوي، وكيل قطاع المعاهد الأزهرية لشؤون التعليم، بأن العدد الكبير للمتقدمين ليس نهائياً، حيث سيتم مراجعة الأوراق المقدمة للتأكد من استيفاء الشروط. وأضاف أن العام الماضي شهد استقبال 280 ألف طالب، ما دفع الأزهر إلى دراسة آليات جديدة للتعامل مع الأعداد الكبيرة المتقدمة هذا العام. ولفت إلى أن المعاهد قد تضطر إلى استغلال الفراغات والحجرات الإدارية، بالإضافة إلى استخدام الفناءات بما لا يؤثر على معايير الجودة.
في هذا الصدد، أعربت النائبة فريدة الشوباشي عن رأيها في الإقبال على التعليم الأزهري، معتبرة أنه يعكس رغبة أولياء الأمور في تعليم أبنائهم صحيح الدين في بيئة تربوية تعتمد على الوسطية والاعتدال. وأشارت إلى أن المناهج الأزهرية قد خضعت لتطوير وتنقيح خلال السنوات الماضية، متمنية أن تركز هذه المناهج على بناء الإنسان بجانب العلوم الدينية.
يذكر أن الأزهر أطلق قبل عامين "الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعي 2022-2030"، التي تهدف إلى تطوير النظام التعليمي في المعاهد الأزهرية من خلال تحسين البنية التحتية الرقمية ورفع جودة الخدمات التعليمية. ومع وجود أكثر من 11 ألف معهد أزهري على مستوى الجمهورية، تتطلع هذه الخطة إلى ضمان تكامل السياسات والقوانين المنظمة لهذا التعليم.
على الرغم من أن البعض يعزو زيادة الإقبال إلى انخفاض الرسوم الدراسية مقارنة بالمدارس الحكومية والخاصة، إلا أن الدكتور الشرقاوي يؤكد أن المسألة تتجاوز ذلك، مشيراً إلى مكانة الأزهر الراسخة في قلوب المصريين ورغبتهم في أن يستفيد أبناؤهم من التعليم الذي يقدمه، حيث يتيح للأبناء دراسة المواد التعليمية بجانب المواد الشرعية، مما يصقل معرفتهم بالدين ويسهم في بناء شخصياتهم.