ما هي الحوافز التي قدمتها الحكومة من أجل توطين صناعة السيارات؟
علي فوزي مصر 2030توطين صناعة السيارات داخل مصر.. تصدرت محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك بعد إعلان الحكومة عن منح العديد من التسهيلات والتيسيرات الخاصة بهذا الأمر من أجل تحفيز الشركات على الدخول فى هذا المجال المهم.
توطين صناعة السيارات فى مصر
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، العدد الخامس من مجلة "مرصد السياسات العامة"، موضحا اهتمام الدولة بصناعة السيارات، والذى تمثل فى طرح الاستراتيجية الوطنية للسيارات، وتوفير حوافز لتعزيز التصنيع المحلى والتجميع مع رفع قدرة المجمعين المحليين، واستهداف تصدير السيارات للأسواق الخارجية.
حوافز توطين صناعة السيارات
تتمتع مصر بعدد من المقومات التى تساعد على تطوير صناعة السيارات وأبرزها، قيام العديد من الشركات العالمية الرائدة فى مجال تصنيع المعدات الأصلية بالإنتاج محليا فى مصر، وانخفاض الأجور فى مصر مقارنة بالمستوى العالمى، والتى تعتبر ميزة بالنسبة للأجانب المستثمرين، وخاصة الذين يرغبون فى استخدام مصر كقاعدة للتصدير، والموقع الجغرافى الذى يجعلها مركزا مثاليا للتصدير بين الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا.
واستعرض المركز، المؤشرات المتعلقة بسوق صناعة السيارات فى مصر من حيث الإنتاج والمبيعات والقدرة على التصدير واستيراد الأجزاء المكونة للسيارات وقطع الغيار، فضلا عن إلقاء نظرة على العاملين بالقطاع، وتم تقييم فعالية أبرز الاتفاقيات التجارية التى انضمت إليها مصر بشأن تعزيز سوق السيارات، وفى هذا السياق تم استعراض توقعات مؤسسة "فيتش" بأن تصل مبيعات السيارات إلى ما يقرب من 270 ألف سيارة خلال عام 2030.
وتناولت الاتفاقيات الاقتصادية فى تعزيز التبادل التجارى لمصر مع مختلف دول العالم فى قطاع المركبات، حيث قامت مصر بتوقيع عدد من الاتفاقيات الدولية التى عملت على خلق فرص لزيادة الصادرات المصرية، ومن خلال تتبع حجم التبادل التجارى بين مصر وعدد من الاتفاقيات التجارية البارزة، تتضح أهمية دول الاتحاد الأوروبى كشريك تجارى لمصر سواء على مستوى الصادرات أو الواردات المصرية من المركبات ولوازمها خلال عام 2022، حيث استحوذ على نحو 41.5 % من إجمالى واردات مصر من القطاع خلال العام ذاته، كما ظهرت أهمية دول تجمع "الكوميسا" كوجهة رئيسية لصادرات المركبات المصرية.
كما تم استعراض الجهود المصرية والاستراتيجيات التى تم إطلاقها لتحفيز صناعة السيارات والصناعات المغذية، حيث يمكن تلخيص أبرز الجهود المصرية فى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة السيارات فى مصر فى 14 يونيو 2022، نتيجة التعاون المشترك بين جميع الأطراف التى تمثل هذه الصناعة وكل الشركاء الأجانب واتحاد الصناعات، وتتمثل أهمية الاستراتيجية فى تلبية الطلب المصرى المتزايد على السيارات وخفض الضغط على موارد الدولة من العملات الأجنبية، حيث يتوقع أن يتجاوز حجم الطلب على السيارات فى مصر خلال عشر سنوات حد الـ 8 مليارات دولار.
كما تتمثل أهمية الاستراتيجية أيضا فى تعزيز القدرة على الاستجابة إلى حجم الطلب فى السوق الإفريقية، والذى يتوقع أن يبلغ نحو 5 ملايين سيارة خلال السنوات العشر المقبلة، وهو ما يشير إلى وجود طلب حقيقى تمكن تغطيته من خلال التصدير إلى تلك الدول.
