”مدفع الإفطار”.. عادة للمصريين تعود إلى العصر المملوكي
مارينا فيكتور مصر 2030ارتبطت فكرة "مدفع الإفطار" في مصر وترسخت في عادات المصريين وحافظوا عليها لفترة طويلة وأصبح دوي هذا المدفع مع غروب الشمس "الإشارة" التي يجتمع عليها الجميع، لبدء الإفطار بعد صيام يوم طويل، كما أصبح من السمات المميزة للمظاهر الاحتفالية في مصر طوال شهر رمضان وحده.
نشأة مدفع رمضان
تضاربت الآراء التاريخية من حيث نشأة تلك العادة وأجمعت الروايات، رغم اختلافها، على كونها وليدة الصدفة، أبرز تلك الروايات ما يشير إلى أن العادة ترجع إلى عهد "خوش قدم" المملوكي الذي يقال إنه أمر بتجربة مدفع وصادف ذلك الأول من رمضان عام 869 هجريا (1465 ميلاديا).
وتزامن سماع دوي مدفع رمضان وقت الإفطار فاعتقد الأهالي أنه إعلان لتناول الطعام، وفي اليوم التالي أمر خوش قدم بتكرار العادة طوال شهر رمضان، بعد علمه باستحسان الأهالي لها.
مدفع رمضان ومحمد علي باشا
تنسب رواية أخرى العادة إلى عهد محمد علي باشا، الذي صادف تجريبه مجموعة من المدافع في لحظة الغروب في يوم من أيام رمضان، فاعتقد الناس أنها إشارة تعلن بدء الإفطار.
وطلب الناس استمرارها في الشهر، بل وفي وقت الإمساك أيضا، واستمرت العادة واستمر المدفع يدوي بطلقاته من قلعة محمد علي في القاهرة حتى وقت قريب.
الخديو إسماعيل ومدفع رمضان
ويقول البعض إن العادة تعود إلى الخديو إسماعيل، حيث كان أحد الجنود ينظف مدفعا، فانطلقت قذيفة بالخطأ، وصادف ذلك لحظة الغروب، فاعتقد الأهالي أيضا أنها إعلان ببدء إفطارهم، وترسخت العادة كما حدث مع الراوية السابقة المنسوبة إلى عصر محمد علي باشا.
ولكن يبدو أن العادة أقدم من الخديو إسماعيل بدليل أن الرحالة الإيرلندي ريتشارد بيرتون، الذي زار مصر عام 1853 في أواخر عهد عباس باشا الأول (1848-1854)، ذكرها في مذكرات رحلته المنشورة بعنوان "رحلة بيرتون إلى مصر والحجاز".
وقال الرحالة في مذكراته: "بعد نصف ساعة من منتصف الليل ينطلق مدفع السحور منبها المسلمين بوجوب الاستعداد لتناول طعام السحور وهو بمثابة إفطار مبكر. وبمجرد سماع المدفع يوقظني خادمي إذا كنت نائما ... ويضع أمامي بقايا وجبة المساء (الإفطار)".