بعد حادث موسكو الدامي.. ما هي أبرز نقاط قوة «داعش خراسان»؟
عبده حسن مصر 2030حذر توم أوكونور، الكاتب المتخصص في الشؤون الخارجية ونائب رئيس تحرير مجلة الأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية، من تصاعد نشاط تنظيم داعش بشكل مستمر في عدة قارات، في حين أن الانتباه الدولي مركز على الصراع في غزة، مما يعزز احتمالية تفاقم الفوضى في جميع أنحاء العالم.
وظهر التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش-خراسان" بوضوح يوم الجمعة، حين أعلن مسؤوليته عن الهجوم المروع الذي استهدف حفلة موسيقية في قاعة كروكوس خارج موسكو.
ويعتبر هذا الهجوم الأكثر دموية في الأراضي الروسية منذ أزمة رهائن مسرحية العاصمة عام 2002، ويحذر الخبراء والمسؤولون من أن الهجمات المستقبلية قد تستهدف عموماً أي شخص، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين.
وينشط ما يُعرف بتنظيم "داعش-خراسان" في أفغانستان، حيث يستغل الحركة التي تديرها طالبان لتنفيذ هجمات داخلية وضد إيران وباكستان، وعلى الرغم من جهود الحكومات الثلاث لمكافحته، إلا أن المسلحين بدأوا أيضاً في توسيع نشاطهم خارج المنطقة.
وتمكنت روسيا وألمانيا وتركيا وطاجيكستان مؤخراً من إحباط مؤامرات مزعومة لتنظيم "داعش-خراسان"، ومن الواضح أن تنظيم "داعش" لم يتردد في التعبير عن طموحاته الدولية، ولكن فرعه في خراسان كان خاصة صريحاً في تبني خطط لتوسيع نطاق عملياته.
وفي مقال نُشر في مجلة "صوت خراسان" التابعة لتنظيم "داعش-خراسان"، أكد التنظيم أن "أرض الإسلام" ليست مقتصرة على أفغانستان فحسب، بل إنها تمتد أبعد من ذلك بكثير.
وفي مجلة "صوت خراسان"، أكد الكاتب أن "أرض الإسلام" هي التي حققها المسلمون بتضحياتهم، وتمتد من أفريقيا وتمتد بداية من تركستان الشرقية إلى طاجيكستان وأوزبكستان وأذربيجان، وتمتد إلى الشيشان وداغستان، ومن تركيا إلى الأندلس ودول الشرق الأوسط وباكستان وأفغانستان والهند وغيرها الكثير.
كما قامت قصة الغلاف لهذه الطبعة الخاصة من منشور داعش-خراسان بتوجيه النيران في اتجاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن هجوم على كنيسة كاثوليكية في إسطنبول في أواخر يناير.
واستهدف العدد السابق المرشد الأعلى علي خامنئي في إيران، حيث تبنى تنظيم داعش-خراسان الهجوم الأكثر دموية في تاريخ إيران الممتد لمدة 45 عاماً قبل أسابيع فقط في مدينة كرمان.
وانتقدت رسائل داعش-خراسان مجموعة واسعة من الأعداء، بمن فيهم الرئيسان الأمريكيان دونالد ترامب وجو بايدن، والرئيس الصيني شي جين بينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى قادة حماس، وخاصة حركة طالبان، التي يحاول التنظيم استمداد الشرعية والقوة البشرية منها.
ويبدو أن أفغانستان هي قاعدة عمليات التنظيم الذي رسخ أقدامه فيها بعد تعرضها للحروب خلال صعوده السريع في الشرق الأوسط المجاور قبل عقد من الزمن واشتباكه مع الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة وحركة طالبان.
وبحلول الوقت الذي سقطت فيه معاقل داعش الأصلية في العراق وسوريا أمام مجموعة من الحملات المنفصلة التي شنتها القوات المحلية المدعومة من التحالف الأمريكي وروسيا وإيران، كان التنظيم قد بدأ بالفعل في وضع الأساس للانتقال إلى التركيز على أفغانستان.