وتتمثل الجهود أيضا فى البرنامج الوطنى لتطوير صناعة السيارات فى مصر، ويعد بمثابة سياسة متكاملة لصناعة السيارات فى مصر والصناعات المغذية لها بما يتوافق مع جميع الالتزامات الدولية، ويتضمن البرنامج مجموعة من الحوافز تتمثل فى نظام تعريفة يسهل إجراءات الإفراج الجمركى للشركات المشاركة، وبرامج لدعم الشركات التى تتخصص فى توطين صناعة المعدات الأصلية بمصر، وتشجيع التحول نحو نظام التجميع الصناعى الكامل بما يشمل تجميع السيارات بالكامل محليا من الأجزاء المستوردة.
الرخصة الذهبية
من الجهود المصرية فى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتوطين صناعة السيارات، "الرخصة الذهبية" والتى تعد بمثابة موافقة واحدة نافذة بذاتها دون الحاجة إلى اتخاذ أى إجراء آخر، وكذلك المبادرة الرئاسية لإحلال المركبات المتقادمة: وتم إطلاقها عام 2021 بهدف تعزيز وجود المركبات الصديقة للبيئة فى نحو 15 محافظة فى المرحلة الأولى للمبادرة تمهيدا لتوسيع قاعدة المستفيدين من المبادرة فى باقى المحافظات، كما تعمل المبادرة على توطين صناعة السيارات من خلال زيادة نسبة المكون المحلى؛ على نحو يسهم فى تيسير امتلاك المواطنين لسيارات صديقة للبيئة.
كما تتضمن الجهود تعزيز البنية التحتية لصناعة المركبات: وأولت الحكومة اهتماما خاصا للصناعات المغذية لصناعة السيارات والبنية التحتية المرتبطة بالصناعة، حيث تم إنشاء وتشغيل ما يقرب من 3 آلاف محطة شحن بتكلفة استثمارية تقدر بنحو 450 مليون جنيه فى محافظات "القاهرة، الإسكندرية، الجيزة" ومدينة شرم الشيخ، والطرق السريعة، وذلك بالتعاون بين مؤسسات عامة وخاصة، بحيث يتم ذلك فى إطار شركة يشترك فيها القطاع الخاص بنسبة 25%، كما تم التوسع فى إقامة محطات الغاز الطبيعى اللازم لتموين السيارات، حيث تمت زيادة عددها من 250 محطة إلى 1000 محطة خلال عام واحد.
ومن الجهود أيضا تصنيع الضفائر الكهربائية: وفى إطار العمل على تعزيز الصناعات المغذية لصناعة المركبات عملت الحكومة على توفير كل الدعم اللازم لشركة (سوميتومو إلكتريك إيجيبت)؛ بهدف إقامة أكبر مصنع لإنتاج الضفائر الكهربائية للسيارات والمركبات بجميع أنواعها فى مدينة العاشر من رمضان، وذلك باستثمارات ضخمة على مساحة 150 ألف متر إذ يتمكن المصنع من مضاعفة إنتاج الشركة فى مصر، بحيث يلبى المصنع احتياجات السوق المحلية، ويصدر منتجاته لمختلف الأسواق الأوروبية والأمريكية وفقا لتوقعات الشركة، حيث يعمل المصنع على توفير ضفائر كهربائية، وعقول إلكترونية لعدد مليون سيارة سنويا بما يوفر 3500 فرصة عمل، وهو ما يؤكد قدرة مصر لاجتذاب كبرى الشركات العالمية للاستثمار فى السوق المصرية.
كما تتضمن الجهود إنتاج إطارات السيارات، حيث حرصت الحكومة على جعل السوق المصرية مركزا لإنتاج السيارات وصناعتها المغذية لتلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير للسوقين الإقليمى والقارى، وذلك من خلال توفير حزم تحفيزية للشركات المحلية والعالمية لتعميق التصنيع المحلى، وهو ما انعكس على تحفيز إنشاء مصنع "رولينج بلس" لإنتاج إطارات السيارات الملاكى والنقل الخفيف والثقيل على مساحة 400 ألف متر مربع بمنطقة السخنة الصناعية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات تقدر بنحو مليار يورو؛ إذ تبلغ الطاقة الإنتاجية للمشروع بالكامل نحو 7 ملايين إطار سنويا.
ومن الجهود، تحفيز إنتاج السيارات الكهربائية فى مصر: وفى ضوء ذلك تم تدشين مشروع تصنيع سيارة كهربائية مصرية بتمويل من أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا برعاية وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، وذلك فى إطار استراتيجية الوزارة لتهيئة بيئة محفزة لإنتاج وتوطين التكنولوجيا وخطط الوزارة للنهوض بصناعة السيارات الكهربائية، من خلال حزمة من المبادرات والمشروعات القومية وهو ما أسفر عن تطوير نموذج لتصنيع سيارة كهربائية مصرية يحقق الربط بين البحث العلمى والصناعة.
