مصطفى محمود.. 100 عام على مولد «المشرحنجي»

الفيلسوف، العبقري، العالم، قل ما شئت في وصفه، فقد كان مصطفى محمود آية من آيات قدرة الله، الذي نقله الشك إلى اليقين، والبحث في أغوار النفس البشرية إلى الإدراك بوحدانية الله وقدرته.

27 من ديسمبر عام 1921 وُلد مصطفى محمود بمحافظة المنوفية، لم تكن حياته منذ صغره تقليدية، بل كان طفلًا عبقريًّا؛ فرغم تفوقه قرر أن يترك المدرسة بعدما ضربه مدرسه.

ترك المدرسة

3 سنوات قضاها صاحب العلم والإيمان مصطفى محمود رافضًا العودة لمدرسته، ولكنه فجأة عدل عن قراره بعد أن وصل لعلمه بأن المدرس غادر وانتقل لمكان آخر.

معمل داخل منزله

لم ينشغل باللعب واللهو كما كل الصغار، بل كان مفكرًا، يستهويه التشريح والابتكار، حتى أنشأ معملًا صغيرًا داخل بيته، وكان يقوم من خلاله بصناعة الصابون، وابتكار طرق جديدة للتخلص من الحشرات الضارة.

كلية الطب

كبر محمود والتحق بكلية الطب، وهناك أصبح معروفًا بالمشرحنجي؛ نظرًا لأنه كان يقف طويلًا أمام الجثث يتأملها ويقضي أوقاتًا كثيرة في تشريحها.

العمل وراء راقصة

كانت للطبيب الشاب أفكار غريبة بالنسبة لأسرته جعلت والدته تخشى عليه، وتعنفه فقد عشق الكمان في صغره؛ الأمر الذي دفعه للعمل خلف راقصة بالمناطق الشعبية.

ويحكي العالم في مذكراته: «شاء القدر أن أتعرف على الأسطى عبد العزيز الكمنجاتي والراقصة فتحية سوست، وكانا أصحاب فرقة لإحياء الأفراح والطهور، واتفقا معي أن أنضم لفرقتهما، ووافقت دون مقابل مادي، لحبي للكمان».

وجذبه عقله للبحث في أمور كونية، وبدأ يطرح على نفسه تساؤلات تجعله في حيرة من أمره، وكلما شعر بأنه اقترب من الحقيقة وجد نفسه لم يصل إلى شيء.

برنامج العلم والإيمان لم يكن برنامجًا عاديًّا، بل كان يحظى بشعبية كبيرة، وكغيره من كل الأشياء الناجحة وجدت فكرة البرنامج محاربة قوية في مهدها وحتى في أوج شهرتها، فقد وافق التلفزيون على عرض البرنامج مقابل مبلغ مادي زهيد، إلا أن أحد رجال الأعمال قرر الإنفاق عليه حتى ظهر للنور، ونقل الناس ساعتها نقلة أخرى، من عالم التفاهات واللاشيء إلى التأمل في مخلوقات الله وكونه، والإعجاز في كل ما صنعته يد الله.

مصطفى محمود والرؤساء

كانت علاقة مصطفى محمود بالرئيس جمال عبد الناصر على غير ما يُرام، وخاصة بعدما أصدر الزعيم قرارًا بإلقاء القبض عليه، ويبدو أن أفكاره بعض الوقت جعلته مُحارَبًا من قبل بعض رجال الدين.

السادات كان أكثر الرؤساء الذين قربوا العالم مصطفى محمود منه، وكانت بينهما علاقة قوية، جعلت الرئيس المنتصر يعرض عليه أن يصبح ضمن الوزراء، إلا أنه رفض معللًا ذلك بأنه فشل في إدارة بيته فهل سينجح في أن يكون مسئولًا عن وزارة.

محطات كثيرة كانت في حياة المفكر الكبير الراحل مصطفى محمود الذي قضى 30 عامًا من عمره باحثًا عن الله والروح والحياة والإنسان والموت، جعلت منه عاملًا جليلًا وفيلسوفًا كبيرًا، صعب أن يجود الزمان مرة أخرى بمثله.