محطة الضبعة.. التفاصيل الكاملة لرحلة أول مشروع نووي في مصر
إيمان سعيد مصر 2030تواصل الحكومة المصرية السير بخطًى ثابتة للانضمام إلى النادي النووي العالمي؛ ما يتيح لها استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية المتنوعة، خاصة أنها كانت تسعى إليها منذ ثمانينات القرن الماضي من أجل توسيع استخدامات الطاقة النووية والاعتماد عليها في إنتاج الكهرباء، ولكن جميع جهودها جُمِّدت في هذا المجال عقب انفجار مفاعل تشيرنوبل.
خطوة البداية في حلم المشروع النووي المصري
وعادت إشارة البدء من جديد حيث أطلقها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، من خلال سلسلة مباحثات ومفاوضات، إلا أنها لم تسفر عن نتيجة واقعية وحقيقة، ولكن ثار جدل واسع حول ملاءمة هذه المنطقة للمشروع، وما إذا كان من الأفضل نقله إلى موقع آخر واستغلال الضبعة في مشروعات سياحية، فضلًا عن الآثار البيئية التي قد تضرّ بأهالي المنطقة، ولكن في 2013، وخلال الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر، أعلن الرئيس آنذاك عدلي منصور، عن تدشين مشروع إنشاء محطات نووية للاستخدامات السلمية للطاقة في الضبعة، وهو الخطاب الذي سبقه تسلُّم الجيش لموقع الضبعة لإعادة تأهيله بعد اقتحامه من قبل أهالي المنطقة.
ولكن بعد تولّي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم مصر عام 2014، تم توقيع العقد النهائي لإنشاء أول محطة طاقة نووية لإنتاج الكهرباء مع روسيا، وأصدر الرئيس قرارًا جمهوريًّا في 10 من نوفمبر عام 2014، بتخصيص 2300 فدان لصالح وزارة الدفاع لاستغلالها في إقامة تجمّع عمراني سكني لأهالي منطقة الضبعة، وللعاملين بالمحطة، بالإضافة للخدمات اللازمة للمنطقة والمشروعات الأخرى تعويضًا عن الأراضي التي خُصِّصَت للمشروع.
روساتوم الروسية المسئولة عن بناء محطة الضبعة
وبالتالي شهد عام 2017، توقيع الاتفاقية النهائية لإنشاء محطة طاقة نووية سلمية لإنتاج الكهرباء في منطقة الضبعة بقدرة 4800 ميجاوات، بين مصر وروسيا على أن تتولى تنفيذ المشروع شركة روساتوم الروسية.
من ناحيتها، كشفت شركة روساتوم الروسية، أن المحطة النووية التي ستبنيها في الضبعة بمصر، ستضم 4 مفاعلات، وتتكلف 21 مليار دولار أمريكي، ويتوقع أن ينتهي العمل فيها في عام 2028-2029، كما ستقدم قرضًا تصديريًّا حكوميًّا لصالح مصر بقيمة 25 مليار دولار أمريكي، من أجل تمويل الأعمال والخدمات الخاصة بمعدات الإنشاء والتشغيل لمحطة الطاقة النووية المصرية، علمًا بأن روساتوم تُعد من أكبر الشركات العالمية المتخصصة في إقامة الجيل الحديث من المحطات النووية، ولديها حاليًّا أوامر تصدير بقيمة 133 مليار دولار على مدار السنوات الـ10 المقبلة.
ووفق الاتفاق بين القاهرة وموسكو، يُستخدم القرض الروسي لتمويل 85% من قيمة كل عقد لتنفيذ الأعمال والخدمات والشحنات بالمعدات الخاصة بمشروع محطة الضبعة، على أن يسدد الجانب المصري القيمة المتبقية من التمويل البالغة 15% في أقساط، إمّا بالدولار الأمريكي أو بالجنيه المصري، لصالح المؤسسات الروسية المفوّضة؛ ما يتوافق مع العقود في صورة دفعة سداد مقدّمة أو أيّ مدفوعات، بعد تنفيذ الأعمال والخدمات وتسليم التوريدات.
كما يبلغ أجل القرض 13 عامًا خلال المدة الزمنية من 2016 وحتى 2028، بفائدة 3% سنويًّا.
هذا، وتشمل بنود الاتفاقية أن تسدد مصر القرض الروسي على مدار 22 عامًا بـ43 قسطًا نصف سنوي، متساويًا في 15 من إبريل و15 من أكتوبر من كل عام، شريطة أن يجري سداد الدفعة الأولى من أصل القرض في يوم 15 من أكتوبر 2029.
