بعد لقاء السيسي وبن زايد.. تاريخ العلاقات المصرية الإماراتية
علي حسين مصر 2030أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي، عن استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمدينة العلمين، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
من هنا نستعرض إليكم جميع التفاصيل حول العلاقات المصرية الإماراتية.
لقاء الرئيس السيسي مع بن زايد
أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي، عن استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمدينة العلمين، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
ودار لقاء أخوي بين الرئيسين تم خلاله تأكيد قوة العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين، وبحث سبل مواصلة العمل لتعزيز أطر وآليات التعاون المشترك بين الدولتين، بما في ذلك في المجالات الاقتصادية والتنموية، على النحو الذي يحقق تطلعات الشعبين المصري والإماراتي نحو التقدم والاستقرار والازدهار.
كما بحث الرئيسان مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، حيث تطابقت الرؤى بشأن أهمية تكثيف العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات المتنامية في المنطقة والعالم، وأكد الرئيسان حرصهما على مواصلة التنسيق الوثيق على جميع المستويات في ضوء ما يربط البلدين من أواصر تاريخية وطيدة على المستويين الرسمي والشعبي.
العلاقات المصرية الإماراتية
بدأت العلاقة بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومصر، منذ عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وكانت مصر أولى الدول التي أيدت بشكل مطلق إعلان الاتحاد، ودعمته باعتباره ركيزة الاستقرار إقليميا ودوليا.
كما بادرت مصر بإرسال البعثات التي تضم المعلمين والمهندسين والأطباء، إلى الإمارات قبل ظهور النفط في منتصف الخمسينيات، واستقبلت الراغبين في التعلم ونقل العلم والخبرات إلى بلدهم، وساهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في إعادة إعمار مدن قناة السويس، التي دمرت بفعل الحروب.
كانت مصر من أوائل الدول التي دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971، وسارعت إلى الاعتراف بها فور إعلانها، ودعمتها دوليًا وإقليمًيا باعتبارها ركيزة للأمن والاستقرار وإضافة جديدة لقوة العرب واستندت العلاقات بين البلدين إلى أسس الشراكة الاستراتيجية منذ ذلك التاريخ.
وفي عهد الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، حافظت علاقة مصر بدولة الإمارات على تميزها، وذلك بسب مواقف الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان العديدة الداعمة لمصر، ومنها إعلان دعمه لمصر في حربها من أجل استعادة أراضيها المحتلة في أكتوبر 1973.
وكرّم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات عبر منحه "وشاح آل نهيان"، وذلك أثناء زيارته للقاهرة، حيث كان السادات دائما يرى في شخص الشيخ زايد الحليف الوفي، وحلقة الوصل المباشرة بين القادة العرب.
وظل موقف الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ثابتا على دعمه لمصر في كل المواقف، وقال جملتهُ الشهيرة: "لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود دون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأي حال أن تستغنى عن الأمة العربية".
وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ارتبط البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية متبادلة، إذ ربط بينهما 18 اتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية، كما ارتفع حجم التبادل التجاري بشكل متواصل.
بعد قيام الثورة المصرية 2011 في 25 يناير، التي انتهت بتنحي الرئيس حسني مبارك، تشكلت حكومة برئاسة عصام شرف في فبراير 2011، وفي أبريل من العام نفسه قالت مصادر متطابقة في كل من أبوظبي والقاهرة، إن دولة الإمارات العربية المتحدة رفضت في اللحظات الأخيرة زيارة رئيس الوزراء المصري عصام شرف خلال جولته الخليجية التي شملت كلاً من السعودية والكويت ودولة قطر.
وأوضحت المصادر أن اتصالات دبلوماسية جرت بين البلدين خلال الساعات الأخيرة، قالت الإمارات خلالها إن مواعيد مسؤوليها لا تسمح بزيارة شرف في الوقت الراهن، على أن يتم تحديد موعد لاحق للزيارة.
لكن المصادر ذاتها أكدت أن الرفض الإماراتي الذي كان غير متوقع قبل ساعات من بدء الجولة الخليجية جاء بسبب ما اعتبرته الإمارات تقاربا مصريا - إيرانيا على حساب مصالح دول الخليج ومن بينها الإمارات، فضلا عن رفض حكومة الثورة المصرية طلبات متكررة من الإمارات بعدم محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك وعرضها دفع أية تعويضات مناسبة بدلا من محاكمته.