كما تضمنت الجهود تعزيز سبل التعاون الدولى: تم عقد عدد من الاتفاقيات الإطارية مع كبرى شركات السيارات العالمية بما يعمل على توطين صناعة السيارات فى مصر وتنفيذ أهداف البرنامج الوطنى لتنمية صناعة السيارات، من أبرز تلك الاتفاقيات اشتراك الحكومة المصرية مع عدد من شركات السيارات المحلية والعالمية، والتى تضمنت شركة (نيسان مصر) وإفريقيا وشركة "ستيلانتس إيجيبت" ومجموعة المنصور للسيارات، وذلك فى إطار 3 اتفاقيات ملزمة تم توقيعها خلال شهر فبراير 2023 لضخ استثمارات بقيمة 145 مليون دولار فى قطاع السيارات.
الحوافز المالية
يضع هذا المحور بعض المعايير التى يمكن مراعاتها فى نظام الحوافز الحالى التى تتبعه الحكومة وذلك من خلال الآتى: "الاعتماد على الحوافز المرتبطة بالإنتاج بحيث يتم تقديم حوافز مالية لتعزيز التصنيع وجذب الاستثمارات فى سلسلة القيمة، "وتحفيز جانب الطلب المصرى على شراء السيارات محلية الصنع من خال تقديم دعم نقدى أو الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة أو الإعفاء من رسوم الطرق".
تحفيز صناعة السيارات الكهربائية
يستهدف هذا المحور استخلاص أبرز الإجراءات التى تساعد على تسريع توطين صناعة السيارات الكهربائية فى مصر، وذلك كما يلى:
- استهداف توطين المكون المحلى لصناعة السيارات الكهربائية بنحو 50 - 60 % من مكونات السيارة من خال تصنيع البطاريات الكهربائية محليا بالاستفادة من خبرات شركاء أجانب وذلك كخطوة أولية تمهيدا لتوطين صناعة السيارة الكهربائية محليا بالكامل".
- إعفاء كل المكونات والمواد الخام المستوردة اللازمة لإنتاج السيارات الكهربائية من الجمارك".
- تطوير منصة إلكترونية تتضمن كل البيانات المتعلقة بأماكن محطات الشحن الكهربائى وتكلفة الشحن، وذلك على مستوى كل المحافظات المصرية.
التدريب ورفع كفاءة الكوادر البشرية
فى ضوء ذلك يمكن رفع كفاءة العمالة المصرية من خلال "تطوير قدرات العاملين بهيئة التنمية الصناعية"، و"تأسيس مجلس لتنمية مهارات العاملين فى قطاع السيارات على غرار التجربة الهندية"، و"إقامة مراكز تدريبية لتوفير الكوادر البشرية المؤهلة للعمل بالقطاع".
توفير المواد الخام
يمكن مراعاة المقترحات التالية لضمان توافر المواد الخام والسلع الوسيطة، و"إتاحة كل المعلومات المتعلقة بالوقت الذى تستغرقه عملية الاستيراد والإجراءات والرسوم والمستندات اللازمة عبر الإنترنت بصورة محدثة وفى التوقيت المناسب"، و"تسريع إصدار خطابات الاعتماد وإجراءات الاستيراد خاصة المتعلقة بالمدخلات الوسيطة"، و"تسهيل حصول المستوردين على رقم القيد الجمركى وتقليل الوقت المستغرق للحصول عليه من خلال زيادة كفاءة النظام".
محور دعم الابتكار
يمكن تحفيز عملية الابتكار والبحث والتطوير فى مجال صناعة المركبات فى مصر من خلال ما يلى:
- تقديم حوافز للباحثين لتسجيل براءات الاختراع الخاصة بهم فى مصر أو استيراد براءات الاختراع الخاصة بهم من الخارج للتسجيل فى مصر.
- دعم أنشطة البحث والتطوير فى مجال تكنولوجيا البطاريات.
- إنشاء صندوق تكنولوجى لتقديم الدعم المالى للمشاريع المبتكرة.
- جذب استثمارات لإنشاء مراكز فى مجال البحث والتطوير فى مجال السيارات فى مصر بما يساعد على استقطاب استثمارات مصنعى المعدات الأصلية والصناعات المغذية.