في ذكرى رحيله.. الشيخ عبد الباسط صوت مكه الذي أثر القلوب
جهاد حسن مصر 2030عبر الحياة فكان أحد أفضل من تركوا أثرهم، صوته أسر القلوب، وكأنه مزمار من مزامير داود، أو صوت جاء من السماء، هو الشيخ عبدالباسط عبدالصمد صوت مكة الذي في مثل هذا اليوم فاضت روحه إلى ربها تاركًا خلفه قرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار.
مولده وطفولته
وُلِدَ القارئ الشيخ عبدالباسط محمد عبد الصمد 1927 ميلاديا بقرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا.
نشأ في. بيت قرأني فالجد هو الشيخ عبدالصمد، الحافظ لكتاب الله والمشهود له بالتمكن، والأب هو الشيخ محمد عبدالصمد المجود الصادح بكتاب الله.
كان شيخنا هو الابن الأصغر إلتحق بالكُتاب في عمر 6 سنوات فاستقبله شيخه أحسن استقبال؛ لأنه توسم فيه كل المؤهلات القرآنية التي أصقلت من خلال سماعه القرآن يُتلَى بالبيت.
وعرف شيخنا في قريته حيث كان يردد ما سمعه من الآيات أثناء عودته فيستوقف كل قريب منه.
يقول الشيخ عبدالباسط في مذكراته: «كانت سنّي عشر سنوات أتممت خلالها حفظ القرآن الذي كان يتدفق على لساني كالنهر الجاري وكان والدي موظفًا بوزارة المواصلات، وكان جَدّي من العلماء فطلبت منهما أن أتعلم القراءات فأشارا عليَّ أن أذهب إلى مدينة طنطا بالوجه البحري لأتلقى علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ (محمد سليم) ولكن المسافة بين أرمنت إحدى مدن جنوب مصر وبين طنطا إحدى مدن الوجه البحري كانت بعيدة جدًا، ولكن الأمر كان متعلقًا بصياغة مستقبلي ورسم معالمه مما جعلني أستعد للسفر، وقبل التوجه إلى طنطا بيومٍ واحدٍ علمنا بوصول الشيخ محمد سليم إلى (أرمنت) ليستقر بها مدرسًا للقراءات بالمعهد الديني بأرمنت واستقبله أهل أرمنت أحسن استقبال واحتفلوا به؛ لأنهم يعلمون قدراته وإمكاناته لأنه من أهل العلم والقرآن، وكأن القدر قد سَاقَ إلينا هذا الرجل في الوقت المناسب.
وأقام له أهل البلاد جمعية للمحافظة على القرآن الكريم (بأصفون المطاعنة) فكان يُحَفْظ القرآن ويُعَلْم علومه والقراءات. فذهبت إليهِ وراجعت عليه القرآن كله، ثم حفظت الشاطبية التي هي المتن الخاص بعلم القراءات السبع».
دخوله للإذاعة
نهاية عام 1951 طلب الشيخ الضباع من الشيخ عبد الباسط أن يتقدم إلى الإذاعة كقارئ بها ولكن الشيخ عبد الباسط أراد أن يؤجل هذا الموضوع نظرًا لارتباطهِ بمسقط رأسه وأهله ولأن الإذاعة تحتاج إلى ترتيب خاص، ولكنه تقدم بالنهاية.
كان الشيخ الضباع قد حصل على تسجيل لتلاوة الشيخ عبد الباسط بالمولد الزينبي وقدّم هذا التسجيل للجنة الإذاعة فانبهر الجميع بالأداء القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن واعتُمِد الشيخ عبد الباسط بالإذاعة عام 1951 ليكون أحد قرائها.
الاقبال على شراء الراديو
وكان لعبد الباسط يد في أن يزداد الإقبال على شراء الراديو وتضاعف إنتاجها في هذا الزمن وانتشر المذياع بالبيوت بسبب صوته الملائكي، لدرجة أنه كان من عادة الناس حينها أن يقوموا برفع صوت الراديو لأعلى درجة ليستمع الجيران والمحيطين لصوته.
بدأ الشيخ عبد الباسط رحلته الإذاعية في رحاب القرآن الكريم منذ عام 1952م، وانهالت عليه الدعوات من شتى بقاع الدنيا في شهر رمضان وغيرهِ.
كان أول زيارة للشيخ عبد الباسط خارج مصر بعد التحاقهِ بالإذاعة عام 1952 حيث زار خلالها السعودية لأداء فريضة الحج ومعهُ والده.
استقبل أل سعود عبدالباسط استقبال مشرف وطلبوا منه أن يسجل لهم عدة تسجيلات بصوته ووافق، وقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي وحرم المسجد النبوي الشريف، (لقب بعدها بصوت مكة).
تكريمه
نال من التكريم ما لا يناله غيره من المقرئين فقد تربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقرب من نصف قرن من الزمان نال خلالها قدر من الحب الذي جعل منه أسطورة لن تتأثر بمرور السنين.
وفاته
أصيب بمرض السكر ورغم إلتزامه في تناول الطعام الصحي حفاظا على صحته ولكنه أصيب بالكسل الكبدي ثم أصيب بالتهاب كبدي، وفي رحلة علاجه تدهوت صحته ليلقى ربه يوم الأربعاء 30 نوفمبر 1988 م، وكانت جنازته وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي.