«انهيار الأونروا».. هل يُزيد من أعباء الكارثة الإنسانية في غزة؟
عبده حسن مصر 2030اضطرت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين إلى استثمار كل دولار وتنسيق مواردها المالية لضمان استمرار عملياتها الحيوية في قطاع غزة، بعدما توقفت 18 دولة مانحة عن تمويلها بسبب اتهامات بالتواطؤ مع حركة حماس.
وتواجه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) عجزًا يبلغ 450 مليون دولار من ميزانيتها البالغة 880 مليون دولار، في ظل أكبر أزمة إنسانية يشهدها التاريخ الممتد لـ 75 عامًا للمنظمة.
وفي الأسبوع الماضي، أعلن فيليب لازاريني، رئيس الوكالة، أن الأونروا وصلت إلى "نقطة الانهيار"، فيما تشير تقارير إلى أنها اضطرت مؤقتًا لوقف تقديم المساعدات إلى شمال قطاع غزة، بسبب عدم إمكانية تنفيذ عمليات إنسانية مناسبة، في ظل تزايد التقارير عن المجاعة في المنطقة.
وتدير الأونروا المدارس والخدمات الصحية والخدمات الاجتماعية والصرف الصحي للمياه، وتوفر المساعدة الغذائية للفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وسوريا ولبنان والأردن.
ولقي أكثر من 150 موظفًا من الأونروا مصرعهم في غزة أثناء تقديمهم الدعم الإنساني الذي يزداد الحاجة إليه، منذ بدء النزاع بين إسرائيل وحماس في أكتوبر.
وخلال يناير الماضي، قدمت إسرائيل ملفًا يزعم أن 12 شخصًا من بين 30,000 شخص يعملون في الأونروا شاركوا في الأحداث المأساوية التي وقعت في 7 أكتوبر، حيث قتل حوالي 1,200 إسرائيلي واحتُجز حوالي 240 كرهينة.
وأعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا و15 دولة أخرى أنها ستوقف تمويلها حتى تتوفر نتائج التحقيق الذي أمر به أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، ومن المتوقع أن يكتمل التحقيق في أوائل شهر مارس.
وأشارت تمارا الرفاعي، مديرة الشؤون الخارجية في الأونروا، إلى وجود تعقيد ومخاطر الوضع المالي للوكالة، حيث اقتنعت بعض الدول التي لم تتوقف عن تمويلها بتقديم تبرعات مسبقة، وتأخرت بعض الدول في دفع فواتيرها لضمان دفع رواتب الموظفين في فبراير ومارس.
وتعليقًا على الأوضاع، صرّحت الرفاعي بأن الوضع يبدو جنونيًا بالنسبة لمنظمة في مستوى الأونروا، مضيفة أن البقاء دون شبكة أمان مالية لفترة طويلة يعتبر غير منطقي، خاصة مع تزايد الضغوطات المالية والاستهلاكية.
ويعمل معظم الدول المانحة بتقديم الأموال لمدة عام واحد فقط، مما يجعل من الضروري جمع الأموال بشكل متكرر لتغطية التكاليف الأساسية مثل رواتب الموظفين وتشغيل الخدمات.
وتأثير الحروب والأزمات على الوكالة واضح، حيث تشكل الحروب والأزمات استنزافًا كبيرًا للموارد، وتؤثر على القدرة على تقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية.
وتحولت مدارس الأونروا في غزة إلى ملاجئ للنازحين، مما أدى إلى تعطيل العملية التعليمية وزيادة الضغوط على الوكالة.
وفي ظل هذه الظروف، قدمت أيرلندا تعهدًا بمبلغ إضافي قدره 20 مليون يورو للأونروا لمساعدتها في التغلب على الأزمة المالية.
من جهة أخرى، أعلنت الولايات المتحدة عن تجميد التمويل، في حين أبدت الأونروا أملها في أن تتفهم الدول الأخرى خصوصية الوضع وتسهم في استمرار تقديم الدعم، مع التركيز على ضمان حيادية الموظفين وفقًا للتحقيقات والمراجعات الداخلية.
وظهر الملف الإسرائيلي المكون من ست صفحات، مُزعمًا أن موظفي الأونروا متورطون في الفظائع التي وقعت في 7 أكتوبر، في الوقت الذي قضت فيه محكمة العدل الدولية بوجود قضية معقولة لتوجيه اتهامات بالإبادة الجماعية ضد إسرائيل في غزة.
وأشار الملف إلى أن أسماء 12 عضوًا من موظفي الأونروا الذين يُزعم أنهم شاركوا في عملية حماس، مُدعيًا أن هناك "حوالي 190 ناشطًا إرهابيًا من حماس والجهاد الإسلامي يعملون كموظفين في الأونروا"، ولم يتم تقديم أي دليل في الملف.
وأوضح كريس غانيس، الذي كان المتحدث باسم الأونروا لمدة 11 عامًا حتى عام 2019، أن المانحين الذين أوقفوا تمويل الوكالة كانوا "مذنبين بالتواطؤ" في "مذبحة بطيئة الحركة" بسبب المجاعة: "هناك 1.2 مليون شخص على قوائم توزيع الغذاء التابعة للأونروا في غزة"، مشيرًا إلى أنهم ينزلقون إلى المجاعة الآن. ومن خلال وقف تمويل الأونروا، فإن المملكة المتحدة ودول أخرى تزيد أيضًا من عدم الاستقرار الإقليمي.
وتقوم الأونروا بتعليم 550,000 طفل في أكثر من 700 مدرسة في الضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا بالإضافة إلى غزة. وتشهد العيادات الصحية التابعة للأونروا في مختلف أنحاء الشرق الأوسط 7 ملايين زيارة مريض سنويًا.
وتقدم الوكالة الغذاء والنقود إلى مليوني شخص في المجتمعات الأكثر هشاشة في منطقة تشهد حربًا.