هكذا يهدد تغير المناخ صحة العمال ونقص الإنتاج
مارينا فيكتور مصر 2030يؤثر تغير المناخ على صحة العمال وقدرتهم على العمل في وظائف مختلفة، وهو ما ينعكس بشكل كبير على نقص الإنتاج والتسبب في خسائر فادحة.
ويعد الإجهاد الحراري من أهم تأثيرات تغير المناخ على العمال، وتعرفه منظمة العمل الدولية بأنه وصول درجة الحرارة إلى مستوى يتجاوز قدرة الجسم على التحمّل، وبالأخص عند درجات حرارة تتخطى 35 درجة مئوية، في مناخ عالي الرطوبة، قد يؤدي إلى ضياع 470 مليار ساعة عمل محتملة على مستوى العالم، ممّا أثر على البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وزاد من ارتفاع تكاليف العيش.
ويؤدي ذلك بالضرورة إلى إبطاء العمل، والاضطرار إلى الحصول على المزيد من فترات الراحة، وتقليل عدد ساعات العمل، وكل ذلك يقلل من الإنتاجية.
ويعمل قسم الأبحاث في منظمة العمل الدولية باستمرار على القضايا المتعلقة بموضوع الانتقال العادل نحو اقتصادات مستدامة بيئيًا، وتشكل قضية الإجهاد الحراري أحد مجالات البحث الرئيسية لدينا.
من خلال دراسة وضع القوى العاملة، وفي حالة ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، تشير التوقعات إلى أنه في عام 2030، ستضيع 2.2% من إجمالي ساعات العمل في جميع أنحاء العالم بسبب الإجهاد الحراري، وهو ما يعادل خسارة إنتاجية تعادل 80 مليون وظيفة بدوام كامل.
وقُدرت الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الإجهاد الحراري في العمل بمبلغ 280 مليار دولار أمريكي في عام 1995؛ ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 2400 مليار دولار أمريكي في عام 2030، مع ظهور تأثير الإجهاد الحراري بشكل أكثر وضوحًا في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
البلدان الأكثر تضررا
تتعرّض الدول بشكل غير متساوي لآثار الإجهاد الحراري، وتعد المناطق الأكثر تضرراً هي جنوب آسيا وغرب إفريقيا وجنوب شرق آسيا، وهناك انخفاض متوقع في ساعات العمل في عام 2030 يصل إلى حوالي 5 في المائة في كل من جنوب آسيا وغرب إفريقيا.
وبشكل عام، البلدان الأكثر تأثراً بالإجهاد الحراري لديها معدلات أعلى من فقر العمال والعمالة غير الرسمية وزراعة الكفاف، بالإضافة إلى ذلك، فإن مجموعات السكان الفقراء، ومن بينهم الشعوب الأصلية والقبلية التي تعتمد على سبل العيش الزراعية أو الساحلية، معرضة بشكل أكبر للمعاناة من الآثار السلبية لارتفاع درجات الحرارة.
على سبيل المثال، هناك عشرة بلدان هي الأكثر تضررًا بالإجهاد الحراري، ثمانية منها من البلدان منخفضة الدخل، وهذه البلدان هي كمبوديا، وتوغو، وتشاد، وبوركينا فاسو، والنيجر، وسيراليون، وتايلند، وبنن، وكوت ديفوار، والسودان.
ذكرت دراسة المنظمة أن أكثر من 2% من إجمالي ساعات العمل ستضيع في عام 2030 بفعل تغير المناح.
النتائج المتوقعة لذلك
تهدد مستويات الحرارة المرتفعة الناجمة عن تغير المناخ تحقيق ظروف العمل اللائق، وذلك من خلال التسبب في تدهور ظروف العمل وتقويض أمن وصحة ورفاهية العمال ، فضلاً عن تقليل إنتاجيتهم ، وهذا ينعكس بشكل مباشر على مستويات المعيشة.
من المرجح أن تأثير الإجهاد الحراري على إنتاجية العمل من أخطر العواقب الاقتصادية لتغير المناخ، لأنه يؤثر على مستويات مختلفة على العمال الأفراد وأسرهم والشركات والمجتمعات بأكملها، وفي حالة الاقتصادات الضعيفة، يمكن أن تكون التأثيرات قوية لدرجة تقويض الناتج الاقتصادي الوطني، وسيكون من الصعب معالجة الفقر وتعزيز التنمية، وبالتالي إعاقة تحقيق معظم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs)، المتعلقة بالفقر والأمن الغذائي ، والصحة والعمل اللائق والنمو الاقتصادي والحد من عدم المساواة.
إذا لم يتم بذل الجهود لتحسين قدرة أماكن العمل على التكيف مع آثار تغيرات المناخ في جميع البلدان ، فمن المرجح أن يعوق ارتفاع درجات الحرارة أهداف الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية.