كيف أصبحت العمليات الإنسانية في غزة على وشك الانهيار؟
عبده حسن مصر 2030أوقفت الأمم المتحدة توزيع المواد الغذائية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة بسبب نقص الإمدادات وانعدام الأمن.
وأعلنت المنظمة أنه لم تدخل أي شاحنات مساعدات إلى المنطقة خلال اليومين الماضيين عبر الرصيف العائم الذي أنشأته الولايات المتحدة لتوصيل المساعدات البحرية، محذرة من أن المشروع الذي تبلغ تكلفته 320 مليون دولار (250 مليون جنيه إسترليني) قد يفشل إذا لم توفر إسرائيل الظروف اللازمة لعمل المنظمات الإنسانية بأمان.
ولا يزال مئات الآلاف من الأشخاص في رفح بعد الهجوم المكثف الذي شنه الجيش الإسرائيلي في 6 مايو، لكن وكالات الإغاثة تشير إلى تراجع كبير في توزيع المساعدات الغذائية.
وحذرت عبير عطيفة، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من أن "العمليات الإنسانية في غزة على وشك الانهيار".
وأكدت أنه إذا لم يتم استئناف دخول المواد الغذائية والإمدادات الأخرى إلى غزة "بكميات كبيرة، فسوف تنتشر الظروف المشابهة للمجاعة".
كما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تعليق توزيع المساعدات في رفح عبر تدوينة على موقع X، مشيرة إلى نقص الإمدادات دون تقديم تفاصيل إضافية.
وأفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن مركز التوزيع التابع للأونروا ومستودعات برنامج الأغذية العالمي في رفح "غير متاحة بسبب العمليات العسكرية المستمرة".
وعند سؤاله عن تداعيات تعليق التوزيع، قال دوجاريك: "الناس لا يأكلون".
وقد أوضحت عطيفة أن برنامج الأغذية العالمي أوقف التوزيع في رفح بعد استنفاد مخزونه. وأضافت أن الوكالة مستمرة في توزيع الوجبات الساخنة في وسط غزة وتقديم "توزيع محدود" للطرود الغذائية المخفضة، لكنها حذرت من أن "مخزونات الطرود الغذائية ستنفد في غضون أيام".
كما صوّرت الولايات المتحدة الرصيف العائم الذي أقامته على ساحل غزة كوسيلة لتسريع عمليات التسليم.
فيما خرجت أول عشر شاحنات من السفينة إلى الرصيف يوم الجمعة وتم نقلها إلى مستودع برنامج الأغذية العالمي.
ولكن تم إيقاف تسليم 11 شاحنة يوم السبت بسبب تجمعات من الفلسطينيين الذين أخذوا الإمدادات، ولم تصل سوى خمس شاحنات إلى المستودع، ولم تصل أي شحنات أخرى من الرصيف يوم الأحد أو الاثنين.
وقالت عطيفة إن مشكلة الأشخاص الذين يأخذون الإمدادات من القوافل ستستمر إذا لم يكن هناك تدفق مستمر للمساعدات لطمأنة الناس "أن هذا ليس حدثا لمرة واحدة".
وأضافت: "إن مسؤولية ضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين لا تنتهي عند المعابر ونقاط الدخول الأخرى إلى غزة - بل تمتد عبر جميع أنحاء غزة نفسها".
وأوضحت أن الوكالة تقوم الآن بإعادة تقييم الإجراءات اللوجستية والأمنية وتبحث عن طرق بديلة داخل غزة، مشيرة إلى أن برنامج الأغذية العالمي يعمل مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لتنسيق توصيل المواد الغذائية عبر الطريق الأمريكي الجديد.
يأتي هذا التحذير في وقت تسعى فيه إسرائيل إلى احتواء تداعيات طلب المدعي العام لمحكمة جرائم الحرب الكبرى في العالم إصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين وحماس.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن حوالي 1.1 مليون شخص في غزة – ما يقرب من نصف السكان – يعانون من مستويات كارثية من الجوع، وأن المنطقة تقف على شفا المجاعة.
فيما تفاقمت أزمة الإمدادات الإنسانية خلال الأسبوعين الماضيين منذ أن شنت إسرائيل توغلاً في رفح في 6 مايو، متعهدة بالقضاء على مقاتلي حماس.
وقد سيطرت القوات الإسرائيلية على معبر رفح من الجانب الفلسطيني المؤدي إلى مصر، والذي ظل مغلقاً منذ ذلك الحين. وتقول الأمم المتحدة إنه حتى 10 مايو، لم تتمكن سوى ثلاثين شاحنة فقط من الوصول إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم القريب من إسرائيل، لأن القتال يجعل من الصعب على عمال الإغاثة الوصول إليها.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم لا يضعون أي قيود على كمية المساعدات التي تمر عبر المعابر.
ولا تزال أعداد صغيرة من شاحنات المساعدات تدخل شمال غزة من إسرائيل، لكن جماعات الإغاثة تقول إنها لا تمثل سوى جزء صغير من الإمدادات المطلوبة.
في الوقت نفسه، تصاعد القتال في شمال غزة مع قيام القوات الإسرائيلية بعمليات ضد مقاتلي حماس، الذين يقول الجيش إنهم أعادوا تجميع صفوفهم في المناطق التي تم استهدافها بالفعل في الهجمات قبل أشهر.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن أحد المستشفيات الرئيسية التي لا تزال تعمل في الشمال، كمال عدوان، اضطر إلى الإخلاء بعد "استهدافه" من قبل القوات الإسرائيلية.
وأضافت أن نحو 150 موظفاً وعشرات المرضى فروا من المنشأة، بما في ذلك مرضى العناية المركزة والرضع في الحاضنات "تحت نيران القصف"، ولم يرد الجيش الإسرائيلي على الفور على طلبات التعليق.
وأفادت إدارة المستشفى في بيان يوم الثلاثاء أن مستشفى العودة القريب حاصرته القوات خلال الأيام الثلاثة الماضية، وسقطت قذيفة مدفعية على الطابق الخامس.
وفي اليوم السابق، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود الدولية للمساعدات الطبية أن مياه الشرب في مستشفى العودة قد نفدت.