وسط ضغط أمريكي على إسرائيل.. هل اقترب الاتفاق على الهدنة في غزة؟
عبده حسن مصر 2030وافقت الولايات المتحدة على قرار جديد لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار" واتفاق الرهائن في غزة، مع تصاعد الضغوط على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية والسماح بإيصال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الفلسطينية.
ومن المتوقع أن يلتقي رئيسا وكالة المخابرات المركزية والموساد، ويليام بيرنز وديفيد بارنيا، في قطر اليوم الجمعة للبحث في اتفاق بعيد المنال لوقف إطلاق النار مقابل الرهائن بين إسرائيل وحماس، بحسب "جارديان".
وفي حديثه في مصر، أكد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن العمل ما زال صعبًا، لكنه أشار إلى أنه ممكن، وصف بلينكن قرار الأمم المتحدة بأنه يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن".
ومع ذلك، إذا فشلت محادثات الرهائن في الدوحة، فستواجه إدارة بايدن تحديًا في مواجهة تحذيرات من أزمة إنسانية في غزة، وكانت صياغة مشروع القرار الأمريكي الجديد أكثر غموضًا بشأن هذا الارتباط.
وأشارت الجارديان إلى أن "وقف إطلاق النار الفوري والمستدام" أمر "حتمي"، مؤكدة أهمية دعم المفاوضات بشأن الرهائن. وعبر دبلوماسي أوروبي في الأمم المتحدة عن تقديره لتحول الولايات المتحدة في التركيز على وقف إطلاق النار "الفوري" وعبارة "نحو تلك الغاية".
في حين كان الزعماء الأوروبيون يجتمعون في بروكسل لمناقشة دعوة الاتحاد الأوروبي المشتركة لوقف إطلاق النار، وفي وقت تغيرت فيه اللغة الأمريكية بشأن الموضوع، أعرب منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن قلقه من فشل إيصال مساعدات فورية وكافية إلى غزة، معتبرًا ذلك فشلًا للإنسانية، وأدان عدم منح إسرائيل حق الوصول الكامل إلى قافلة الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية على الحدود مع غزة.
وعلى الرغم من ذلك، أبدى بوريل سعادته لدعوة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتبني إعلان يتجاوز نتائج اجتماع أكتوبر، مشيرًا إلى أهمية تحقيق هدنة إنسانية فورية واتفاق مستدام لوقف إطلاق النار.
وأشارت مصادر أوروبية إلى أن التغيير في الموقف الأمريكي ربما يسمح لبعض الدول الأوروبية مثل النمسا والتشيك بإعادة النظر في مواقفهما، والانضمام إلى الدعم المقدم من قبل دول أخرى كألمانيا في تبني بيان يطالب بوقف إطلاق النار وتحقيق هدنة إنسانية فورية تؤدي إلى اتفاق مستدام.
وهذا التحول في الموقف الدولي يفاقم الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، التي تصر على تنفيذ هجوم جديد على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، على الرغم من المعارضة الشديدة من الولايات المتحدة الأمريكية، كما ستتمحور محادثات الرهائن في الدوحة حول سد الفجوة العنيدة بين مواقف الطرفين.
ورفضت إسرائيل اقتراح حماس بتحرير الرهائن مقابل اتفاق ينهي الحرب، وتركز بدلاً من ذلك على وقف مؤقت يشمل إطلاق سراح 40 رهينة معرضين للخطر، من كبار السن والمرضى وبعض النساء، لمدة ستة أسابيع لتهدئة الأعمال العدائية.
وأشار بلينكن إلى أن الفجوات بين الأطراف تتقلص، معربًا عن ثقته في إمكانية التوصل إلى اتفاق، وأكد موقف الولايات المتحدة المعارض للهجوم المحتمل على رفح من قبل إسرائيل، مشيرًا إلى أن ذلك سيكون خطأً كبيرًا. وأضاف أن التعامل مع حماس ليس ضروريًا بالضرورة، لكنه لا يمكن تجاهله.
وناشدت إدارة بايدن المسؤولين الإسرائيليين للقاء في واشنطن لمناقشة البدائل، مؤكدةً أن الاجتماع متوقع في الأسبوع المقبل.
في الوقت نفسه، يتهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باللجوء إلى نفوذه السياسي في الولايات المتحدة وعلاقته القوية مع الحزب الجمهوري لمواجهة الضغوط التي تمارسها الإدارة.
وقام نتنياهو بإجراء مكالمة هاتفية مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مدتها 45 دقيقة، يوم الأربعاء، مؤكدا فيها التزامه بمواصلة عملية رفح.
وأعرب رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايكل جونسون، عن نيته دعوة الزعيم الإسرائيلي لإلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس، مما يشبه ظهور نتنياهو في عام 2015، عندما استخدم المنصة للتعبير عن معارضته لسياسة باراك أوباما في الشرق الأوسط.
وتتزايد الضغوط أيضا على الرئيس جو بايدن من زاوية أخرى، حيث يطالب بوقف غير مشروط لإطلاق النار.
وفي رسالة وجهها 67 مسؤولًا سابقًا في الأمن القومي الأمريكي إلى الرئيس، حثوه على المضي قدما في التوصل إلى هدنة، معبرين عن عدم تبريرهم للعمليات التي تستهدف المدنيين بالطبيعة والحجم الحالي للخسائر البشرية في غزة، محذرين من أن سلوك إسرائيل قد يجعل القطاع غير صالح للسكن للفلسطينيين.
كما يتضمن المشروع الأمريكي للقرار 26 فقرة تحث على توصيل المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في غزة بشكل فوري وآمن ودون عوائق.
وتزامن ذلك مع إصدار تحليل للأمم المتحدة يظهر أن 35% من المباني في غزة تضررت أو دمرت خلال الهجوم الإسرائيلي، الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 32,000 فلسطيني.
كما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد تصويتات سابقة في مجلس الأمن الدولي بشأن الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ستة أشهر، واعترضت في فبراير الماضي على استخدام مصطلح "فوري" في مشروع قدمته الجزائر.
ولكن في الأسابيع الأخيرة، كثفت واشنطن الضغوط على حليفتها بينما أصرت على ضرورة إطلاق سراح الرهائن فورًا خلال هجماتها على إسرائيل في 7 أكتوبر.
كان المسؤولون الأمريكيون يتفاوضون على نص بديل منذ عرقلة مشروع القرار الجزائري الذي يدعو إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار" في غزة في نهاية فبراير.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية، فإن هذا المشروع البديل، الذي يركز على دعم هدنة مدتها ستة أسابيع مقابل إطلاق سراح الرهائن، لم يكن لديه فرصة كبيرة للفوز بالموافقة.
وفي حين أنه لم يتم تحديد موعد للتصويت بعد على النص الجديد، إلا أنه يرسل رسالة أوضح حتى الآن إلى إسرائيل حول الإحباط المتزايد لإدارة بايدن من مواصلة الحرب، ويأتي بعد تحذير من مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من أن إسرائيل قد ترتكب جريمة حرب باستخدام "التجويع كوسيلة للحرب".