عائلة «البرغوثي» من الموت بسجون الاحتلال لـ«تنفس الحرية».. زوجة تنتظر 45 عامّا وشقيقة تروي أبشع مشاهد التعذيب
"شفت الموت بعنيا".. تخيل أنك تستيقظ على صوت ضربات الأسلحة ليتم القبض عليك وأسرك ضمن الرهائن تحت وطأة الاحتلال الصهيوني، لترى أبشع وأسوأ أشكال التعذيب، وتنسى مع مرور الزمن مذاق الحرية كأنك تعيش في ظلمات الغب، هكذا حال أشقائنا الفلسطينيين يوميًا، منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي، ومن بينهم عائلة "البرغوثي" التي كتب عليها الشقاء والاعتقال مدى الحياة.
فبالتزامن مع الهدنة المنعقدة في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي لتبادل الأسرى، فكان لأحد أفراد أسرة "البرغوثي" وهي "حنان صالح البرغوثي" نصيب لرؤية نور الأمل من جديد النجاة من قضبان الاحتلال الذي ضيق عليهم حياتهم، لتعود إلى بيتها وتجد زوجة شقيقها "نائل البرغوتي" والتي تدعى إيمان نافع" في انتظارها، التي انهالت بالبكاء عندر رؤيتها.
وانتظرت "إيمان" أن يشاء القدر وتجد زوجها أمام أعينها التي حاوطها السواد لكثرة البكاء وجسدها المنهك من شدة التعب وقلبها المكسور على فراق حبيبها، ولكن دائمًا تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فلم يتم الإفراج عن "البرغوثي" الذي طال اعتقاله نحو 45 عامًا.
فتحت زوجة "البرغوثي" قلبها لـ"مصر 2030" لتروي تفاصيل اعتقال زوجها وكواليس وحكايات أسر شقيقته ضمن لدى الاحتلال الصهيوني.
صفقة وفاء الأحرار "شاليط"
بدأت المأساة في يوم 4 أبريل 1978 عندما كان في عمر الـ19 عام، عندما شارك في قتل رجل من المخابرات الصهيونية الذي حاول تجنيد مجموعة من الفلسطينيين ليتعاونوا معهم ضد شعبهم، وتم اعتقال "البرغوثي" وحكم عليه بـ 33 عامًا ونصف، ليخرج في 18 أكتوبر 2011، بناء على صفقة وفاء الأحرار "شاليط"، حيث تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية والاحتلال الإسرائيلي.
وتنص الصفقة على أن تفرج إسرائيل عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا، وذلك مقابل أن تفرج حركة حماس عن الجندي الأسير الإسرائيلي "جلعاد شاليط"، وجاء ذلك تحت إشراف الجهود المصرية.
وفي 18 نوفمبر 2011 تم عقد قرانه مع إيمان نافع، التي لم تنعم بزواجها سوى عامين ونصف فقط، ليعتقل زوجها للمره الثانية في 18 يونيو 2014 مع 70 أسير من الأحرار، نظرًا للنزاع الذي حدث في فلسطين داخل منطقة الخليل، وتم الحكم عليه بـ 30 شهرًا، ومن ثم جدد الحكام الإسرائيلين المدة لتصل إلى 18 عام، وبالتالي خرقوا الاتفاق المنعقد، لتعيش "إيمان" بقلب ثابت وصابر وواثق أن النصر قريب وأن هناك ميعاد لتلتقي بزوجها من جديد.
قمع وسحل داخل سجون الاحتلال
ولم تكن "إيمان" التي تعيش في رام الله، تعلم أن أسرة "البرغوتي" سيفارقونها واحدًا تلو الآخر، فقبل عملية طوفان الأقصى، تم اعتقال "حنان البرغوثي" شقيقة زوجها لمدة أربعة أشهرٍا إداريًا دون تهمة، ورفض القضاء الصهوني أن يترافع عنها أي محامي لعدم وجود تهمة رسمية.
وكان من نصيب "حنان" أن يفرج عنها ضمن الفوج الذي تم الاتفاق عليه في صفقة تبادل الأسرى بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال.
"الاحتلال منع عنا كل شيء.. ناكل شوية مربى مع مياه مخلل.. وسحبوا ملابسنا.. وسحلونا على الأرض"، هكذا وصفت حنان البرغوثي المأساة داخل سجون الاحتلال، لتجعل تخيلنا وأذهاننا تذهب إلى أبشع صور المعاملة.
واستكملت بوصف صنف آخر من التعذيب كأنها عاشت في فيلم رعب ممنوع من العرض بسبب بشاعته: "أحيانًا كانو يعاقبونا وما يدخلونا الحمامات.. وكانوا يشددوا علينا إذا بنروح نقضي حاجتنا في دورات المياه.. كانوا معطينا إننا نطلع نص ساعة في 4 حمامات فقط".
فقد عاشوا ليالٍ بشعة في الاعتقال، مُنعت عنهم البطاطين والملابس الشتوية وألقوهم على الأرض دون سراير، أما بشأن البنات الجداد القاصرات أو اللاتي في سن العشرينات والثلاثينات كانوا يعذبوهم ويضربوهم، ومن بينهم فتاة تدعى "عدن طوري"، كانوا يطفوا السجائر في قدميها.
"كنت هموت ونطقت الشهادة..والبنات كانوا بيفرفروا على الأرض من كتر الغاز.. وما كنا نقدر نفتح عيونا"، في يوم السابع من أكتوبر جعلتنا شقيقة "البرغوثي" نتخيل المأساة التي عاشتها وسط أساليب الكيان الصهيوني المتعجرف، حيث رش غرفة الحبس غاز وصل لحد الخنق، سحل الفتيات على الأرض وأخذهم على غرفة العزل ليضربوهم بضرب مبرح.
