انطلاق أولى فعاليات الملتقي الفقهي بالجامع الأزهر

عقد الجامع الأزهر، اليوم الاثنين، أولى حلقات الملتقى الفقهى الذى يعقد طوال شهر رمضان المبارك، وحاضر فى الملتقى الأستاذ الدكتور عبد العظيم خيرالله، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، عضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، والدكتور أسامة الحديدى، مدير مركز الأزهر العالمى للفتوى، وأدار اللقاء الدكتور أحمد عبدالله، الباحث بالجامع الأزهر الشريف، ودار موضوع الملتقى حول "أثر صيام رمضان فى التطبيق العملى لتعاليم الإسلام".

قال د.عبد العظيم إن الصيام له أثر عظيم فى تهذيب النفس البشرية وتزكيتها وطهارتها من الأخلاط الرذيلة والأخلاق الذميمة، كما فيه كسر للنفس فإن الشبع والرى ومباشرة النساء تحمل النفس على الشر والبطر والغفلة، وفيه أيضا تخلية القلب للفكر والذكر فان معايشة الشهوات قد تفسد القلب وتعميه وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر وخلو البطن من الشبع ينور القلب ويوجب رقته ويزيل قسوته، وهذا يعنى أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لايكمل ولا يتحقق إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله تعالى بترك المباحات كان كمن ترك الفرائض وتقرب إليه بالنوافل.

وأشار عضو الفتوى بالجامع الأزهر إلى أن الصيام يهذب الأخلاق ويقوى الإرادة ويربى المسلم على سمو الأخلاق والارتفاع بهذه النفس البشرية عن الفحش فى القول والعمل، فالصيام تدريب على خلق الامتناع ففيه تدريب المسلم عن الامتناع عن الحلال حتى يتكون له قوة الإرادة فى أن يكون قادرا على الإمتناع عن الحرام يقول: لا لما هو جائز ومباح حتيطى يصل إلى القوة التى من خلالها يقول للحرام لا.د، فلا صيام مع أذى الناس أو الاعتداء عليهم، ولا صيام مع تناول الحرام والمحرمات ولا صيام مع المنغمسين فى شهواتهم والقاطنين فى ظلمات أهوائهم، فالصيام حقيقة لها أثرها الفعال فى نفس المسلم وحسن توجهه نحو الحق والعدل ومخافة الله تعالى كيف لا وهو من دعائم تقوى الله ومخافته ومراقبته.

ومن جانبه بين د. أسامة الحديدى كيف أن الصوم يعلمنا تطبيق تعاليم ديننا الحنيف من خلال طريقين هما: طريق المنع، وطريق المنح، فمنع النفس عما تشتهيه من الطعام والشراب وسائر الملذات، ومنحها من الجوائز والعطايا والدرجات ما يدفع الإنسان إلى تجاوز الحجب والحواجب التى تحول بينه وبين الارتقاء فى تطبيق تعاليم الإسلام حيث يفعل ما يؤمر به ويمتنع عما نهى عنه.

وأوضح مدير مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، أن هناك عدد من الأبعاد المتصلة بالصوم تبعث فى الإنسان تحقيق تعاليم الإسلام بسبب صومه، وذكر منها البعد الدينى، والبعد العقلى، والبعد القلبى، والبعد الروحى، والبعد المجتمعى، موضحا أن الصيام من أجل الأعمال وأعلاها قدرا، فرضه الله ليقوى دعائم الإيمان لدى العباد، فهو ركن من أركان الإسلام يتميز بخصوصيات كثيرة منها أنه سر بين العبد وربه؛ لا يدخل فيه الرياء ولا السمعة لذلك أضافه الله عز وجل إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم وتعظيم لمكانته ورفعة لمن أدى هذه الفريضة على وجهها الأتم.

ومن جهته أوضح د.أحمد عبدالله أنه فى كل فريضة من فرائض الإسلام امتحان لإيمان المسلم ولعقله وإرادته، والأركان الخمسة الامتحان فيها واضح المعنى بين الأثر؛ أما الفضائل التى هى واجبات تكميلية، لا يكمل إيمان المؤمن إلا بها، كالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والصدق فى القول والعمل، والصبر فى مواطنه، والشجاعة فى ميدانها، والبذل فى سبله، فكل واحدة، أو فى كل واحدة منها امتحان تكميلى للإيمان، تعلو فيه قيم، وتهبط قيم، وفى التوحيد امتحان لليقين، واليقين أساس السعادة، وفى الصلاة امتحان للإرادة، والإرادة أصل النجاح، وفى الحج امتحان للهمم بالسير فى الأرض، وهو منبع العلم، وفى الصوم امتحان للصبر، والصبر رائد النصر، غير أن الصوم أعسرها امتحانا؛ لأنه مقاومة عنيفة لسلطان الشهوات الجسمية.

وأضاف الباحث بالجامع الأزهر أن الروح المقاومة فى الصوم هى التى راعتها الأديان والنحل، فجعلت الصوم إحدى عبادتها، تروض عليه النفوس المطمئنة، وتروض به النفوس الجامحة، ولكن الصوم فى الإسلام يزيد عليها جميعا فى صوره ومدته، وفى تأثيره وشدته، فمدته شهر قمرى متتابع الأيام، وصورته الكاملة فطم عن شهوات البطن والفرج واللسان والأذن، وكل ما نقص من أجزاء ذلك الفطام فهو نقص فى حقيقة الصوم، كما جاءت بذلك الآثار الصحيحة عن صاحب الشريعة، وكما تقتضيه الحكمة الجامعة من معنى الصوم.

ويواصل الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتتضمن: "130 مقرأة- 52 ملتقى بعد الظهر- 26 ملتقى بعد العصر- صلاة التراويح بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث الإسلامية 20 ركعة يوميا بالقراءات العشر- 30 درسا مع التراويح- صلاة التهجد بالجامع الأزهر ومسجد مدينة البعوث فى العشر الأواخر- تنظيم 7 احتفالات متعلقة بمناسبات الشهر الكريم- 5000 وجبة إفطار يوميا للطلاب الوافدين، لتصل الوجبات لـ 150ألف وجبة طوال الشهر الكريم.