من خلال الحرب والفوضى.. كيف سعت أمريكا إلى خلق نظام جديد في الشرق الأوسط؟
في 25 يوليو 2006، وفي خضم الصراع الإسرائيلي اللبناني، أعربت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، كوندوليزا رايس، عن رؤيتها لتحول جديد في الشرق الأوسط خلال زيارتها إلى القدس.
وافترضت رايس أن الحرب المستمرة آنذاك كانت بداية لـ"شرق أوسط جديد"، حيث ستعيد القوى الديمقراطية والليبرالية تشكيل المشهد الجيوسياسي، وفقًا لما ذكرته "مودرن ديبلوماسي".
وبعد ما يقرب من عقدين، تتابعت جهود الولايات المتحدة لتحقيق هذا "التغيير" عبر الشرق الأوسط وأفغانستان والعراق، وامتد تأثيرها إلى الصين وروسيا وأوروبا الشرقية.
حيث تجلت جهود الولايات المتحدة في تغيير المنطقة بأشكال متعددة، منها:
تصعيد الوجود العسكري: زيادة الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا الشرقية.
فرض الحظر: فرض العقوبات على روسيا والصين.
مكافحة الإرهاب: تعزيز عمليات مكافحة الإرهاب.
تشكيل التحالفات: إقامة تحالفات مع كيانات مثل طالبان.
تستخدم الولايات المتحدة الحرب كأداة لإحداث تحولات سياسية وإقليمية في الشرق الأوسط.
وهذه الأداة ليست نتيجة حتمية، بل هي وسيلة لتعزيز ظهور تحالفات جديدة، وإعادة تعريف الحدود، وتغيير ديناميكيات السلطة الإقليمية.
ويمكن للصراعات أن تعزز المبادئ الديمقراطية أو التطرف الديني، اعتمادًا على الأطراف المعنية.
كما يلعب الصراع من أجل السيطرة على الموارد والهيمنة التجارية دورًا مركزيًا، مما يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.
وتسعى القوى الخارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى توسيع نفوذها الإقليمي من خلال إثارة الصراعات.
وتُسهم هذه الصراعات في إعادة تنظيم السلطة وتقاسم المصالح في مرحلة ما بعد الحرب، خاصة في منطقة تتمتع باحتياطيات طاقة حيوية.
لقد أدت السياسات الخارجية الأمريكية إلى تحويل حل النزاعات الإقليمية بعيدًا عن الطرق الدبلوماسية، وبدلاً من ذلك، أصبحت بمثابة تذكير صارخ بالتفويضات المفروضة سراً في الماضي.
والصراعات الدائرة في الشرق الأوسط تعكس استمرارية للاتفاقات السرية والسياسات القسرية التي لم تأخذ في الحسبان تعقيدات القضايا الإقليمية المستمرة لأكثر من سبعين عامًا.
تؤكد التجارب أن النهج الأحادي الأمريكي في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط لم ينجح في تحقيق الاستقرار، بل زاد من تعقيد الأوضاع، ما يؤكد الحاجة إلى حلول أكثر شمولية وتعاونًا دوليًا لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
