ما هي علامات عدم استجابة الدعاء؟
دينا صقر مصر 2030يتساؤل عدد من المواطنين ما اسباب عدم استجابة الدعاء رغم الإلحاح به بيقين وحسن ظن بالله بأنه سيتم تحقيقه، فهناك علامات عدم استجابة الدعاء في الشرع.
ما هي علامات عدم استجابة الدعاء؟
الدعاء عبادة مستحبة؛ لِما فيها من التضرع والتذلّل والافتقار إلى الله تعالى، وقد حثَّنا الله تعالى عليها فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186]، وقال أيضًا عزَّ وجلَّ: ﴿ٱ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: 55].
وقد ورد في السنة النبوية المطهرة بيان فضل الدعاء؛ فعن سيدنا النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ»، ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: 60] أخرجه الأربعة في "سننهم".
واعلم أن استجابة الدعاء ليست محصورة في تحقق مطلوب الداعي، ففي مسند أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللهُ أَكْثَرُ.
ولم يرد في نصوص الشرع -فيما نعلم- علامات لاستجابة الدعاء، لكن ذكر بعض أهل العلم شيئا من ذلك راجعًا إلى التجارب.
قال ابن الجزري -رحمه الله- في عدة الحصن الحصين: فصل في علامة استجابة الدعاء: علامة استجابة الدعاء: الخشية، والبكاء، والقشعريرة، وربما تحصل الرعدة، والغشي، والغيبة. ويكون بعدها سكون القلب، وبرد الجأش، وظهور النشاط باطنا، والخفة ظاهرا، حتى يظن الداعي أنه كان على كتفيه حملة ثقيلة فوضعها عنه. انتهى.
قال الشوكاني -رحمه الله- في تحفة الذاكرين، بعدة الحصن الحصين: وهذه العلامات التي ذكرها المصنف هي تجريبية، فلا تحتاج إلى الاستدلال عليها.
وعليه؛ فما توهمتِه من كون الرؤى التي كنت ترينها؛ إشارة من الله، أو دليلا على استجابة دعائك أو عدمه؛ ليس مُسَلَّمًا. فالرؤيا بعضها يكون من الله، وبعضها من الشيطان، وبعضها من حديث النفس، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : ...والرؤيا ثلاثة: فرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه.
والله -سبحانه وتعالى- قد يعجل للداعي مطلوبه، وقد يمنعه عنه؛ لحكمة يعلمها؛ فهو -سبحانه- العليم الخبير، الذي يعلم ما يصلح العبد، والعبد قاصر عن علم ذلك؛ فعلى العبد أن يسلم لله، ويوقن بحكمة الله ورحمته في كل أقداره، ولا يتطلع لمعرفة الحكمة في كل ما قدره الله، فالقدر سر الله.
جاء في العقيدة الطحاوية: وأصل القدر سر الله -تعالى- في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل. والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة؛ فإن الله -تعالى- طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال الله تعالى في كتابه: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) [الأنبياء: 23]. فمن سأل لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب.
وعليك أن تفوض أمرك إلى الله، ودع عنك الأوهام، واستعذ بالله من وساوس الشيطان، وتوب إلى الله -تعالى- مما قد يكون وقع منك من سوء الأدب مع الله، أو ظن غير الحق به، واستقم على طاعة الله، وأكثر من ذكره ودعائه.
10 ذنوب تمنع استجابة الدعاء
1) سوء النيّة: كأن تنوي لنفسك شرّاً أو لغيرك، كدعاء بعض الناس على غيرهم بالموت أو الإصابة بالمصائب، فهنا لا يستجيب الله الدّعاء، وهذا من رحمته القدير علينا.
2) خبث السريرةكأن تدعو في ظاهر دعائك بالخير وتضمر الشرّ في قلبك، فالله لا يستجيب الدّعاء أبداً في هذه الحالة.
3) النفاق مع الغير: من أحد الذنوب التي تمنع استجابة الدّعاء، فإن كنت تنافق أحياناً في تعاملك مع غيرك، فابدأ بنفسك وغيّرها وابتعد عن النفاق حّتى يستجيب الله دعاءك، ولا تظلم أحداً.
4) تأخير الصلوات المفروضة علينا عمداً؛ حتّى يذهب وقتها من أسباب حبس الدّعاء كذلك.
5) الابتعاد عن الفحش في القول: واستخدام ألطف الكلام وأهذبه في الحديث والقول مع الغير، وأكثر من الصدقات وأعمال الخير التّي تقرّبك من الله عزّ وجلّ وتجعلك من أحبابه المقرّبين، وابتعد عن الأعمال المحرّمة التي حرّمها الله علينا حّتى لا يحلّ غضبه ولعنته عليك.
6) أكل الحرام: من أسباب عدم الاستجابة أكل الحرام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51]، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» (رواه مسلم).
7) سؤال الله عز وجل ما لا يجوز: من أسباب عدم استجابة الدعاء أن يكون فيه اعتداء، وهو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله، كأن يدعو بإثم أو محرم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ» رواه مسلم.
8) غفلة القلب: ومن أسباب عدم استجابة الدعاء استيلاء الغفلة على القلب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ادْعُوا الله وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ»، رواه الترمذي.
9) عدم الأخذ بالأسباب: من أسباب عدم استجابة الدعاء أن العبد لم يأخذ بالأسباب، كأن يطلب النجاح من غير دراسة، أو الرزق من غير عمل، أو النصر من غير إعداد العدة، أو الشفاء من غير علاج، كما في قصة الفقيه الإمام عامر الشعبِي رحمه الله عندما مرَّ بإبِل قد فشا فيها الجَرَبُ، فقال لصاحبها: أما تداوي إبلك؟ فقال: إن لنا عجوزًا نتَّكِلُ على دعائِها، فقال: "اجعل مع دعَائِهَا شيئًا مِنَ القَطِرَانِ". والقطران: يداوي جَرَب الإبل.
10) استعجال الإجابة: من أسباب عدم استجابة الدعاء أن يستعجل العبد الإجابة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي» رواه البخاري ومسلم.