«بوابة مصر 2030» تنفرد بنشر أوراق الحكم النهائي لقاتل فتاة بورسعيد.. والجنايات تُطالب مؤسسات الدولة بالتعريف بمكانة المرأة
تمكنت بوابة مصر 2030 من الحصول على أوراق الحكم النهائي لقاتل فتاة بورسعيد "خلود السيد فاروق"، والتي أثارت قضيتها الرأي العام، بعد مقتلها على يد خطيبها "محمد سمير" بسبب غيرته الشديدة ورغبته في التحكم بها.
محكمة الجنايات وقضية فتاة بورسعيد
جاءت أوراق الحكم بمحكمة جنايات بورسعيد بالدائرة الأولى برئاسة السيد المستشار أحمد مندور عبد الله، والسيد المستشار شريف فتحي الكلحي، والسيد المستشار تامر أحمد رضا، بحضور السيد أحمد خالد السيد وكيل النيابة، في القضية رقم 282 لسنة 2022 كلي بورسعيد، وقضية النيابة العامة رقم 3537 لسنة 2022 جنايات شرق، ضد المتهم محمد سمير أحمد المتولي قاتل فتاة بورسعيد، جاء في أول سطر في الُحكم "قتل خلود السيد فاروق درويش عمدا مع سبق الإصرار، بأنه بيت النية، وعقد العزم المصمم على قتلها وذلك إثر خلافات بينهما وغيرته المفرطة عليها، وتحكمه في تحركاتها، وتعاملاتها مع الآخرين، فقام بقتلها، بعد محاولة منه لاسترضائها لاستمرار خطبتها، لكنه فشل في ذلك، فتسلل إلى منزلها من شرفها وجذبها من شعرها وقام بضرب رأسها على الأرض، ثم قام بإطباق ذراعه حول عنقها لخنقها، وتأكد من إزهاق روحها، محدثا الوفاة بها والإصابات الموصوفة في التقرير الشرعي التي أودت بحياتها".
فتاة بورسعيد اليتيمة والمقتولة على يد خطيبها
وتناول الحكم في طيات أوراقه بالاسترشاد بآيات من كتاب الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم "وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت" لابذنب اقترفت، أو بعرض انتهكت، أو بجرم ارتكبت، أو حتى بخزي تصرفت، بل لأنها أرادت الحياة وتمسكت، ومن ذل العبودية أبت وتمردت، وبالحرية حلمت وتعلقت، وبكرامتها أصرت وتشبثت، ولآدميتها احترمت وقدست، فكان هذا هو الذنب الذي من أجله قتلت، وهو المرض الذي من أجله بترت، وهو العار الذي من أجله اجتثت، إنها المجني عليها خلود السيد فاروق درويش المغربي، بلغت من العمر الواحد والعشرين عاما- واكتملت –ففقدت والديها ومن عطفهما حُرمت، في أسرة فقيرة الحال، نشأت وترعرعت، وفي مصنع الحياكة "الخياطة" عملت واسترزقت، لكسب قوت يومها دون الحاجة لغيرها، وبالسيرة العطرة والسمعة الطيبة بين أوساطها عُرفت، هكذا كانت حياتها منذ بدأت، ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السُفن أو حتى توقعت.
قاتل فتاة بورسعيد "ياهتجوزك ياهقتلك"
وتستطرد أوراق الحكم "لم تقوى المجني عليها من الاستمرار، وأخبرت زميلتها في العمل، واستقالت من عملها ولكن الجاني قال لها "ياهتجوزك ياهقتلك"، وعندما علم القاتل باستقالتها من العمل، قرر الانتقام، ولكن هيهات هيهات فقد نفذ الأمر-وسبق سيف العزل- وظهر المتهم على حقيقته، عندما قفز إلى شرفتها وحاوطها بذراعيه لقتله ورطم رأسها على الأرض فقالت له "هتموتني، خلاص مش هسيبك" ووعدها الممزوج بالجبر بل أحب خضوعها وهي تسترحمه قائله له "يامحمد" لعل يرق قلبه الذي كان يوما يحبها، ولكنه أعلن الموت على فريسته، صار جسدها معتصرا بين ضلوعه، وأدركت الموت لامحاله-كفريسة استسلمت لقاتلها- ولم يتركها حتى أفقدها الوعي، كأفعى تمكنت من فريستها وإلى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة لن تمل، بوصف التقرير الشرعي تبين وجود سحجات ظفرية، كدمات دموية، سحجات وكدمات على الرأس، تصبغات وتلونات داكنة بالعين، ضغط يدوي مُتصل على العنق نتج عنه انسداد بالمجاري الهوائية، انتهى بفشل في التنفس وحدوث الوفاة، وهكذا بلغ المتهم جُرمه مبتغاه ووصل به لمنتهاه وتأكد من موت المجني عليها وفر هاربا، من مكان الواقعة الساعة التاسعة وتسع دقائق صباحا على نحو مارصدته كاميرات المراقبة، حيث تمكن الرائد علاء أحمد رئيس وحدة مباحث قسم شرطة الشرق من القبض على المتهم، حيث اعترف القاتل في أوراق الحكم وبعد القبض عليه وتمثيل جُرمه أمام النيابة العامة "أنا قررت أقتلها أول ما عرفت إنها هتسبني"، والتي شهد فيها 18 شاهدا على الواقعة بدءً من تهديد المجني عليها وغيرته وتحكمه في تصرفاتها وشكه الدائم بها وأخلاق الفتاة الطيبة المعروفة بها وحتى شهادة زميلاتها بالمصنع عن علاقتها بخطيبها ورغبتها في عدم الاستمرار معه بسبب طريقة تعامله معها، والجيران شهود الواقعة، وزميلها بالمصنع الشاهد على الواقعة وقت اتصالها به واستنجادها قائلة "الحقني بيخنقني".
