بعد انضمامهما إلى ”بريكس”.. هل سنشاهد تقارب مصري إيراني؟
مارينا فيكتور مصر 2030جاءت دعوة مصر وإيران، إلى عضوية «بريكس»، لتثير تساؤلاً حول الأثر «الجيوسياسي» الذي يمكن أن يقود ذلك التجمع الاقتصادي لـ «مسار التقارب بين الدولتين».
واختلف الخبراء حول نتائج التطور الأخير، بعد إشارات متبادلة عن تطوير العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران، فقد أشاروا إلى أن القاهرة وطهران «قطعتا فيه شوطاً بالفعل» في علاقاتهما.
ومصر وإيران من بين 6 دول دعاها قادة «بريكس»، خلال قمتهم السنوية في جنوب إفريقيا، الأسبوع الماضي، للانضمام إلى تجمع الاقتصادات الناشئة، العام المقبل.
وتضم قائمة الدول كذلك: السعودية، والإمارات، وإثيوبيا، والأرجنتين.
وشهدت الأسابيع الماضية تفاعلًا مصريا وإيرانيا مع ملف التقارب، ومنتصف الشهر الحالي، أدانت الخارجية المصرية «حادث» مرقد شاه جراغ في إيران، في أعقاب تصريحات إيرانية متواترة عن تطوير العلاقات بينهما.
ويرى الخبراء أن تحالف بريكس الاقتصادي سيؤدي بطبيعة الحال إلى تحالف جيوسياسي، إذ أن مصر وإيران قطعتا شوطاً في طريق التقارب، قبل أن تذهبا إلى "بريكس".
وأشاروا إلى ما شهده "ملف السياحة" من تسهيلات أخيرا، وكذلك الخطوات المتوقع حدوثها خلال الفترة المقبلة، في ظل مضي العلاقات في إطارها، يعززها سيناريو إيجابي مدعوم بتصريحات مسؤولين معنيين.
وفي أواخر مارس الماضي، أعلنت مصر تسهيل حصول السائحين الإيرانيين على «تأشيرة فورية»، بكفالة الشركات السياحية، عند وصولهم المباشر إلى محافظة جنوب سيناء، المقصد السياحي المصري الشهير.
وساطة سلطنة عمان
وبعد زيارة سلطان عمان، هيثم بن طارق، مصر، وإيران، تباعا، في مايو الماضي، تحدثت تقارير عن «وساطة قادها سلطان عمان في إطار الملف نفسه».
ووصف وزير الخارجية الإيراني، أمير حسين عبداللهيان، في تصريحات سابقة، مصر، بـ«الشقيقة والصديقة»، معربا عن تطلعه إلى علاقات أكثر «تطوراً وانفتاحاً متبادلاً».
وعرض سلطان عُمان، هيثم بن طارق، خلال لقائه بالمرشد الإيراني علي خامنئي، في طهران أمس، وساطة عُمانية لإعادة العلاقات بين إيران ومصر.
ورحب خامنئي بمبادرة سلطان عُمان، ودعا خامنئي أيضا إلى تعميق العلاقات بين مسقط وطهران، مشيرا إلى توقيع مسؤولي البلدين اتفاقيات لتنمية العلاقات.
وكانت أنباء قد ذكرت أن سلطان عُمان، الذي استبق زيارته لإيران، بزيارة إلى القاهرة، التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يسعى لتقريب وجهات النظر بين القاهرة وطهران، لرفع مستوى العلاقات بينهما.
وفي القاهرة، أبدت مصادر مصرية مطلعة انفتاحا على ما وصفته بـ «إشارات إيرانية متكررة للرغبة في تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين».
وقالت مصادر مصرية في تصريحات صحفية إن «القاهرة تأمل في تطور العلاقات الثنائية مع إيران، بشكل يتسق مع المحددات السياسية الرئيسية التي تحكم سياسات مصر الإقليمية».
وأشارت المصادر إلى أن الإشارات الإيرانية المتكررة بشأن تطوير العلاقات مع مصر «وجدت صدى»، مذكرة بمواقف مسؤولين ودبلوماسيين إيرانيين وعلى رأسهم وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان.
وقال وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي، إن ما نُقل أخيرا عن رغبة مصر في تحسين العلاقة، إنما هو موقف مبدئي، مشيرا إلى أن هناك اهتماما من الجانبين بتطوير العلاقات، يظهر من الإشارات الإيرانية المتكررة في هذا المجال.
ويقول خبير العلاقات الدولية: "هناك إرادة سياسية تتشكل بين القاهرة وطهران عنوانها: (المصالح المشتركة الجديدة في الإقليم)، وبالتالي، هناك فرصة ذهبية للبلدين، وأعتقد أن القاهرة قطعت شوطا تجاه إيران في الفترة الأخيرة".
وكان المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، قال في لقاء متلفز، الشهر الماضي، إن بلاده «حريصة أن يكون التفاعل الإيراني مع الإقليم (تفاعلاً إيجابيا) يحترم سيادة الدول وإرادة الشعوب، وعدم التدخل في الشأن الداخلي لهذه الشعوب، ويعزز من استقرار الإقليم».
تاريخ العلاقات المصرية الإيرانية
يعود تاريخ العلاقات المصرية الإيرانية في العصر الحديث إلى القرن التاسع عشر إذ وقعت اتفاقية «أرضروم» بين الدولة القاجارية الإيرانية والدولة العثمانية والتي جاء فيها أن الدولة الإيرانية تستطيع تأسيس قنصليات لها في الولايات العثمانية.
تم افتتاح قنصلية لرعاية المصالح الإيرانية في القاهرة، وكان أول سفير إيراني في مصر هو حاجي محمد صادق خان.
وأعقب ذلك توقيع اتفاقات صداقة بين البلدين في العام 1928، وكان تطورا جديدا في العلاقات بزواج يقرب بين العائلتين الملكيتين في الدولتين، حيث تزوجت الأميرة فوزية - شقيقة الملك فاروق الأول - من ابن الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي.
ثم تحولت العلاقة المصرية الإيرانية، إلى علاقات يشوبها الفتور والتوتر في تاريخنا المعاصر بعد قطيعة دبلوماسية في ثمانينيات القرن نفسه، وحتى وقتنا هذا لم تحقق العلاقات استقرارا ملحوظا.
وقطعت إيران العلاقات الدبلوماسية مع مصر عام 1980 بعد اندلاع الثورة الاسلامية فى إيران وتحول طهران من شرطى الخليج وحليف للولايات المتحدة وإسرائيل إلى أكثر دول المنطقة عداء للغرب، بينما كانت مصر بقيادة الرئيس الأسبق الراحل محمد أنور السادات تتهيأ لإبرام معاهدة السلام مع إسرائيل، فانحازت إيران إلى ما أسمته "خيار المقاومة" بعد سقوط نظام الشاه في 11 فبراير 1979.