دشنه «القذافي» ويتعرض لتعديات تُعيق تدفق مياهه.. ماذا تعرف عن «النهر الصناعي» بليبيا؟
مارينا فيكتور مصر 2030قبل 41 عاما من الآن أعلن الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى، وسط حضور جماهيرى، عن تدشين «النهر الصناعى العظيم» عام 1984.
والآن وبعد ما يزيد عن 4 عقود، أصبح لسان حال الليبيين أن هذا النهر، الذى يحمل المياه الجوفية من الجنوب إلى الشمال، هو «شريان الحياة الوحيد» الذى من دونه تتعرض المدن للعطش.
وقبل تدشين النهر الصناعى، كان الحديث عن تدشين هذا النهر فى ليبيا يثير بعض التندر لدى قطاعات متحفظة على الفكرة، وتقلل من أهميتها
فكرة «النهر الصناعي»
وتعود فكرة «النهر الصناعي»، عندما اكتشفت شركات عالمية للتنقيب عن النفط عام 1953 مخزونا كبيرا من المياه الجوفية، وبعد سنوات من مجيء القذافى للحكم تبلورت الفكرة ليعلن فى عام 1984 عن بدء تنفيذ المشروع لنقل المياه عبر أنابيب ضخمة تحت الأرض من عمق الصحراء.
وعند وضع حجر أساس المشروع، قال القذافى إن "النهر العظيم سيفجر ينابيع المياه من قلب الصحراء من سلسلة رائعة من الآبار ليتدفق الماء نحو الشمال عبر أنابيب ضخمة؛ يصل قطرها إلى 4 أمتار فى أطول رحلة يقطعها الماء العذب ليصل إلى حيث نريد ويقطع مسافة 4 آلاف كيلومتر من منقطة السرير إلى الشمال والشرق والغرب".
وشبه الرئيس الراحل حينها مسار النهر بـ "محاولة تشبه الخيال ليلتقى مع نهر صناعى آخر ينبع من جبل الحساونة".
ومنظومة «الحساونة - سهل الجفارة»، هى المرحلة الثانية لمشروع النهر الصناعى، الذى دشنه القذافى فيما بعد، وصممت لنقل 2.5 مليون متر مكعب من المياه يوميا، من حقول الآبار بجبل الحساونة إلى الشريط الساحلى حتى مدينة طرابلس.
وأثبت المشروع أهميته الحيوية بالنسبة لليبيين، ويجب حماية جميع مساراته من التعديات التى تقع عليه من وقت إلى آخر.
الاعتداءات على النهر
ومنذ اندلاع ثورة 17 فبراير عام 2011، لم تتوقف الاعتداءات على النهر الصناعى من التشكيلات المسلحة، وأصحاب المصالح الفئوية، فضلا عن تعديات على مساره بإنشاء وصلات غير مشروعة للشرب أو لرى الأراضى.
وسبق أن هاجم مسلحون منظومة النهر الصناعى فى منطقة الحساونة، جنوب العاصمة طرابلس، ومنعوا تدفق المياه إلى مدن الشمال الغربى بشكل كامل، مطالبين بالإفراج عن قيادى تابع لهم معتقل لدى كتيبة «قوة الردع الخاصة»، حينها.
بينما أرغمت فى وقت سابق مجموعة مسلحة موالية لعبد الله السنوسى، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية فى النظام السابق، منظومة الحسونة، بالقوة، على وقف ضخ المياه يوم السبت الماضى، لحين الإفراج عنه.
وأدى ذلك إلى تفاقم معاناة قطاع واسع من مواطنى المدن والبلدات الليبية بسبب انقطاع المياه، إذ دعت البعثة الأممية لدى البلاد إلى ضرورة مقاضاة المسلحين المعتدين على مسار النهر الصناعى، منذ مطلع الأسبوع الحالى.
المصدر الرئيسى للمياه النقية
ويعد "النهر الصناعى" المصدر الرئيسى للمياه النقية بالنسبة لغالبية سكان ليبيا، كما يوصف بأنه "أضخم مشروع لنقل المياه الجوفية فى العالم كله"، بتكلفة بلغت حينها 35 مليار دولار.
حيث وفر منذ عام 1991 المياه لمناطق ليبيا، التى كانت فى السابق تعتمد على محطات تحلية المياه وعلى طبقات المياه الجوفية القريبة من الساحل.
ويتكون النهر من 1300 بئر يبلغ عمق أغلبها 500 متر، وتمتد الأنابيب فى عمق الصحراء من الجنوب الشرقى والغربى إلى الشمال لنقل 6.5 مليون متر مكعب من المياه يوميا إلى المدن الرئيسية الكبرى مثل الزاوية وطرابلس وبنغازى وطبرق وسرت وأجدابيا.