بعد 20 سنة.. مصر تتربع فوق عرش الكوميسا

انطلقت أعمال القمة الحادية والعشرين لتجمع السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي «الكوميسا» اليوم الثلاثاء في العاصمة الإدارية الجديدة بمصر، التي يترأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي بمشاركة السادة رؤساء الدول والحكومات أعضاء التجمع، حيث يشارك بالحضور ممثلو الدول الإفريقية أعضاء التجمع، سواء بالمشاركة الفعلية أو الافتراضية عبر تقنية الفيديو «كونفرانس».

ويتم عقد القمة تحت شعار تعزيز القدرة على الصمود من خلال التكامل الرقمي الاقتصادي الإستراتيجي، وذلك بهدف تشجيع استخدام أدوات الاقتصاد الرقمي من أجل تيسير ممارسة الأعمال داخل تجمع «الكوميسا»، وأيضًا تعزيز قدرة الدول الأعضاء على الصمود لمواجهة التداعيات السلبية لجائحة كورونا على اقتصاداتها.

سبب إنشاء الكوميسا

تُعرف «الكوميسا» على أنها اتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الإفريقي، حيث يعد هذا التجمع هو أحد الدعامات الرئيسية للجماعة الاقتصادية الإفريقية، التي تم إقرارها في قمة أبوجا لعام 1991، وكان الهدف من إنشاء التجمع هو إلغاء جميع القيود التجارية في ما بين دول أعضاء التجمع تمهيدًا لإنشاء وحدة اقتصادية للمنطقة، وهو ما يخدم بدوره تحقيق هدف الوحدة الإفريقية، وقد تم إنشاء «الكوميسا» في ديسمبرعام 1994 خلفًا لمنطقة التجارة التفضيلية التي بدأت فى عام 1981، وتستضيف العاصمة الزامبية «لوساكا» مقر سكرتارية «الكوميسا».

تجمع «الكوميسا» يضم في عضويته 21 دولة هي كالتالي: «الكونغو الديمقراطية، وجزر القمر، وبوروندي، وإريتريا، ومصر، وجيبوتي، وكينيا، وإثيوبيا، وإسواتيني «سوازيلاند»، ومالاوي، ومدغشقر، وليبيا، وسيشيل، ورواندا، وموريشيوس، وتونس، والسودان، والصومال، وزيمبابوي، وزامبيا، وأوغندا».

وذكر موقع «الكوميسا» أنه يمكن تلخيص الإستراتيجية الحالية في عبارة: «الازدهار الاقتصادي من خلال التكامل الإقليمي».

توقيع مصر على اتفاقية الكوميسا

انضمت مصر ووقعت على اتفاقية السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي «الكوميسا» في 29 يونيه 1998، حيث تم البدء في تطبيق الإعفاءات الجمركية على الواردات من باقي الدول الأعضاء اعتبارًا من 17 من فبراير 1999، وذلك تطبيقًا لمبدأ المعاملة بالمثل للسلع التي يصاحبها شهادة المنشأ معتمدة من الجهات المعنية بكل دولة.

وتُعفى جميع السلع المصرية المصدرة إلى الدول الأعضاء تمامًا من كل الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل، وذلك وفقًا لنسب التخفيضات التي تقرها كل دولة وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل.

حجم التجارة بين مصر ودول الكوميسا

كان لمصر النصيب الأكبر في المساهمة بحجم تجارة التجمع البينية خلال عام 2020 بإجمالي 2.7 مليار دولار، وذلك حسبما ذكرت وزيرة التجارة والصناعة أول أمس في مؤتمر صحفي للإعلان عن استعدادات استضافة القمة، حيث استحوذت مصر على نسبة 20% من حجم الصادرات داخل «الكوميسا»، وذلك بإجمالي 2 مليار دولار، في حين بلغت واردات مصر من تجمع الكوميسا 700 مليون دولار.

وتأتي أهم بنود الصادرات المصرية إلى دول «الكوميسا» كالآتي: «اللدائن، والملح، والكبريت، والجير والأسمنت، ومنتجات السيراميك، والآلات والأجهزة الكهربائية، ومنتجات المطاحن، والورق، والسكر، والصابون، والزيوت العطرية، والعطور».

