صراع صيني أمريكي.. كل ما تريد معرفته عن أهمية الجاليوم والجرمانيوم بالنسبة للعالم
علي حسين مصر 2030يشهد العالم خلال تلك الفترة حالة من التوترات خصوصا بعدما فرضت الصين قيوداً على تصدير نوعين من المعادن هم:"الجاليوم والجرمانيوم" التي يتم إنشاء الرقائق الإلكترونية منها بالإضافة إلى الصناعات المتقدمة.
من هنا نستعرض إليكم جميع التفاصيل حول تلك المعادن وهم "الجاليوم والجرمانيوم"، التي فرضت عليها الصين قيود من هنا بدأت حالة التنافس بين الصين والولايات المتحدة إلى فرض قيود على الصادرات بهدف إبطاء وتيرة صناعات التكنولوجيا المتقدمة في الدولة الأخرى.
فرض القيود علي المعدنين
صرحت وزارة التجارة الصينية، الاثنين، إن المعدنين، الجاليوم والجرمانيوم، وأكثر من 36 من المعادن ذات الصلة ومواد أخرى "ستخضع جميعها لضوابط تصدير غير محددة" بدءاً من أول أغسطس المقبل.
وأشار بيان الوزارة إلى أن الخطوة تهدف لـ"حماية الأمن القومي والمصالح القومية"، مشيراً إلى أن "بعض طلبات التصدير المستقبلية ستخضع للمراجعة من قبل أعلى هيئة حكومية"، وهي مجلس الدولة.
الشكاوى التجارية
وصفته صحيفة "وول ستريت جورنال"، بأنه "استعراض للقوة" قبل محادثات اقتصادية بين بكين وواشنطن، مكانة الصين "المهيمنة" في الإنتاج العالمي للجاليوم والجرمانيوم، وهما مادتان أساسيتان تستخدمان في صناعة الرقائق والصناعات المتقدمة، وفق "بلومبرغ".
كما أدت الشكاوى التجارية بشأن هذه القيود، والتي يعزيها كلا الطرفين إلى حماية الأمن القومي، إلى العودة إلى المحادثات رفيعة المستوى بين الحكومتين.
وتنتج الصين حالياً حوالي 94٪ من إنتاج الغاليوم في العالم، وفقاً لمركز معلومات المعادن في المملكة المتحدة. ومع ذلك، لا تعتبر المعادن نادرة أو صعبة العثور عليها، على الرغم من أن الصين قد أبقت على أسعارها منخفضة وقد تكون مكلفة نسبياً لاستخراجها.
الحرب بين الصين والدول المتقدمة
كشفت "بلومبرغ" هذا الإجراء بأنه "سيف ذو حدين"، وقد يعمل ببساطة على تسريع الجهود المبذولة من قبل تلك الدول للحد من اعتمادها على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وإذا قامت بكين في وقت ما بتقييد الشحنات وتقليص إمداداتها إلى دول أخرى، فمن المحتمل أن ترتفع الأسعار، ما يدفع دولاً مثل اليابان أو كندا أو الولايات المتحدة إلى زيادة الانتاج.
وعملت الصين للمرة الأولى على نظام التراخيص لتصدير الأتربة النادرة في تسعينيات العام الماضي، مع رفع الضرائب تدريجياً على الشركات في اليابان وأماكن أخرى تعتمد على الإمدادات الصينية.
ولكن النقلة الكبيرة حدثت في عام 2010، عندما أوقفت بكين مؤقتاً الصادرات إلى اليابان، رداً على تصادم بين قارب صيد صيني وحرس السواحل الياباني بالقرب من جزر تطالب كل دولة السيادة عليها.
وأثار هذا الحادث سباقاً للعثور على مصادر بديلة من الصين. ثم ازداد الإنتاج في أستراليا والولايات المتحدة، مما أدى إلى انخفاض حصة الصين من الإمدادات العالمية إلى 70٪ عام 2022، مقارنة بذروتها التي بلغت 98٪ في عام 2010.
محادثات اقتصادية
ورجحت "وول ستريت جورنال" أن تحظى هذه القضية بـ "مزيد من التركيز" عندما تقوم جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأميركية، بزيارة بكين هذا الأسبوع، وفي حال قامت وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموندو بزيارة متوقعة في الأشهر المقبلة إلى الصين.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت أن الوزيرة ستزور بكين من الخميس إلى الأحد، حيث ستجتمع مع مسؤولين صينيين وأعضاء في الحكومة، لبحث أهمّية "أن يدير البلدان علاقتهما بطريقة مسؤولة، بوصفهما الاقتصادين الرائدين في العالم".
كذلك، تعتزم يلين التشديد على ضرورة "التواصل مباشرة بشأن مجالات الاهتمام، والعمل على مواجهة التحدّيات العالمية".
