توغل إسرائيلي مستمر.. ماذا يحدث في رفح الفلسطينية؟
عبده حسن مصر 2030وصلت الدبابات إلى وسط مدينة رفح أمس الثلاثاء، وسط تزايد عزلة إسرائيل على الصعيد الدولي، حيث اعترفت ثلاث دول أوروبية رسميًا بدولة فلسطين، ودعا مجلس الأمن الدولي إلى اجتماع طارئ لمناقشة الوضع في غزة.
وشنت القوات الإسرائيلية هجومًا ليليًا جديدًا على منطقة تل السلطان، حيث قُتل ما لا يقل عن 45 شخصًا في غارة جوية وحريق هائل في منطقة مكتظة بخيام اللاجئين يوم الأحد.
وأفادت السلطات في غزة بأن 21 شخصًا قُتلوا في الغارة الأخيرة، أكثر من نصفهم من النساء، وسقطت قنبلة على بعد حوالي 300 متر من موقع غارة نهاية الأسبوع.
لم يكن للغضب الدولي المتزايد بشأن التوغل الإسرائيلي في رفح، بما في ذلك أمر المحكمة العليا للأمم المتحدة بوقف الهجوم والانتقادات الحادة من الولايات المتحدة، الحليف الأهم لإسرائيل، أي تأثير واضح على خططها العسكرية.
ووصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هجوم يوم الأحد بأنه "خطأ مأساوي" لكنه تعهد بمواصلة العملية.
وفي وقت لاحق، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الغارة الجوية لم تكن السبب في الحريق.
وصرح الأدميرال دانييل هاجاري بأن الطائرات استخدمت قنابل صغيرة لقتل اثنين من قادة حماس داخل مبانٍ تبعد حوالي 180 مترًا عن الخيام التي اندلع فيها الحريق.
وأضاف: "لم يكن من الممكن لذخائرنا وحدها أن تشعل حريقاً بهذا الحجم"، مشيراً إلى أن الجيش يحقق فيما إذا كان الحريق "غير المتوقع وغير المقصود" ناجماً عن انفجارات ثانوية في ما وصفوه بأنه مستودع ذخيرة بالقرب من الخيام.
كما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يوم الثلاثاء أن نحو مليون فلسطيني فروا من رفح منذ أوائل مايو، لكن مئات الآلاف ما زالوا يحتمون هناك.
وقالت الأونروا في منشور على موقع X: "[لقد غادروا] دون أي مكان آمن للذهاب إليه وسط القصف، ونقص الغذاء والماء، وأكوام النفايات، والظروف المعيشية غير الملائمة"، وأضافت: "يوماً بعد يوم، يصبح تقديم المساعدة والحماية شبه مستحيل."
لعدة أشهر، دعت إسرائيل المدنيين الفلسطينيين إلى البحث عن الأمان في رفح بينما اجتاح القتال العنيف معظم قطاع غزة.
والآن يُطلب منهم التحرك مرة أخرى، حيث تتحرك القوات الإسرائيلية إلى المنطقة الأخيرة التي لم تشهد عمليات برية.
وخلال معظم شهر مايو، ومنذ استيلاء القوات الإسرائيلية على معبر رفح الحدودي مع مصر، كانت القوات البرية الإسرائيلية تقوم في الغالب بتمشيط ضواحي المدينة ولم تتوغل إلا في المناطق الشرقية.
ومع ذلك، يوم الثلاثاء، شوهدت الدبابات بالقرب من مسجد العودة، أحد المعالم البارزة في وسط رفح، وفقًا لشهود نقلت عنهم وكالة رويترز.
كما تقدمت القوات نحو الأحياء الغربية واتخذت مواقعها على قمة تل زعرب بعد قصف عنيف.
ولا يستطيع جميع الفلسطينيين المقيمين هناك التحرك، حيث قرر البعض أن الخطر في التحرك أكبر نظرًا لاستمرار القتال في معظم أنحاء غزة ونقص المأوى والغذاء والمياه والصرف الصحي في أماكن أخرى.