فتاة بورسعيد تستنجد بزميل لها "الحقني بيخنقني"
عرضت النيابة العامة في مرافعتها أمام المحكمة، بجلسة 3 ديسمبر 2022، تسجيل صوتي للمكالمة الأخيرة التي أجرتها المجني عليها للاستغاثة بزميل لها في المصنع عقب اقتحام المتهم المنزل، وتضمن المقطع كلمات استغاثة: "بيخنقني بيخنقني الحقني"، وأيضا كلمات المتهم: "هقتلك ضيعتيني" ثم لفظت أنفاسها الأخيرة، وقال القاتل: "توجهت إلى منزلها للحديث معها ومصالحتها، وصعدت على السلم، وقبل الدخول سمعتها تتحدث إلى شخص آخر في التليفون وتقول له: "أنا خلاص هخلص من محمد واديله حاجته" وأنها أنهت علاقتها وسوف ترد الهدايا، فتسبب ذلك في قفزي من نافذة المنزل إلى الداخل والاعتداء عليها ولم أشعر بنفسي إلا ويدي على رقبتها وتوفت، وأثناء قتلها، فتحت الميكروفون لتستنجد بزميلها الذي كانت تحادثه بالمحمول لتستنجد به.
محكمة جنايات بورسعيد: "خلل كبير بين معظم الشباب يستوجب تدخل الأزهر والقومي للمرأة"
وجائت أسباب الحكم "وبعد الاطلاع على المواد 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية عقابه المادتين 230 و231 من قانون العقوبات، حيث حكمت المحكمة بإجماع الأراء بمعاقبة محمد سمير أحمد المتولى حسن بالإعدام شنقا لما أسند إليه وإلزامه المصاريف الجنائية في الدعوى المدنية، وتنوه المحكمة في نهاية حُكمها إنه يجب الحذر والانتباه إلى وجود خلل كبير واضطراب شاع في الفترة الأخيرة بين كثير من الشباب، عند تعلقه بفتاة واختيارها للارتباط- معتقدا أنها بموافقتها على الزواج صارت ملك له دون سواه، وإنه من حقه عليها السمع والطاعة والانصياع، وإنه ليس لها من أمها شيئا كله لهواه- وإنشاء وهب لها الحياة، وإن تمردت فالموت هو الجزاء-كدمية يلعب بها ويلتهما إن شعر بالجياع- وهذا المعنى منافٍ لما أمر به الإسلام وما أوصى به نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، "استوصوا بالنساء خيرا" وقد شرع لها حق الميراث والتملك والزواج والنفقة وكلفها الله عز وجل، مع الرجل بالنهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض تربية الأبناء وتنشأة المجتمعات السوية وجعلها درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال.
ومن خلال الحكم تُطالب محكمة جنايات بورسعيد مؤسسات الدولة وبالأخص الأزهر الشريف والمجلس القومي للمرأة بتسليط الضوء على مكانة المرأة في الإسلام وحقها المشروع في اختيار الزوج ممن ترضاه بعد أخذ رأيها والاستئذان وحقها في العدول عن ذلك بأسباب حتى وليها ليس له عليها إلى التوجيه والإرشاد وإن إجبارها على ذلك ظلم وطغيان من شأنه أن يعم الأرض ويستشري الفساد- وهو جناية المرأة وإكراه ويبطل معه عقد النكاح- وبدون ذلك لن يكون هناك مودة ورحمة الذي هو أهم غايات الزواج- ومن أصدق من الله قيلاً "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
اقرأ أيضا:منها وقف المزاولة.. عقوبات بالجملة تنتظر المحامين المخالفين للقوانين وأعراف المهنة