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول في وزارة الخزانة قوله، إن الوزارة لا تتوقع حدوث أي اختراق مهم في العلاقات بين البلدين خلال الرحلة، ولكنه أعرب عن أمله في إجراء مناقشات بنّاءة وإنشاء قنوات اتصال على المدى الطويل مع الصين.
وأضاف أن الوزراة تريد "في هذه الزيارة، تعميق وتيرة الاتصالات بين بلدينا وتعزيزها، وتحقيق استقرار في العلاقات لتجنّب سوء التفاهم، وتوسيع تعاوننا حيثما أمكن ذلك".
معركة أشباه الموصلات
الولايات المتحدة أوقفت في أكتوبر الماضي صادرات المعدات المستخدمة في إنتاج بعض أشباه الموصلات الأكثر تقدماً إلى الصين، واعتمدت على موردين من كوريا الجنوبية وهولندا لوقف صادراتهما أيضاً.
وحضت بكين شركاتها على النظر في تداعيات التصدير إلى الولايات المتحدة على الأمن القومي الصيني. وحظرت استخدام منتجات شركة Micron، وهي أكبر منتج لرقائق الذاكرة في الولايات المتحدة، في شركات البنية التحتية المعلوماتية المهمة في الصين، فيما حضّت حلفاء الولايات المتحدة على رفض ما وصفته بـ"الحماية على نمط الحرب الباردة" التي تروج لها واشنطن.
وتحاول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إغراء شركات مثل "سامسونج" و"شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات" بالتوسع في الولايات المتحدة، ولكن "وول ستريت جورنال" استبعدت "حمل هذه الشركات على إدارة ظهورها للصين".
أهمية الجاليوم والجرمانيوم
رغم أن كلا من الغاليوم والجرمانيوم لا يُتداولان بكميات كبيرة، إلا أنهما مهمّان لصناعات معينة، خصوصاً صناعة اشباه الموصلات التي غالبا ما يتم تصميمها في الولايات المتحدة، حتى في حال تم تصنيعها في تايوان وكوريا الجنوبية.
وقال ألاستير نيل، عضو مجلس إدارة معهد المعادن المهمة، والذي يمتلك نحو 30 عاماً من الخبرة في صناعة المعادن في الصين، لـ"وول ستريت جورنال"، إن "هذا الإجراء سيكون له تأثير فوري ومضاعف على صناعة أشباه الموصلات، خصوصاً فيما يتعلق بالرقائق عالية الأداء".
وتضررت الصين من جهود الولايات المتحدة لإبطاء تقدم تصنيع أشباه الموصلات لديها، والذي حذّرت واشنطن من أنه يهدف في نهاية المطاف إلى تقوية الجيش الصيني، إذ فاقمت إدارة بايدن من صعوبة شراء آلات الطباعة الحجرية اللازمة لإنتاج شرائح عالية الأداء على الصين.
والأسبوع الماضي، حقّقت واشنطن نصراً جديداً عندما قالت الحكومة الهولندية إن الشركات الهولندية المنتجة لهذا النوع من المعدات، مثل ASML، ستحتاج إلى "تصريح حكومي" لشحن بعض منتجاتها إلى الخارج.
استخدامات عسكرية
ويعتمد الجيش الأميركي على نيتريد الجاليوم، وهو منتج ذو صلة، لخصائصه المتعلقة بنقل الطاقة بكفاءة في أكثر الردارات المتقدمة قيد التطوير. كما يُستخدم أيضاً في نظام الدفاع الصاروخي "باتريوت" الذي تصنعه شركة "RTX"، المعروفة سابقاً بـRaytheon Technologies.
وبلغت مبيعات الشرائح التي تستخدم نيتريد الجاليوم 2.47 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لمنظمة Precedence Research، ويُتوقع أن تقفز إلى 19.3 مليار دولار بحلول عام 2030.
كما يُتوقع أن ترتفع مبيعات الشرائح المنتجة باستخدام زرنيخيد الجاليوم من 1.4 مليار دولار العام الماضي، إلى 3.4 مليار دولار في عام 2030، وفقا لـResearch and Markets.
أما الجرمانيوم، وهو معدن لامع أبيض مائل للرمادي، فيمكن أن يزيد من خاصية سرعة التوصيل في السيليكون، وغالباً ما يُستخدم في صناعة أنظمة الألياف الضوئية والخلايا الشمسية، بما في ذلك تلك المستخدمة في التطبيقات الفضائية.
وبالنسبة لخبراء التجارة، فتذكر القيود الجديدة التي فرضتها الصين على الصادرات بنظام حصص التصدير السابق الذي فرضته بكين على المعادن النادرة، وهي مجموعة أخرى من المعادن تُنتج غالباً في الصين، وتتمتع بخصائص مميزة للشركات التي تعمل في مجال صناعة التكنولوجيا المتقدمة.