وتسببت العملية العسكرية في قطع معظم المساعدات المقدمة لغزة.
فكان معبري رفح وكرم أبو سالم نقطة الدخول الرئيسية للأغذية والوقود والإمدادات الطبية خلال الأشهر السبعة الأولى من الحرب، لكن خلال أكثر من ثلاثة أسابيع من 6 إلى 28 مايو، دخلت غزة 216 شاحنة مساعدات فقط، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة.
ويعني هذا أقل من 10 شاحنات في المتوسط يوميًا، رغم أن إسرائيل والولايات المتحدة والأمم المتحدة اتفقت على أن هناك حاجة إلى 500 شاحنة يوميًا كحد أدنى، وهو مستوى ما قبل الحرب.
كما وصلت بعض الإمدادات إلى شمال غزة عبر رصيف عائم أقامته الولايات المتحدة، لكن يوم الثلاثاء، أعلن البنتاغون أن جزءًا من هذا الرصيف الذي بلغت تكلفته 320 مليون دولار قد تعطل بسبب الأمواج العاتية، مما جعله غير صالح للعمل لمدة أسبوع على الأقل أثناء إصلاحه.
ويقدم برنامج الغذاء العالمي والأونروا غالبية المساعدات الغذائية في غزة.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعًا طارئًا يوم الثلاثاء لبحث الحملة الإسرائيلية في رفح، فيما حذرت الحكومة الأمريكية يوم الاثنين إسرائيل من "اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين".
وأسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 36 ألف فلسطيني في غزة، معظمهم من المدنيين، وفقًا للسلطات الصحية المحلية.
حيث جاء ذلك بعد أن شنت حماس هجمات عبر الحدود في 7 أكتوبر، مما أدى إلى مقتل حوالي 1200 شخص وأسر 250 آخرين.
وقد أعلنت إسبانيا وأيرلندا والنرويج، يوم الثلاثاء، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، معتبرين أن هذه الخطوة ستدعم جهود التوصل إلى حل دائم للصراع الطويل الأمد.
وفي المقابل، أدانت إسرائيل القرار بشدة واستدعت سفراء الدول الثلاث ردًا على ذلك.
كما صرح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بأن القرار "التاريخي" يهدف إلى "تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، وليس موجهًا "ضد أي طرف، وخاصة إسرائيل".
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن تصرفات سانشيز تجعله "متواطئًا في جرائم حرب".
في حين أن أكثر من 140 دولة تعترف بالدولة الفلسطينية، فإن أي من القوى الغربية الكبرى لم تقم بذلك بعد.
ومن المحتمل أن تزيد خطوة الدول الأوروبية الثلاث الضغط على العواصم الأخرى، بما في ذلك واشنطن.
مع دخول الاعتراف الرسمي النرويجي حيز التنفيذ، وصف وزير الخارجية إسبن بارث إيدي هذا القرار بأنه لحظة هامة بعد عقود من دعم النرويج لحل الدولتين.
وقال: "اليوم يشكل علامة فارقة في العلاقة بين النرويج وفلسطين".
أوضح سانشيز أن الدولة الفلسطينية "القابلة للحياة" ستشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، مع ممر يربطهما، وعاصمتها القدس الشرقية تحت إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية.
كما أكد سانشيز أن إسبانيا لن تحدد حدود دولة أخرى، وأن موقفها يتماشى مع مواقف مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي، قائلاً: "لن نعترف بأي تغييرات في حدود 1967 إلا بموافقة الأطراف المعنية".
وفي أيرلندا، رُفع العلم الفلسطيني فوق البرلمان، وأعلنت الحكومة ترقية البعثة الفلسطينية في دبلن إلى مستوى سفارة، وكذلك ترقية مكتبها التمثيلي في رام الله إلى سفارة.