ويشار إلى هذا البلد منذ فترة طويلة باسم "مقبرة الإمبراطوريات" بسبب تاريخ الإخفاقات التي حلت بغزاة القوى الكبرى مثل الإمبراطورية البريطانية والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة.
فعندما انسحب الجيش الأمريكي من حملته التي استمرت عقدين في أفغانستان في أغسطس 2021، فعل ذلك بعنف، وأكد أن "طالبان" ستواصل القتال ضد الجماعات المسلحة مثل القاعدة وداعش. ومع ذلك، تتجه الإمارة الإسلامية الآن نحو مواجهة التهديد المتزايد على الرغم من الحملة النشطة لمكافحة التمرد.
وقال كولين كلارك، زميل باحث كبير في مركز صوفان ومقره نيويورك، والذي عمل بشكل متكرر مع مسؤولين أمريكيين في قضايا مكافحة الإرهاب، لمجلة "نيوزويك" إنه يرى أن الوجود المتزايد لتنظيم داعش-خراسان في أفغانستان يعزز صعوده.
كما أشار كلارك إلى أن "طالبان هي القوة الرئيسية التي تحاول احتواء تنظيم داعش-خراسان داخل أفغانستان، بعد انسحاب الولايات المتحدة من البلاد، وطالبان مشغولة بالفعل بمحاولة حكم البلاد بأكملها، وكانت عناصر طالبان متمردين فعالين، لكنهم أصبحوا أقل فعالية بكثير كقوة لمكافحة التمرد".
وبالنظر إلى أهمية روسيا الجيوسياسية وعدد سكانها الكبير من المسلمين، والصدام بين أيديولوجية داعش الإسلامية المتشددة وميول بوتين المسيحية الأرثوذكسية الروسية التقليدية، فقد وضع الجهاديون موسكو في مرمى نيرانهم منذ فترة طويلة.
وقال لوكاس ويبر، المؤسس المشارك لشبكة أبحاث "ميليتانت واير"، لمجلة نيوزويك: "كانت روسيا العدو الأول لتنظيم داعش منذ بداياته.
وفي عام 2014، وصف الخليفة السابق أبو بكر البغدادي روسيا بأنها العدو الرئيسي إلى جانب الولايات المتحدة".
وأضاف ويبر أن "روسيا جذبت انتباه داعش من خلال تدخلها العسكري في سوريا وعبر أفريقيا، وعلاقاتها مع طالبان، والعديد من السياسات الأخرى. وتُعتبر مركز قوة لما أطلق عليه داعش 'الشرق الصليبي'".
بينما يُتوقع بشكل كبير أن ترد روسيا بقوة على الهجوم المسلح في موسكو، فإن ضرب جذور داعش أثبت أنه تحدي صعب.
وقال افتخار فردوس، المحرر المؤسس لمجلة خراسان وأستاذ زائر في جامعة القائد الأعظم في باكستان، لمجلة نيوزويك إن "إحدى أبرز خصائص تنظيم داعش-خراسان هي أنه يعتمد على التناوب بين فترات من النشاط الزائد وفترات السكون، استناداً إلى الحالات والعوامل المحلية والعالمية".
وأضاف فردوس: "هذا العامل العابر للحدود الوطنية يجعل من الصعب للغاية على الدول التعامل مع القدرات العملياتية للجماعة".
ومع الشبكات المالية المتطورة والحملات الدعائية النشطة ومجموعة واسعة من الأهداف، فإن أكبر الأصول التي يمتلكها التنظيم ربما تكون "عدم القدرة على التنبؤ (بأفعاله) والقدرة على الاستفادة دائمًا من الديناميكيات المحلية، على عكس الجماعات المسلحة الأخرى التي تمتلك مبادئ توجيهية صارمة".