ما جديد الانقلاب الفاشل في بوليفيا؟

في مشهد غير عادي أثار قلق البوليفيين، اجتاحت مركبات مدرعة ساحة موريللو الهادئة في وسط مدينة لاباز التاريخية، مما أدى إلى تصاعد حالة من الارتباك والصدمة الجماعية.

وتصاعدت الأمور بشكل سريع، حيث قادت كتيبة من القوات نحو القصر الرئاسي، المعروف باسم قصر كيمادو.

ففي تمام الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، اخترقت دبابة صغيرة بوابات المبنى الكلاسيكي، واندفعت القوات نحو الداخل.

وواجه زعيم الانقلاب، رئيس الجيش السابق خوان خوسيه زونيغا، الرئيس لويس آرسي في مشهد متوتر أمام الوزراء الحكوميين، متمسكًا بهراوة شرفية، أمر آرسي زونيغا بالتراجع، قائلاً له: "أنا قائدك... اسحب كل قواتك الآن، يا جنرال".

وتم تصوير التبادل الساخن الذي استمر عدة دقائق، وانتهى عندما استدار زونيغا وغادر المكان عبر الباب المكسور، ليختفي في مركبة عسكرية مضادة للرصاص انطلقت مسرعة.

وتُعتبر هذه المحاولة الانقلابية الأقصر في تاريخ بوليفيا المضطرب، حيث استغرقت ثلاث ساعات فقط.

فخلال هذه الفترة، حشد آرسي البوليفيين للدفاع عن الديمقراطية، مما أدى إلى نزع فتيل التمرد في مواجهة فردية.

و تم اعتقال زونيغا وتعيين قيادة عسكرية جديدة أمرت القوات المتمردة بالعودة إلى ثكناتها.

وبعد محاولة الانقلاب، انتشرت الشائعات في البلاد التي شهدت نحو 190 انقلابا منذ استقلالها في عام 1825.

وقبل اعتقاله، زعم زونيغا أن آرسي أمره بتنظيم انقلاب صوري لتعزيز شعبيته، وهو ادعاء استغلته المعارضة للمطالبة بإجراء تحقيق برلماني.

وقال وزير الحكومة البوليفي إدواردو ديل كاستيلو إن زونيغا، الذي كان مقرباً من الحكومة، تم فصله قبل يوم من التمرد.

بينما دافعت ديزي شوك، عضو البرلمان عن حزب الحركة نحو الاشتراكية الحاكم، عن آرسي، مشيرة إلى أن الانقلاب كان من الممكن أن ينجح لولا موقف الرئيس والوزراء والمجتمع البوليفي.

وفي يوم الخميس، نفى آرسي بشدة الاتهامات الموجهة إليه بشأن تورطه في محاولة الانقلاب، قائلاً: "لن نسمح أبدًا برفع الأسلحة ضد الشعب، ما قام به القائد العام السابق للجيش هو انتفاضة ضد الشعب البوليفي، وهجوم على الديمقراطية التي دفعت بوليفيا دماءً ثمناً لها. لن نفعل ذلك أبداً، أبداً".

وأعلنت الحكومة يوم الجمعة عن اعتقال 20 شخصاً آخرين، من بينهم نائب أميرال سابق في البحرية.

وذكر سفير بوليفيا لدى منظمة الدول الأمريكية أن نحو 200 ضابط عسكري شاركوا في محاولة الانقلاب.

فلا شك أن آرسي يواجه تحديات اقتصادية كبيرة، ففي ظل انخفاض صادرات الغاز وتناقص احتياطيات النقد الأجنبي، تتزايد الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة الوقود والدولار الأمريكي، فضلاً عن الانقسامات العميقة داخل حزبه السياسي.

وقال فرانكلين باريجا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سان أندريس في بوليفيا: "إن بوليفيا تمر بأزمات متعددة: سياسية، اقتصادية، اجتماعية وبيئية، ولكن الأهم من ذلك أزمة مؤسسية"، وأضاف: "الحكومة في وضع ضعيف للغاية ولا يوجد تماسك داخل الحزب".

حيث يتورط آرسي في صراع مرير على السلطة مع الرئيس السابق إيفو موراليس، الذي ساعد في انتخابه في عام 2020.

وكان آرسي، الذي تلقى تعليمه كاقتصادي في المملكة المتحدة، قد شغل منصب وزير المالية في حكومة موراليس وحل محله كمرشح الحركة نحو الاشتراكية بعد أن أُطيح بموراليس في عام 2019 وسط اتهامات بتزوير الانتخابات، وهو ما نفاه موراليس.

وأعلن الرجلان عن نيتهما الترشح للرئاسة في انتخابات العام المقبل للحركة نحو الاشتراكية، وكان موراليس من أوائل من أدانوا محاولة الانقلاب.

لكن في مقطع فيديو نشره تلفزيون بوليفيا على قناة X يوم السبت، ظهر موراليس مع أنصاره وهو يسخر من الحادث قائلاً: "لا أعرف ما هو نوع الانقلاب؟ انقلاب بدون جرحى، بدون طلقات نارية، وبدون وفيات".

وقد انضم بعض أنصار موراليس إلى المشككين، حيث اتهم جيراردو جارسيا، نائب رئيس حزب الحركة نحو الاشتراكية، آرسي بـ "السخرية من البلاد" و"التخطيط لانقلاب صوري".

وبغض النظر عن صحة هذه الأخبار، فإن شائعات "الانقلاب الذاتي" ترسخت في المخيلة الشعبية، وفقاً لما قاله باريجا، وقد يكون من الصعب على آرسي التخلص منها. "إذا جاءت هذه الشائعات بنتائج عكسية عليه، فإن ضعف وهشاشة حكومته يمكن أن يتفاقمان".