أوامر «العدل الدولية» الأخيرة.. هل تعد توبيخًا قانونيًا لإسرائيل؟
عبده حسن مصر 2030قضت المحكمة الدولية بأن يُسمح للمساعدات الغذائية بالوصول إلى غزة دون عوائق، نظراً للمجاعة المتوقعة هناك، وهو إجراء يعتبر توبيخاً قانونياً لإسرائيل التي نفت منع إيصال المساعدات.
والقرار الصادر عن لجنة من القضاة التابعة للأمم المتحدة يأتي بعد طلب طارئ في يناير، حيث أمرت المحكمة إسرائيل بقبول المساعدات الطارئة.
وأشار القضاة إلى تدهور الظروف المعيشية في غزة وانتشار المجاعة، مطالبين إسرائيل بتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية بالتعاون مع الأمم المتحدة.
وأيضا، أمرت المحكمة إسرائيل بعدم ارتكاب أعمال تشكل انتهاكاً لحقوق الفلسطينيين ومنعها من عرقلة وصول المساعدات الإنسانية الملحة، رغم إنكار إسرائيل لارتكابها لأي إبادة جماعية وصفت حملتها العسكرية بأنها دفاع عن النفس.
ودعا القضاة إلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس، وذلك استجابةً لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر يوم الاثنين.
وعلى الرغم من ادعاء إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة، إلا أن كبار المسؤولين الدوليين ومنظمات غير حكومية اتهموها بعرقلة وصول المساعدات للسكان الذين يبلغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وتبرر إسرائيل تفتيش كل شحنة بحجة التأكد من عدم استخدامها لصالح حماس، وحتى الشاحنات القادمة من مصر تخضع للتفتيش.
وتنتقد الجهات الإغاثية عملية التفتيش البطيء والتعسفي الذي يؤدي إلى تأخير وصول المساعدات، لم تصدر الحكومة الإسرائيلية رداً مباشراً على قرار المحكمة الدولية.
وتقترب القضايا الداخلية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من مستويات الأزمة، حيث يواجه أزمة في حكومته بسبب قرار المحكمة العليا بوقف الدعم الحكومي لرجال الدين المتطرفين المعفين من التجنيد الإجباري، مما يهدد استقرار الحكومة الهشة.
وتم صدور الحكم بعد تحذيرات من كبار مسؤولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بشأن إمكانية ارتكاب إسرائيل جريمة حرب عبر عرقلة وصول المساعدات، على الرغم من طلب إسرائيل من المحكمة في لاهاي عدم إصدار إجراءات جديدة.
وجاءت هذه الإجراءات بناءً على طلب من جنوب أفريقيا، ضمن قضيتها التي تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، بالإضافة إلى التحريض على الإبادة الجماعية في تصريحات لكبار المسؤولين الإسرائيليين.
ووفقًا للقانون الدولي، فإن استخدام التجويع كسلاح حرب محظور بشكل صريح، كما أن قوات الاحتلال ملزمة قانونًا بضمان تزويد سكان المناطق التي تسيطر عليها بوسائل الحياة.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن المجاعة "أقرب من أن تصبح حقيقة واقعة في شمال غزة"، مع تدهور النظام الصحي بسبب استمرار الأعمال العدائية والقيود على الوصول.
وقد شهدت غزة يوم الخميس اشتباكات عنيفة حول مستشفيات رئيسية، حيث أفادت التقارير بأن مستشفى ثالث كان يحاصره الجيش الإسرائيلي.
و تركزت القتالات بشكل خاص حول مستشفى الشفاء، الذي كان المستشفى الرئيسي في المدينة قبل النزاع، حيث أكد الجيش الإسرائيلي استمراره في العمليات في الموقع بعد اقتحامه قبل أكثر من أسبوع.
وأفادت وزارة الصحة في غزة بتجمع دبابات وعربات مدرعة إسرائيلية حول مستشفى ناصر في مدينة خان يونس بجنوب غزة، مع تقارير عن إطلاق النار وتحييد الجرحى داخل المستشفى.
