رغم قرارات العدل الدولية.. كيف تواصل إسرائيل عملياتها في رفح؟
عبده حسن مصر 2030تستمر إسرائيل في هجومها على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، رغم صدور حكم جديد من محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة بوقف هذا الهجوم، الذي وصفته بأنه يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية الكارثية.
ومنذ بدء العملية البرية الإسرائيلية في المنطقة في 6 مايو، نزح حوالي 900 ألف شخص من رفح، التي كانت تأوي نحو 85% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وقد تباطأت عمليات تسليم الإمدادات الإنسانية والوقود إلى الأراضي الفلسطينية بشكل كبير، مع إغلاق معبرين رئيسيين للمساعدات: رفح على الحدود مع مصر، ومعبر كرم أبو سالم الذي يربط غزة بإسرائيل، بسبب القتال المستمر.
وأصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي يوم الجمعة حكمها الثالث بشأن النزاع، وأمرت إسرائيل بوقف فوري لعملية رفح. وأكد رئيس المحكمة نواف سلام، بأغلبية 13 مقابل 2، أن إسرائيل ملزمة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية بعدم فرض "ظروف معيشية تؤدي إلى الدمار المادي للشعب الفلسطيني كلياً أو جزئياً".
ومع ذلك، يبدو أن الغارات الجوية الإسرائيلية على الأطراف الجنوبية والشرقية لرفح تتصاعد حتى بعد صدور الحكم، وفقاً لسكان ومسعفين، مع اقتراب القوات البرية الإسرائيلية من وسط المدينة المزدحم.
وذكر مسعفون فلسطينيون يوم السبت أن 30 فلسطينياً قتلوا بنيران إسرائيلية خلال الـ 24 ساعة الماضية، بينما تستمر المعارك أيضاً في الأجزاء الشمالية والوسطى من القطاع مثل جباليا والزيتون، حيث أعادت قوات حماس تجميع صفوفها.
أعلن الجيش الإسرائيلي ليلة الجمعة أنه نفذ "نشاطاً عملياتياً في مناطق محددة من رفح"، شمل قتل مقاتلين من حماس وتدمير أجزاء من شبكة الأنفاق التابعة للحركة.
وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن مساء الجمعة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده ستستأنف السماح لشاحنات الأمم المتحدة بالسفر إلى معبر كرم أبو سالم.
ومع ذلك، ومع استمرار إغلاق معبر رفح واحتدام القتال، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت وكالات الإغاثة ستكون قادرة على الوصول إلى عمليات التسليم أو توزيعها.
وقد توقفت عمليات التسليم التي بدأت من رصيف عائم جديد تموله الولايات المتحدة تقريباً فوراً بعد أن استولى أشخاص يائسون على معظم الشحنة الأسبوع الماضي.
ورغم أن أمر محكمة العدل الدولية غير قابل للتنفيذ، إلا أن الوزراء الإسرائيليين تعهدوا بعدم الالتزام به.
وحوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، لقوا حتفهم في الهجوم الذي نُفذ بواسطة حماس في 7 أكتوبر، مع احتجاز 250 آخرين كرهائن.
وفي الحرب التي تلت الهجوم في غزة، توفي ما يقارب 36 ألف شخص، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، التي لا تميز بين الوفيات بين المدنيين والمقاتلين.
وقبل بداية يوم السبت، صرح وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس بأن إسرائيل "ملتزمة بمواصلة القتال لإعادة رهائنها وضمان سلامة مواطنيها، في أي زمان ومكان – بما في ذلك في رفح".
وأضاف: "سنواصل العمل وفقًا للقانون الدولي في رفح وفي أي مكان نعمل فيه، وسنبذل قصارى جهدنا لتجنب إيذاء السكان المدنيين، ليس بسبب محكمة لاهاي، ولكن في المقام الأول بسبب هويتنا".
ونفى بيان من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اتهامات الإبادة الجماعية التي قدمتها جنوب أفريقيا لأول مرة إلى محكمة العدل الدولية، ووصفها بأنها "كاذبة وشائنة ومثيرة للاشمئزاز".
ومع ذلك، جاء قرار محكمة العدل الدولية في الوقت الذي تحدثت فيه التقارير عن دراسة المحكمة الجنائية الدولية، التي تحاكم الأفراد، لإصدار أوامر اعتقال ضد كبار مسؤولي حماس ومسؤولين إسرائيليين، بما في ذلك نتنياهو، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وجاء ذلك في سياق قرار أعضاء الاتحاد الأوروبي، أيرلندا والنرويج وإسبانيا، بالاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية، مما يعكس الضغوط الدولية المتزايدة لوقف أو تقليل الجهود الحربية الإسرائيلية في غزة.
وانهار وقف إطلاق النار الأولي وتبادل الرهائن والأسرى في نهاية نوفمبر بعد أسبوع فقط، ومنذ ذلك الحين تعثرت عدة محاولات للتوصل إلى هدنة جديدة بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر.
وفي الجولة الأخيرة من المحادثات، توقفت الأمور بشكل مفاجئ بعد هجوم إسرائيل على رفح.
كما تقابل مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز مع مسؤولين إسرائيليين وقطريين في باريس لإجراء محادثات غير رسمية يوم الجمعة، بهدف إعادة المفاوضات إلى مسارها الصحيح.
وقد أعلن الجيش الإسرائيلي مساء الجمعة أنه تم انتشال جثث ثلاثة رهائن آخرين قتلوا في غزة في السابع من أكتوبر.
ورغم أن نحو 100 رهينة ما زالوا على قيد الحياة في غزة، إلا أن إسرائيل تقدر أن 39 منهم لقوا حتفهم في الأسر، وتم انتشال ما مجموعه 17 جثة حتى الآن.