كيف يعيش اللبنانيون واقع الحرب؟
علي فوزي مصر 2030منذ اغتيال القيادي في "حزب الله" فؤاد شكر في أواخر الشهر الماضي، يعيش لبنان حالة من الترقب والقلق، حيث يترقب المواطنون ردّ الحزب المتوقّع على هذا الاغتيال، وسط مخاوف من توسّع التصعيد إلى حرب شاملة.
هذا الوضع المتوتر انعكس بشكل كبير على الحياة اليومية للبنانيين وعلى مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
كانت هناك توقعات إيجابية بانتعاش موسم الصيف في لبنان بعد فترة من التأقلم مع الحرب المستمرة منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول). فعادت الحياة إلى المطاعم والمقاهي، وتم تنظيم العديد من الحفلات التي كانت تستقطب كبار الفنانين. ولكن، بعد الاغتيال وتصاعد التهديدات، أُلغيت معظم هذه الفعاليات، وتقدّر الخسائر الناجمة عن ذلك بنحو 3 مليارات دولار.
الوضع لم يقتصر فقط على إلغاء الفعاليات، بل شهد مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت تحولًا ملحوظًا؛ ففي حين كانت قاعات الوصول في المطار تزدحم بالوافدين، خصوصًا من المغتربين اللبنانيين خلال شهر يوليو (تموز)، أصبحت اليوم شبه خالية. وفي المقابل، أصبحت قاعات المغادرة مكتظة بالمغادرين، تحت تأثير تحذيرات السفارات الأجنبية لرعاياها بمغادرة لبنان، وتعليق شركات الطيران لرحلاتها. هذا التوتر دفع العديد من المغتربين لقطع إجازاتهم والعودة إلى أماكن إقامتهم خارج لبنان، كما تراجع العديد ممن كانوا يخططون لزيارة البلاد عن قراراتهم. وقد أدّى هذا إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار تذاكر السفر، نتيجة الإقبال الكبير على المغادرة.
بحسب "الدولية للمعلومات"، ارتفعت حركة المغادرين من بيروت بنسبة 16.5% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بينما تراجعت حركة القدوم بنسبة 26%. هذا التوتر الأمني عاد بذاكرة اللبنانيين إلى سنوات الأزمة ما بين 2019 و2022، مما دفعهم إلى تسابق محموم على تخزين المواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال، خوفًا من انقطاعها. ورغم تأكيد الجهات المعنية بتوافر هذه المواد لبضعة أشهر، إلا أن السوق السوداء بدأت تظهر في بعض المناطق نتيجة لجشع بعض التجار.
الوضع الأمني المتوتر أجبر العديد من العائلات في الضاحية الجنوبية والمناطق المحيطة، وكذلك في بعض القرى الجنوبية القريبة من الحدود، على التفكير في الانتقال إلى مناطق أكثر أمانًا، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات في تلك المناطق الآمنة، حيث تجاوزت الأسعار في بعض الأحيان حاجز الألف دولار.
من جهتها، تعمل حكومة تصريف الأعمال في لبنان على إعداد خطة طارئة لمواجهة الاحتمالات المتزايدة لحرب شاملة. تتضمن هذه الخطة تحويل المدارس والمعاهد الرسمية إلى مراكز إيواء وتجهيزها لاستقبال النازحين، بالإضافة إلى رفع مستوى الجهوزية في القطاع الصحي، لتأمين العلاجات اللازمة للمصابين بالأمراض المزمنة، في ظل استعدادات الحكومة لمواجهة تداعيات الحرب لمدة أربعة أشهر.
رغم كل هذه الاستعدادات، يواجه لبنان مشكلة كبيرة في تمويل الخطة، حيث أشار وزير البيئة، ناصر ياسين، إلى أن البلاد قد تحتاج إلى مائة مليون دولار شهريًا في حال حدوث نزوح واسع النطاق كما حصل في عام 2006، مؤكداً على ضرورة الحصول على دعم دولي لتأمين هذه المبالغ.
في خضم هذا الوضع المتوتر، تعالت الأصوات الرافضة للحرب، خاصة من قبل الأفرقاء المعارضين لـ"حزب الله"، حيث انتشرت حملة إعلانية في شوارع بيروت تحت شعار "خلص تعبنا... لا نريد الحرب". كما أكد عدد من نواب المعارضة خلال لقاء مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لدى لبنان، جينين هينيس بلاسخارت، على رفضهم لإدخال لبنان في أتون الحرب الدائرة، مطالبين بتفعيل القرار 1701 لضمان استقرار الحدود ومنع استخدام الأراضي اللبنانية كمنصة للصراعات.