توقعات نمو الكوميسا بعد كورونا

حقق متوسط معدل النمو الاقتصادي لـ«الكوميسا» 5.6% خلال عام 2019، لكن هذا المعدل شهد تراجعًا كبيرًا خلال عام 2020؛ وذلك بسبب تبعات جائحة كورونا على معظم اقتصادات الدول الأعضاء، لكن توقعات صندوق النقد الدولي أكدت أن متوسط معدل النمو الاقتصادي في تجمع «الكوميسا» سينتعش ليصل إلى 4.3% العام الجاري، وإلى 6% في عام 2022، وجاءت هذه التوقعات بوصفها نظرة إيجابية للتعافي الاقتصادي العالمي المدفوع بجهود التلقيح ضد فيروس كورونا وتحسن الطلب العالمي.

تسلم مصر الرئاسة خلال المؤتمر

شهدت فعاليات القمة تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر لـ«الكوميسا» من رئيس دولة مدغشقر، بالإضافة إلى إطلاق إستراتيجية «الكوميسا» متوسطة المدى 2021-2025، التي سيطلقها الرئيس السيسي في ظل رئاسته للتجمع.

الجدير بالذكر أن آخر مرة ترأست فيها مصر التجمع كانت منذ 20 عامًا؛ أي في عام 2001، وتعتبر رئاسة مصر بدءًا من المؤتمر هي المرة الثانية التي ترأس فيها التجمع، وستسهم رئاسة مصر للتجمع في تكثيف التعاون الاستثماري بين وكلاء الاستثمار في إفريقيا، بالإضافة إلى فتح قنوات اتصال بين حكومات الدول وممثلي القطاع الخاص لدفع حركة الاستثمارات داخل القارة، وفقًا للوزيرة.

تجهيزات مصر لرئاسة التجمع

صاغت وزارة التجارة والصناعة رؤية وطنية شاملة لرئاسة مصر لتجمع «الكوميسا»، التي تتضمن عددًا من الأنشطة التي تهدف إلى تعميق التكامل الاقتصادي بين مصر ودول التجمع، وذلك من أجل تعزيز الوجود المصري في إفريقيا بشكل عام ودول الكوميسا بشكل خاص، حيث تتضمن هذه الأنشطة تهيئة بيئة الأعمال لمجتمع الأعمال المصري عن طريق دعم تعاونه الاقتصادي مع دول «الكوميسا»، وأيضًا تيسير مهام عمله في التجمع لتعزيز الدور الريادي المصري الإقليمي، والعمل على تشبيك مجتمع الأعمال في إقليم «الكوميسا»، بالإضافة إلى زيادة الروابط بين تجمعات الأعمال لدعم التكامل الاقتصادي، حيث ينعكس ذلك على زيادة حركة التجارة والاستثمارات البينية، وأيضًا تشمل هذه الأنشطة فتح آفاق للتعاون في القطاعات الاقتصادية ذات الميزة التنافسية مثل «النقل والطاقة والاتصالات والصحة»، وذلك مع الدول الأعضاء لزيادة التعاون المشترك، وتحقيق مزيد من التكامل الاقتصادي، وتعزيز الوجود المصري في إفريقيا، وأيضًا في مجال الصناعة من خلال الترويج لمبادرة التكامل الصناعي التي أعدتها الوزارة، والتي تهدف إلى تعميق التكامل الصناعي من خلال ترسيم خريطة الموارد المتاحة بالدول الأعضاء وربط سلاسل القيمة الإقليمية، وتتضمن هذه المقترحات أيضًا مجال التجارة والجمارك حيث سيتم تطبيق الإعفاء الجمركي على وارداتهم من السلع ذات منشأ الكوميسا، كما تشمل هذه المقترحات مجال البنية التحتية لتوفير مصادر تمويلية لممرات ومحاور النقل، وعلى رأسها مشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، بالإضافة إلى مجال الزراعة والصحة من خلال إنشاء لجنة للتعاون في مجال الصحة بمشاركة وزراء الصحة في «الكوميسا»، وذلك بهدف صياغة خطة عاجلة لمواجهة التحديات التي فرضتها جائحة كورونا، وتشمل الرؤية مجالي السياحة، والثقافة.