ويبدو أن مستشفى الأمل في خان يونس أيضًا يتعرض للحصار، وتعرضت عدة مناطق أخرى في المدينة لإطلاق النار الإسرائيلي.
كما زعم الجيش الإسرائيلي أنه قتل حوالي 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء منذ بدء العملية هناك، وأكد على حماية المدنيين والمرضى والطواقم الطبية.
وفي وقت سابق من اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي أن نشطاء أطلقوا النار على القوات من داخل وخارج قسم الطوارئ في المستشفى.
كما أكدت وزارة الصحة في غزة أن الجرحى والمرضى محاصرون داخل مبنى إداري في الشفاء، وقد توفي خمسة مرضى بسبب نقص الإمدادات الأساسية.
وتظهر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي احتراق وتدمير وحدة الجراحة في مستشفى الشفاء والمباني المجاورة.
فيما أعلنت الأجنحة المسلحة لحماس والجهاد الإسلامي أنهم قصفوا تجمعات للجنود الإسرائيليين في محيط مجمع الشفاء، في عملية مشتركة، ولم يتم التحقق من هذه المزاعم بشكل مستقل.
وأوقفت قوات الاحتلال سبعة أشخاص يعملون في الهلال الأحمر خلال مداهمة مستشفى الأمل في 9 فبراير، وتم الإفراج عنهم بعد 47 يومًا في السجون الإسرائيلية.
وأوقفت منظمة الصحة العالمية عمليات مستشفى الأمل نتيجة القتال، ولم يتبقى سوى 10 من أصل 36 مستشفى في غزة يعمل بشكل جزئي.
ودعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية لوقف فوري للهجمات على المستشفيات في غزة وحماية العاملين الصحيين والمرضى والمدنيين.
وفي الأيام الأخيرة، ظهرت سلسلة من التقارير المروعة من قبل الشهود والفرق الطبية الدولية التي زارت مرافق الرعاية الصحية في غزة.
فيوم الخميس، أفاد فريق من الأطباء الذين زاروا مستشفى الأقصى في بلدة دير البلح وسط قطاع غزة لوكالة أسوشيتد برس أن طفلاً صغيراً توفي متأثراً بجراح في الدماغ ناجمة عن غارة إسرائيلية، وأن ابنة عمها الرضيعة تقاتل من أجل حياتها بعد تعرضها لنفس الضربة التي تسببت في تمزق جزء من وجهها.
ووصف الفريق حالة طفل يبلغ من العمر 10 سنوات، الذي صرخ من الألم من دون أن يعلم بوفاة والديه في الغارة، وأخته التي لم يتعرف عليها بسبب الحروق الجسيمة التي تغطي جسدها تقريباً بالكامل.
تانيا الحاج حسن، طبيبة العناية المركزة للأطفال من الأردن، التي تتمتع بخبرة واسعة في غزة، والتي غالبًا ما تحدث عن الآثار المدمرة للحروب، قالت: "أقضي معظم وقتي هنا في إنقاذ الأطفال"، وأشارت إلى أهمية هذه التجارب في الفهم الشامل للوضع في غزة.
فيما يتعلق بالسياسة، شكل رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى حكومة جديدة، وتولى أيضاً منصب وزير الخارجية، مما يجعل وقف إطلاق النار الفوري والانسحاب الإسرائيلي من غزة أولوية قصوى.
وتعكس هذه الخطوة جهودًا لتعزيز السلطة الفلسطينية وتقديم الدعم لها في إدارة القطاع، خاصةً بعد الحرب وقبل تحقيق حل نهائي.
وفي السياق الدولي، أعلن البيت الأبيض أنه يعمل على إعادة جدولة زيارة وفد إسرائيلي إلى واشنطن، بعد إلغائها بناءً على قرار أمريكي بعدم استخدام حق النقض ضد قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى المسلحين.