”الخواجة جورج”.. حكاية أرميني صاحب أقدم ورشة أحذية جلدية بالإسكندرية
خلود صلاح مصر 2030على طاولة خشبية عتيقة من رائحة الزمن الجميل، يقف الخواجة “جورج” ليبدع بلمساته السحرية في عمل المنتجات الجلدية يدويًا وعلى صوت الترام وأغاني زمان يسترجع ذكريات ورشته التي تجاوز عمرها الـ 90 عاما، وسط رائحة أبيه وذكريات طفولته مع معشوقته الإسكندرية عروس البحر المتوسط، ومُلهمته في صناعة منتجاته برائحة البحر.
وعلى طريقة أفيشات الأفلام السينمائية القديمة يُعلق الخواجة الأرميني لافتة باسمه الذي يعتز به "جورج مارديك جاسيان"، وعند دخولك محله الصغير تجذبك ديكوراته البسيطة والراقية والباترينة الزجاجية الذي يعرض بها منتجاته الجلدية من أحذية وغيرها، مصنوعة بدقة وبحرفية يدوية عالية.
وبطريقته التقليدية التي تعلمها وورثها من والده منذ صغره يقف الأسطى جورج، صاحب الـ 70 عامًا، من أصول أرمينية وعاشق الإسكندرية، وهو مبتسمًا على طاولة خشبية ليصنع الأحذية التي لها زبائن خاصة وينتظرونها بشغف، متأكدين أنها ستكون قطعة فنية كالعادة ومتينة تتحمل العمل.
بدأ الخواجة الأرميني يروى قصته البسيطة على ترام الإسكندرية والذي لقبها على اسمه "جورج مارديك جاسيان" قائلاً: "أنا أرميني الأصل وجاء والدي مهاجرًا من أرمينيا في فترة مذبحة الأتراك، وفر هاربا منذ 100 عام وهو بعمر الـ14 عاما لجأ أولاً إلى لبنان ومنها إلى بورسعيد وأخيرا استقر بمحافظة الإسكندرية، وبعد 10 سنوات من استقراره بالإسكندرية اشترى هذا المحل الصغير وحوله إلى ورشه بمنطقة ترام الإبراهيمية لعمل المنتجات الجلدية".
وتابع جورج: "ومنذ ذلك الوقت وأصبح أبي ترزي منتجات جلدية وتوارثنا هذه الحرفة من بعده، وبدأت الخياطة مع ترزية وصنايعية قدماء تشبعت وتعلمت منهم أسرار الحرفة وما زلت حتى الآن أعمل بالطريقة التقليدية وأعيش مع ذكرياتي بالورشة وكأنها الهواء الذي أتنفسه".
وأكمل: "وبعد مرض والدى توليت المهنة وتركت الدراسة فكان حلمي أن أصبح مهندسا ولكن الظروف لم تُسعفني وأكمل دراستي وعملت مع أبي بالورشة ترزي منتجات جلدية".
واعتز "عم جورج" وهو يتحدث ويذكر زبائنه الذين نشروا صور منتجاته على السوشيال ميديا، ويذكرون أنها مازالت متينة وتتحمل ويمدحون بمنتجاته بعد أن سافروا إلى بلادهم ومازالوا يحتفظوا بمصنوعاته الجلدية، مشيدين بجمالها وصناعتها الحرفية الدقيقة ويبعثون له رسائل تشجيعية وحب لذكرياتهم بزيارة الورشة وشراء أرقى القطع الجلدية.