«أهداف صعبة المنال».. هل أصبحت مهمة إسرائيل في غزة «مستحيلة»؟
في تقريره لصحيفة "تايمز" البريطانية، يتساءل مايكل إيفانز عما إذا كانت إسرائيل تواجه "مهمة مستحيلة" في غزة، خاصةً مع استمرار الحرب لمدة 71 يومًا دون أي إشارات واضحة إلى اقتراب نهاية الصراع.
ويرى إيفانز، وفقًا للصحيفة، أن التاريخ يشير إلى أن الأهداف العسكرية لإسرائيل قد تكون مبالغ فيها أو صعبة المنال.
ويذكر الكاتب أن الهدف المعلن لعملية "السيوف الحديدية" هو القضاء على حركة حماس، ولكن بعد مرور أكثر من شهرين من القتال المتواصل والقصف المكثف، يبدو أن هذا الهدف العسكري قد يكون غير واقعي في الوقت الحالي.
ويشير إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتمد على القوة النارية والخبرة القتالية له في مواجهة منظمة تضم بين 30 و40 ألف عضو، وذلك داخل منطقة إقليمية صغيرة للغاية.
ويُظهر الكاتب أن الجيش الإسرائيلي وجد نفسه مضطرًا إلى استخدام القصف الجوي للوصول إلى مقاتلي حماس الذين يختبئون تحت الأرض، لعدم توفر خيارات أخرى للتعامل معهم.
ويقول الكاتب إن الفلسطينيين يؤكدون أن أكثر من 18 ألف شخص، بينهم نساء وأطفال، لقوا حتفهم خلال هذه العملية، بينما تُصر إسرائيل على أن حوالي ثلث الضحايا - أي أكثر من 5 آلاف - كانوا "مقاتلين أعداء".
ويرى الكاتب أن الأهداف العسكرية قد تكون صعبة المنال، حيث يُظهر تاريخ الحروب في العقود الأخيرة أنها قد تستمر لفترات طويلة أو تتسع نطاقاتها، كما حدث في حملة مكافحة تنظيم "داعش" التي قادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، والتي استمرت لمدة 4 سنوات.
وفي سبتمبر 2014، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، عن نيته "إضعاف تنظيم داعش وتدميره في نهاية المطاف"، بينما أدعى الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، دونالد ترامب، في ديسمبر 2018، أن تنظيم "داعش" قد تم هزيمته، ومع مرور 5 سنوات، لا تزال الأيديولوجية الإرهابية لـ "داعش" تشكل تهديدًا قويًا في أجزاء متعددة من العالم، حسب التقارير.
وأشار التقرير إلى استمرار نشاط الفروع التابعة لتنظيم "داعش" في سوريا والعراق ومناطق مختلفة من أفريقيا، مثل موزمبيق وبوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا ومالي، بالإضافة إلى وجوده في أفغانستان وباكستان.
وتحالف تقوده الولايات المتحدة قضى عشرين عامًا في أفغانستان قبل أن يُقرّ بأن هدف تحويل البلاد إلى دولة ديمقراطية، قادرة على الدفاع عن نفسها بدون مساعدة خارجية، كان بعيد المنال.
وفي البداية، تم هزيمة حركة طالبان التي كان عدد مقاتليها يُقدر بحوالي 80 ألفاً فقط في عام 2001، لكنها عادت من مخابئها في باكستان لتحدي حكومة كابول المدعومة من الغرب.
خلال فترة الحرب التي استمرت 20 عامًا، كانت لمهمة الولايات المتحدة أهداف متعددة، لكن الأولوية الأساسية كانت في ضمان عدم عودة تنظيم "القاعدة" للعمل في أفغانستان، والقضاء على حركة طالبان، وتدريب وتجهيز القوات الأمنية الأفغانية لمواجهة التحديات المستقبلية.
وخلال العقدين اللذين استغرقتهما عودة حركة طالبان إلى السلطة، بعد انهيار الجيش الأفغاني وانسحاب القوات الغربية، أُحصي مقتل أكثر من 48 ألف مدني أفغاني.
كما أن الكاتب يعود إلى حرب غزة مُشيرًا إلى أن قصف الجيش الإسرائيلي للمباني المُدرجة في القائمة الشاملة للأهداف، حيث كانت معروفة سابقًا بتواجد حماس، يُعتبر غير مبرر.
وعلى الرغم من ذلك، تظل حماس وحدة قتالية نشطة، وتحتجز حوالي 130 رهينة كوسيلة لضغط جيش الدفاع الإسرائيلي عن القيام بمزيد من العمليات العسكرية.
وقد يُجبر هذا العدد الكبير من الضحايا الآن الحكومة الإسرائيلية، تحت ضغط من الولايات المتحدة، على تغيير تكتيكاتها إلى الهجمات الدقيقة من خلال القوات الخاصة، بدلاً من القصف الواسع النطاق.
ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن حذر منذ أسبوعين من أن إسرائيل تخاطر بـ "هزيمة استراتيجية" إذا لم تحمي المدنيين الفلسطينيين.
وليندسي غراهام، عضو مجلس الشيوخ ومن أبرز الصقور الجمهوريين، انتقد أوستن ووصفه بأنه "ساذج"، ومع ذلك، فإن مصير المدنيين الفلسطينيين أصبح محل قلق واشنطن حول كيفية إدارة إسرائيل للحرب.
ويختم إيفانز تقريره بالتأكيد على أن "الانتصارات التكتيكية، مثل مقتل يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، والقضاء على هيكل قيادته، قد لا تكون لها قيمة إذا انتشرت الأيديولوجية الإرهابية بين السكان المدنيين، مما قد يؤدي إلى ظهور جماعة جديدة، مما يخلق جيل جديد من المقاتلين".
