تحركات دبلوماسية جديدة.. ماذا وراء تقرّب روسيا لـ«طالبان»؟
عبده حسن مصر 2030في سياق تحركاتها الدبلوماسية الجديدة، تسعى روسيا للتقرب من حركة طالبان بغية تعزيز تحالفاتها وتأسيس شراكات جديدة مضادة للغرب.
ويتمثل جزء من هذه الجهود في مساعي الكرملين لإزالة حركة طالبان من قوائم المنظمات الإرهابية، وهو ما يمكن أن يعزز الاعتراف الدولي بالحركة ويفتح الباب أمام التعاون الدولي معها.
كما تأتي هذه الخطوات في سياق تاريخي للعلاقات بين روسيا وطالبان، حيث نشأت الحركة من المجاهدين الذين ناضلوا ضد الاحتلال السوفيتي في أفغانستان في الثمانينيات.
ومنذ ذلك الحين، حافظت روسيا على علاقات متقدمة مع طالبان، وخلال الفترة الأخيرة، تبنت استراتيجية أكثر وضوحًا في التواصل معها.
وفي هذا السياق، تمت دعوة ممثلين عن "إمارة أفغانستان الإسلامية" لحضور المنتدى العالمي الروسي الإسلامي في كازان، الذي يعد فرصة لتعزيز العلاقات واستكشاف فرص التعاون الاقتصادي والسياسي بين روسيا وطالبان.
وتمثل الدعوة لحضور قمة الشهر المقبل في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة، والتي تقع على بعد 450 ميلاً شرق موسكو، مثالًا بارزًا على تحول ملحوظ في السياسة الخارجية للكرملين.
وبالنسبة لحركة طالبان، تعتبر هذه القمة فرصة لتعزيز العلاقات مع واحدة من 16 دولة فقط تملك سفارة في كابول.
وفي إطار سعيها لبناء العلاقات، أعلنت روسيا عن عملها على إزالة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، بعدما استولت الجماعة على السلطة في عام 2021 وأجبرت الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة على الرحيل.
ووصف سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، قادة طالبان بأنهم "أشخاص عقلاء"، وهذا يشير إلى تغيير محتمل في وجهة نظر موسكو تجاه الحركة.
وعلى الرغم من ذلك، لا تزال روسيا تصنف رسميًا حركة طالبان كمنظمة إرهابية، لكن يبدو أن هذا الوضع على وشك التغيير، حيث أكد دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس بوتين، أنهم يتواصلون مع طالبان بشكل مباشر، مشيرًا إلى أهمية العلاقات الجارية مع البلدان المجاورة، وتابع: "نحن بحاجة إلى حل القضايا الملحة، وهذا يتطلب أيضًا الحوار، لذلك في هذا الصدد نتواصل معهم مثل أي شخص آخر تقريبًا - فهم السلطة الفعلية في أفغانستان".
ومنذ عودة طالبان إلى السلطة بعد انسحاب القوات الأمريكية، لم تعترف أي دولة في العالم بزعامتها لأفغانستان.
وخلال فترة حكمها السابقة من عام 1996 إلى 2001، قادت الجماعة حملة قمع وحشية ضد حقوق المرأة وحرياتها.
وفي رده على إزالة اسم الإمارة الإسلامية من قائمة المنظمات الإرهابية، قال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، لصحيفة التايمز: "إن هذه الخطوة هي خطوة جيدة من روسيا ونحن نرحب بها".
وأضاف: "نريد بناء علاقات دبلوماسية مع جميع الدول والتعاون في القطاع الاقتصادي. وبالنسبة للاستثمار، فإن خطوة موسكو ستوفر فرصًا لكل دولة للقدوم والاستثمار هنا".
"فكما تعلمون، عندما غزا الاتحاد السوفييتي أفغانستان، كانت حقبة مختلفة من الأيديولوجية الشيوعية، وروسيا اليوم لا تشاركها هذه المُثُل، وهي ليست معادية مثل الروس في ذلك الوقت، ومع ذلك، فإننا لا نسمح لأي قوة أجنبية بالتدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان، نريد إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول وستكون علاقاتنا مع الجميع مبنية على المصالح الاقتصادية"، أضاف بيسكوف.
بالإضافة إلى روسيا، هناك عدة دول أخرى تحافظ على وجود دبلوماسي في أفغانستان، مثل الصين التي تستثمر بكثافة في البلاد، حيث يجتمع الدبلوماسيون الصينيون بنظرائهم الأفغان "أسبوعيًا تقريبًا".
ولم يحدد بيسكوف القضايا التي تريد روسيا مناقشتها مع طالبان، لكن تصريحاته جاءت بعد أقل من أسبوعين من هجوم إرهابي قام به تنظيم الدولة الإسلامية - خراسان، المتمركز في أفغانستان، على حشود في قاعة للحفلات الموسيقية خارج موسكو، مما أسفر عن مقتل 144 شخصًا.
وكانت طالبان قد تعهدت في السابق بمنع الجماعات الإرهابية، مثل داعش خراسان، من شن هجمات خارج حدودها.
ويُعتبر تنظيم داعش خراسان العدو اللدود لطالبان، حيث اتهم قادتها بالتعامل مع "الكفار" من خلال إجراء محادثات مع مسؤولين من الصين وروسيا والولايات المتحدة.