وأكدت المصادر ذاتها أن الإمارات أبلغت ذلك الموقف رسميا إلى مصر خلال استقبال وزير الخارجية المصري الدكتور نبيل العربي سفير الإمارات بالقاهرة ومندوبها لدى جامعة الدول العربية محمد بن نخيرة الظاهري.
وأكدت المصادر أن دولة الإمارات أبلغت الحكومة المصرية أن ذلك لا يعني موقفا مناوئا للقاهرة، لأنها تعتبر ذلك شأنا داخليا، لكنها في الوقت نفسه رأت في التلويح والإشارات المصرية بالتقارب مع إيران خاصة في ظل الظروف الحالية التي تهدد فيها طهران دول الخليج برمتها تغيرا كبيرا في الموقف المصري عن مرحلة ما قبل الثورة، الذي كان يؤكد دائما على وقوف مصر بجانب دول الخليج في مواجهة الطموحات والمطامع الإيرانية في المنطقة.
ونفى مجلس الوزراء المصري هذه الأزمة وأعلن عن بدء شرف لجولته في موعدها على أن تشمل السعودية، قطر، والكويت ونفى أن تكون الإمارات العربية جزءا من الزيارة.
وعقب ثورة 30 يونيو 2013، دعمت الإمارات الثورة، وبعد ذلك تطورت العلاقات المصرية الإماراتية بشكل كبير خصوصا منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي شهدت تعاون كبير بين البلدين.
التعاون الاقتصادي
اتسمت العلاقات المصرية الإماراتية الاقتصادية بالقوة والمتانة منذ اليوم الأول لتأسيس اتحاد دولة الإمارات وهي علاقات مرشحة دائما للنمو، وتحمل آفاقا واعدة في مختلف المجالات، حيث قامت هذه العلاقات الوطيدة على عدة محاور، في مقدمها رؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، والتي تجد في مصر ركيزةً للاستقرار السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط، وقلب الأمة العربية النابض، في حين تعتبر جمهورية مصر العربية دولة الإمارات الداعم الأول والسند التاريخي لمصر وللأمة العربية عموما في مختلف المحافل.
وعلى مر الزمن، كانت العقيدة المصرية ثابتة تجاه دولة الإمارات العربية في كونها رمز الأخوة والتسامح بين الأشقاء العرب، و"جزء لا يتجزأ" من أمن واستقرار وسلام المنطقة، وانطلاقا من هذه الرؤية قامت العلاقات بين دولة الإمارات ومصر على فكرة وفلسفة المساندة والدعم في كافة الأوقات بغض النظر عن الظروف والأحداث، وهو ما انعكس بصورة إيجابية على الروابط الاقتصادية العميقة بين البلدين.
ومن المنظور الاقتصادي والاستثماري، فإن المراقب لأبعاد العلاقات الاقتصادية بين البلدين يجد أن دولة الإمارات ترى في مصر السوق الأكبر في الشرق الأوسط، وأرضا خصبة لإقامة مشروعات استثمارية نوعية في مختلف القطاعات.
في المقابل، ومنذ اكتشاف النفط في دولة الإمارات، وبدء حركة النهضة والبناء فيها، أصبحت دولة الإتحاد الوجهة البكر للعمالة المصرية، وصارت اليوم الوطن الثاني والأقرب لقلوب ملايين المصريين.
وتربط دولة الإمارات ومصر شراكة استراتيجية شاملة، وعلى الصعيد الاقتصادي تسهم دولة الإمارات بتنشيط الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر وخلق مصادر محفزة جديدة للاقتصاد المصري وإيجاد وظائف جديدة وتشغيل قدر أكبر من العمالة، على نحو يمثل حصة مهمة من مصادر التحويلات المالية التي تشكل ركنا مهما من رصيد العملات الأجنبية للاقتصاد المصري.
وانطلاقا مما سبق، يمكن القول إن العلاقات بين البلدين مزجت بين السياسة والاقتصاد، فكان الدعم السياسي الدائم بينهما ينعكس على معظم الشراكات الاقتصادية.
التبادل التجاري
وصلت التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات ومصر خلال الفترة من يناير – مايو 2022 إلى أكثر من 14.1 مليار درهم (ما يزيد عن 3.8 مليار دولار)، بنمو وصلت نسبته إلى 6% مقارنة مع ذات الفترة من 2021.
