بعد عرقلة ”ممر الحبوب” بين روسيا وأوكرانيا.. الخطر ينتظر إفريقيا
ينتظر العالم كارثة جديدة بعد غلق "ممر الحبوب" مع أوكرانيا، وهو ما يُنذر بخطر وشيك سيؤثر على العالم كله ولاسيما إفريقيا التي تعيش بلادها على حافة الجوع والفقر ونقص الغذاء.
وأوقفت روسيا مجددًا مبادرة "اتفاق تصدير الحبوب" مع أوكرانيا، برفضها تسجيل السفن للدخول وإجراء عمليات تفتيش، قبل انتهاء صلاحية اتفاق تصدير الحبوب بين روسيا وأوكرانيا في الثامن عشر من الشهر الجاري ووسط مساعي لتمديده.
وبحسب وزارة المجتمعات والأقاليم وتطوير البنية التحتية في أوكرانيا، فإن هذا الأمر قد يهدد بتفاقم أزمة غذاء عالمية ونقص في الحبوب تدفع ضريبتها الدول الفقيرة والنامية لاسيما الإفريقية.
وقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، إن أوكرانيا وروسيا وتركيا والمنظمة الدولية فشلوا في التوصل إلى اتفاق للسماح لأي سفن جديدة بنقل صادرات حبوب أوكرانية عبر البحر الأسود.
وأشار إلى أن هذا يعني أن اتفاق تصدير الحبوب لن يتم تمديده مجددًا وسط شروط روسية بضرورة تلبية مطالبها بتسهيل صادراتها من الحبوب والأسمدة.
وأضافت وزارة المجتمعات والأقاليم وتطوير البنية التحتية في أوكرانيا، أن روسيا أوقفت مرة أخرى مبادرة الحبوب برفضها تسجيل السفن للدخول وإجراء عمليات تفتيش، مشيرة إلى أن هذا النهج يتعارض تماما مع شروط الاتفاقية الحالية.
ووصفت الوزارة السياسة التي تتبعها روسيا بـ"الهدامة"، مشيرة إلى أن روسيا تجعل من المستحيل وضع خطة تفتيش وفق إجراءات مركز التنسيق المشترك، الذي ينص على الموافقة اليومية على خطة التفتيش من قبل جميع الأطراف.
يذكر أن 90 سفينة تنتظر التفتيش في المياه الإقليمية التركية، من بينها 62 سفينة سيتم تحميلها، وتم تعليق عمليات التفتيش على كل من الأسطول الوارد والصادر.
وكانت روسيا قد أكدت في إبريل الماضي، أنها لن تسمح باستمرار اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، نظرا لعدم تلبية مطالبها المتعلقة بتسهيل صادراتها من الحبوب والأسمدة.
وتطالب روسيا الدول الغربية بتخفيف عقوباتها مقابل تجديد اتفاق يسمح لأوكرانيا بتصدير حبوبها، إذ أنه على الرغم من الصراع المستمر، جعل الاتفاق أوكرانيا تنقل ملايين الأطنان من الغذاء عبر البحر الأسود.
وفي حقيقة الأمر لا توجد عقوبات غربية محددة على الصادرات الزراعية الروسية، لكن موسكو تقول إن القيود الأخرى المفروضة عليها، تجعل البنوك الدولية وشركات التأمين ومسئولي الشحن تُحجم عن التعامل مع مُصدريها.
أهمية صفقة الحبوب
تعد أوكرانيا مُصدرًا عالميًا رئيسيًا لزهور دوار الشمس والذرة والقمح والشعير، وعندما بدأت الحرب مع روسيا في فبراير 2022، أغلقت سفن موسكو موانئ أوكرانيا، وحاصرت نحو 20 مليون طن من الحبوب، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وتسبب ذلك في تهديد الإمدادات الغذائية، وخصوصا في دول الشرق الأوسط وإفريقيا التي تعتمد بشكل كبير على الحبوب الأوكرانية، وتقول الأمم المتحدة إن أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت في هذه المناطق بمعدل 30%.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن 44 مليونا في 38 دولة يواجهون "مستويات طارئة من الجوع".
وأعربت الأمم المتحدة عن شعورها بالقلق إزاء القرن الإفريقي، حيث أن الجفاف يدفع البلدان بالفعل نحو المجاعة، ونقص الحبوب وهو ما جعل الأمور تزداد سوءا.
وبحسب الاتفاقية، فإنه يجري تمديد الصفقة لمدة 120 يومًا في كل مرة، ومع ذلك، تعرض روسيا تمديدها لمدة 60 يومًا فقط.
روسيا أكبر مصدر للقمح
تعد روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم، بحصة 19% من السوق العالمية، وزادت صادراتها من القمح خلال العام الماضي.
وانسحبت موسكو من صفقة الحبوب في البحر الأسود في نوفمبر من العام الماضي، متهمة كييف بشن هجوم "مكثف" بطائرات مُسيرة انطلقت من السفن الموجودة في ممر الشحن الآمن، مستهدفة أسطولها في شبه جزيرة القرم، لكن روسيا لم تلبث أن عادت للصفقة بعد بضعة أيام.
اتفاق تمديد الحبوب
واتفاق تمديد الحبوب، هو وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية، تم التوقيع عليه في 22 يوليو 2022، في إسطنبول بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.
وتضمنت الاتفاقية تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود "شرق أوروبا" لمعالجة نقص الغذاء العالمي الذي ينذر بكارثة إنسانية.
خطورة وقف ممر الحبوب
وقف "ممر الحبوب" قد ينذر بأزمة عالمية كما حدث بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، الأمر الذي حذرت منه تقارير أجنبية.
وفي نوفمبر الماضي حذر عدد كبير من الخبراء ومنظمات الإغاثة من تداعيات قرار تعليق اتفاق تصدير الحبوب من أوكرانيا، وقالوا إن هذا القرار قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء عالميا، وستكون الدول الفقيرة، خاصة في إفريقيا، أكثر تضررا.
وبحسب خبراء من إفريقيا، قد يفاقم هذا الأمر من أزمة الجوع في أجزاء بإفريقيا، إلا أن الأثر الوشيك على أوكرانيا نفسها يحتمل أن يكون أقل حدة.
ويواجه عشرات الملايين من الناس في إفريقيا نقصا حادا في الغذاء، حيث تقع أغلبية نقاط الجوع الساخنة الـ19 حول العالم في القارة.
وحذرت لجنة الإغاثة الدولية، من أن وقف الاتفاق سيؤدي إلى عواقب كارثية، لاسيما بالنسبة لدول مثل الصومال التي على حافة المجاعة، قائلة، إن مزيد من تعطيل صادرات الحبوب الحيوية يمكن أن يدفع الصومال إلى الحافة.
