حكم الدعاء على الموذي: بين الجواز والمنع


الدعاء هو عبادة من العبادات التي أمر الله تعالى بها عباده، وهو من أعظم الأسباب التي تقرب العبد من ربه، ويحقق له ما يصبو إليه من خيرات الدنيا والآخرة.
وقد وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية أحاديث كثيرة تحث على الدعاء، وتبين فضله وأثره، ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر".
ولكن هل يجوز الدعاء على الموذي؟ وما حكم الدعاء عليه؟
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الدعاء على الموذي جائز، بل هو مستحب في بعض الحالات، وذلك إذا كان الدعاء على الموذي بقدر ظلمه، ولم يكن فيه تعدٍ على حدود الله، وإلا كان حرامًا.
ودليلهم على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دعا الرجل على أخيه بظهر الغيب، فإنه يحضر عليه ملك، فيقول: آمين، ولك بمثل".
وهذا الحديث يدل على أن الدعاء على الموذي يتحقق، وأنه يصيب المدعو عليه، ولذلك وجب الحذر من الدعاء على الغير، إلا إذا كان بحق، وقدر الظلم.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن الدعاء على الموذي حرام، وذلك لأنه يخالف أمر الله تعالى بترك الدعاء على الغير، ومن ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].
ودليلهم أيضًا على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدعو على أنفسكم، ولا تدعو على أولادكم، ولا تدعو على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم".
وهذا الحديث يدل على أن الدعاء على الغير قد يوافق ساعة يسأل فيها الله تعالى عطاء، فيستجيب الله تعالى للدعاء، ولذلك وجب الحذر من الدعاء على الغير.
وخلاصة القول أن الدعاء على الموذي جائز في بعض الحالات، وحرام في بعض الحالات الأخرى، وذلك حسب ما ورد في الأدلة الشرعية.
ولذلك يجب على المسلم أن يتقي الله تعالى في دعائه، وأن يحرص على أن يكون دعاؤه خالصًا لله تعالى، وأن لا يدعو على الغير إلا بحق.