إنشراح موسى.. القصة الكاملة للجاسوسة التي تربعت على عرش الخيانة

من هي إنشراح موسى؟.. هي تلك الفتاة التي تربعت على عرش الخيانة، إذ صنعت لنفسها لقب جاسوسة بدرجة امتياز، لتعيش طوال حياتها في بئر خيانة الوطن مقابل حفنة من النقود.

إنشراح موسى

لم تكن تعلم هذه الجاسوسة الخائنة أنها ستقع مع أقوى أجهزة الاستخبارات في العالم، وسيتم القبض عليها من خلال  أبطال المخابرات المصرية، لتواجه مصير الخيانة.

هذه الجاسوسة تم تجسيد قصتها كاملة في عمل درامي رائع وهو «السقوط في بئر سبع»، قام ببطولته الفنانة المتميزة إسعاد يونس، والمبدع سعيد صالح.

وفي هذا الصدد، ترصد «مصر 2030» القصة الحقيقية الكاملة لأشهر جاسوسة تربعت على عرش خيانة الوطن، تلك الجاسوسة التي توفيت في إسرائيل، على ديانتها التي اعتنقتها بعد سفرها إلى دولة الاحتلال، لترحل الجاسوسة الإسرائيلية إنشراح موسى التي عرفت في دولة الاحتلال باسم دينا بن ديفيد، عن عمر يناهز 87 عامًا في مدينة تل أبيب في إسرائيل، بعد صراع طويل مع مرض الاكتئاب، وتم دفنها وفقًا للعقيدة اليهودية.

أشهر جاسوسة تربعت على عرش خيانة الوطن

إنشراح موسى.. ولدت عام 1937 في محافظة المنيا وتنتمي لأسرة ميسورة الحال، وحصلت على الشهادة الإعدادية عام 1951.

بعد دخولها المرحلة الإعدادية تعرفت على إبراهيم شاهين، في حفل زفاف أحد أقاربها، وخلال فترة قصيرة تزوجا وانتقلت للعيش معه في العريش.

كان يعمل زوجها إبراهيم محاسبًا في مديرية العمل بالعريش، ولكن تم حبسه لعدة أشهر بتهمة الرشوة، ليخرج من السجن عاطلاً.

وفي نفس الفترة وقعت النكسة عام 1967، وعملت إسرائيل جاهدة على استقطاب العملاء، وبالفعل نجح الاحتلال في استقطاب إبراهيم الذي سعى لكسب المال بالطرق الشرعية وغير الشرعية، وعلى الفور اتجه إلى مكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي ليطلب طعامًا، ليعطيه ضابط إسرائيلي جوالاً من الدقيق، ثم يعرض عليه العمل مع إسرائيل مقابل 70 دولارًا شهريًا، وقدم له ضابط من الموساد الذي استقطبه وجنده إغراءات وتعهد بإغراقه في النقود وتأمين الحياة لذويه في العريش.

تم إخضاع زوج إنشراح موسى للتدريب، ثم بدأ العمل رسميًا كجاسوس إسرائيل، وبدأ في تجنيد زوجته، التي وافقت على الفور كما استقطب ابنائه الثلاث للعمل معه لخدمة الكيان الإسرائيلي.

تم إخضاع الزوجان لفترة تدريب على إرسال الرسائل المشفرة إلى الموساد من قلب القاهرة إلى تل أبيب، وأتقنا التمييز بين مختلف الأسلحة والمعدات العسكرية.

اللافت للنظر أن أبناءهما عملا أيضًا على مصادقة أبناء الضباط لمعرفة مواعيد ومواقع عمل آبائهم، وبعد ذلك سافر إبراهيم مع أسرته إلى القاهرة وبدئا العمل على جمع المعلومات وإرسالها إلى تل أبيب، ونجحا مؤقتًا في إرسال معلومات استخدمها الكيان الإسرائيلي، لاستهداف الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري، خلال فترة حرب الاستنزاف.

وتمكنا بالفعل من السفر عدة مرات إلى إسرائيل، وحصلا عقب حرب أكتوبر 1973، على جهاز لإرسال الرسائل المشفرة، حتى يتمكن الزوجان من إرسال المعلومات إلى تل أبيب بسرعة.

إلا أنه لم يخطر على بال إنشراح وزوجها أن رجال المخابرات المصرية قد ترصدوا لكل تحركاتهم، ونجحوا في التقاط ذبذبات من جهاز الإرسال الذي مدتهم به إسرائيل، وبعد تتبع المنازل التي صدرت منها الموجات نجحت المخابرات في معرفة سكانه، وألقت القبض على إبراهيم، في 5 أغسطس 1974.

وخلال تلك الفترة كانت إنشراح في رحلة إلى روما لمقابلة أحد ضباط الموساد، وعند عودتها إلى مصر في 24 أغسطس عام 1974، فوجئت بضباط المخابرات المصرية يلقون القبض عليها، ومن هنا قررت الاعتراف أمام جهات التحقيق بعملها كجاسوسة لصالح الكيان الإسرائيلي.

وتصدرت قضيتها الصحف القومية وقتها، تحت عنوان «الكشف عن أخطر قضية جاسوسية لحساب إسرائيل»، إذ كشفت صحيفة الأهرام بعددها الصادر في الذكرى الأولى لحرب أكتوبر تفاصيل الشبكة الجاسوسية.

وبعد أقل من شهر تم الحكم بالإعدام على الجاسوسة إنشراح موسى وزوجها بتهمة الخيانة العظمى، وأصدرت أحكامًا أخرى على ابنهما الأكبر، وأودعا الآخران في دار لرعاية الأحداث.

وبالفعل نُفذ حكم الإعدام بحق زوجها إبراهيم، إلا أن إسرائيل تدخلت لتأجيل تنفيذ الحكم في إعدام انشراح، وقضت 3 سنوات بالسجن حتى أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات عفوًا عنها لإعالة أولادها في يناير من عام 1977، وتم تسليمها رسميًا لإسرائيل.

ولم تتراجع إنشراح عن بئر الخيانة، إذ اتجهت هي وأبنائها إلى تل أبيب، واعتنقوا الديانة اليهودية، وغيرت اسمها إلى دينا بن ديفيد.

وتداولت الصحف الإسرائيلية الحديث عن حياة العائلة اليهودية الجديد ةفي عام 1989، إذ نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريراً يكشف عن عمل إنشراح في دورة مياه للسيدات بمدينة حيفا، وإصرارها بشدة في العودة مجددًا للعمل كجاسوسة، ولكن لم يتحمل ابنها الأكبر الحياة في إسرائيل وهاجر هو وزوجته اليهودية لكندا.

وفي النهاية توفيت الجاسوسة الإسرائيلية إنشراح موسى، عن عمر يناهز 87 عامًا في مدينة تل أبيب في إسرائيل، بعد صراع طويل مع مرض الاكتئاب، وتم دفنها وفقًا للعقيدة اليهودية.