وفي العام 2021، وصلت التجارة الخارجية غير النفطية بين مصر والإمارات إلى قرابة 27.8 مليار درهم (ما يزيد عن 7.5 مليار دولار)، بنسبة نمو تصل إلى 7.6% بالمقارنة مع العام 2020.
كما شهد مايو 2022، الإعلان عن الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة تجمع الدولتين بالإضافة إلى المملكة الأردنية الهاشمية، من أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في 5 مجالات صناعية واعدة ومؤهلة للتكامل والتعاون، وتخصيص صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار، للاستثمار في المشاريع المنبثقة عنها.
و حلت دولة الإمارات في المرتبة الأولى من بين دول العالم المستثمرة في مصر، وسجلت قيمة الاستثمارات الإماراتية في مصر ارتفاعًا لتصل إلى 1.9 مليار دولار خلال العام المالي 2019-2020 مقابل 712.6 مليون دولار خلال العام المالي 2018-2019 بنسبة ارتفاع قدرها 169.1%.
في حين تقدر قيمة الاستثمارات الصادرة من دولة الإمارات إلى مصر خلال الفترة من 2013 وحتى 2021 بنحو 16 مليار دولار أمريكي (59 مليارات درهم).
وفي 2019، تم إطلاق منصة استثمارية استراتيجية مشتركة بين الإمارات ومصر، بقيمة 20 مليار دولار لتنفيذ مشاريع حيوية في مجالات اقتصادية واجتماعية، بينما بلغ الدعم الإماراتي لمصر خلال عامي 2013 و2014 أكثر من 51 مليار درهم (ما يعادل 13.9 مليار دولار) وشملت مجالات حيوية كالتعليم والتدريب والإسكان والنقل والمواصلات والرعاية الصحية والأمن الغذائي والطاقة.
وكان البلدان قد وقّعا في أكتوبر عام 2013، اتفاقية لدعم البرنامج التنموي المصري، تقدم بموجبها دولة الإمارات 4.9 مليارات دولار لتنفيذ مجموعة من المشاريع التنموية في مصر.
وكانت دولة الإمارات قد أعلنت في عام 2015 عن حزمة دعم بقيمة 14.7 مليار درهم (ما يزيد عن 4 مليارات دولار)، للشعب المصري الشقيق تتكون من شريحتين متساويتين في القيمة إحداهما وديعة في المصرف المركزي المصري والثانية لصالح مشاريع متنوعة في عدة قطاعات.
العلاقات الاقتصادية الإماراتية المصرية
تمثل دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لمصر على المستوى العربي، فيما تعد مصر خامس أكبر شريك تجاري عربي لدولة الإمارات في التجارة غير النفطية، وتستحوذ على 5.2% من إجمالي تجارتها غير النفطية مع الدول العربية.
وعلى الصعيد الاستثماري، تعد الإمارات أكبر مستثمر في مصر على الصعيد العربي، برصيد استثمارات تراكمي يزيد عن 16 مليار دولار (ما يعادل 59 مليار درهم).
وتعمل أكثر من 1300 شركة إماراتية في مصر في مشاريع واستثمارات تشمل مختلف قطاعات الجملة والتجزئة، والنقل والتخزين والخدمات اللوجستية، والقطاع المالي وأنشطة التأمين، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعقارات والبناء، والسياحة، والزراعة والأمن الغذائي.
وتستثمر الشركات المصرية في مختلف القطاعات في الأسواق الإماراتية، ومن ضمن أبرز مشاريعها القطاع العقاري والمالي والإنشاءات وتجارة الجملة والتجزئة، والتصنيع والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبناء والنقل والتخزين.
خريطة الشركات الإماراتية في مصر
يتصدر قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الاستثمارات الإماراتية في مصر بنحو 55 شركة واستثمارات تبلغ 2 مليار دولار، وتليها القطاع التمويل التي تبلغ استثماراته 1.700 مليار دولار بـ 49 شركة مؤسسة، ويأتي القطاع الإنشائي في المرتبة الثالثة باستثمارات 814 مليون دولار بعدد شركات مؤسسة 118 شركة، وحلت الاستثمارات الصناعية رابعا بعدد شركات مؤسسة 131 شركة واستثمارات 544 مليون دولار.
وجاءت الاستثمارات في القطاع الخدمي المرتبة الخامسة بإجمالي 343 مليون دولار و275 شركة، وحلت الاستثمارات السياحية سادساً بعدد شركات 48 شركة باستثمارات 260 مليون دولار.