هيئة المحطات النووية تبدأ خطواتها الأولى نحو بناء محطة الضبعة
ولا تزال هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، تواصل عملها الدءوب وفقًا للجدول الزمني الذي وضعه الرئيس عبد الفتاح السيسى لإنشاء مشروع محطة الطاقة النووية بالضبعة، الذي يعد من أهم مشروعات التعاون بين القاهرة وموسكو، ومن بين هذه التجهيزات، قامت الهيئة مؤخرًا بعمل زيارة إلى روسيا ترأسها الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة، والدكتور أمجد الوكيل رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء والدكتور سامي شعبان رئيس مجلس إدارة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، وذلك من أجل البدء فى الخطوات التنفيذية لمشروع المحطة النووية للضبعة، والبدء بتصنيع أول معدة طويلة الأجل لمشروع محطة الضبعة النووية المصري، وهي مصيدة قلب المفاعل للوحدات النووية «Core Catcher» التي سيتم إنتاجها بشركة تاجماش الروسية، أحد مقاولي الباطن للمشروع والمنوطة بها تصنيع مصيدة قلب المفاعل.
ومن جهته، كشف الدكتور أمجد الوكيل، رئيس هيئة المحطات النووية المصرية، عن آخر التطورات الخاصة بمشروع محطة الطاقة النووية بالضبعة، الجاري تنفيذها في محافظة مطروح، لافتًا إلى أن المشروع ينتظر مزيدًا من الأعمال خلال عام 2021، فمن المخطط الانتهاء من الأعمال التحضيرية، كأعمال تسويات الموقع وإنشاء القاعدة الأساسية وهياكل ومباني قاعدة أعمال الحفر واستكمال أعمال البنية التحتية والرصيف البحري واستكمال متطلبات الحصول على التراخيص اللازمة للإنشاءات.
ونوه بأن هذه التجهيزات تأتي ضمن سلسلة من الإنجازات المتواصلة المحققة التي يشهدها تنفيذ المشروع مؤخرًا وخاصةً بعد الانتهاء من تسليم الوثائق والمُستندات الخاصة بإصدار إذن إنشاء المحطة إلى هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بنهاية يونيه الماضى، وذلك نتيجة لتضافر الجهود التي تبذلها المجموعات الفنية وفرق العمل المصرية والروسية للمضى قدمًا في تنفيذ مشروع مصر القومي «محطة الضبعة».
كما ذكر رئيس المحطات النووية أن توقيع محضر اجتماع بدء تصنيع مصيدة قلب مفاعل الضبعة النووية، الذي تم خلال الأيام القليلة الماضية تم بين أربعة أطراف، حيث تم توقيع النسخة الأولى من قبل ممثل عن مصنع تاجماش الروسي، المسئول عن تصنيع قلب المفاعل، أما الطرف الثاني فيتمثل في هيئة المحطات النووية، لافتًا إلى أن هيئة الرقابة النووية تعد الطرف الثالث في هذا التعاقد، أما الطرف الرابع فيتمثل بالمقاول الخاص بالمشروع وهو شركة أتوم ستروي إكسبورت.
وأكد أنه من المخطط أن يتم تصنيع مصيدة قلب مفاعل الضبعة خلال 14 شهرًا تقريبًا، موضحا أن زيارة روسيا كان لها أثر إيجابي في التعرف إلى المصانع والشركات الروسية المشاركة بتنفيذ معدات محطة الضبعة النووية.
مزايا المشروع النووي المصري
ومن المزايا التي سيقدمها أول مشروع نووي في مصر الآتي:
= محطة الضبعة النووية ستحقق دفعة هائلة للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية، وفي قطاع الطاقة ومجالات أخرى كالصناعة والطب والزراعة في مصر، مشيرًا إلى أن المفاعلات النووية تحفّز التنمية في مختلف الصناعات.
= المحطة تتمتع بأمان كامل، والمفاعلات النووية السلمية المقرر تنفيذها من تكنولوجيا الجيل الثالث، وهي مثل المفاعلات الموجودة والمُنشأة مؤخرًا في إحدى المحطات النووية بروسيا.
= يعتمد المفاعل النووي على نظام تبريد بواسطة برج تبريد واحد فقط، خلافًا لما كان سائدًا من قبل في المفاعلات الروسية باستخدام برجَي تبريد.
= يسهم التعديل التكنولوجي في الحدّ من الطاقة التي تُهدَر في تبريد المفاعل، ويقلل من تكلفة رأس المال المستخدم، ومن شأن تقليل المساحة والحدّ من هدر الطاقة أن يسهم في تحسين مواصفات الأمان للمفاعل لسهولة التشغيل والمتابعة والحدّ من عمليات الصيانة المطلوبة.
= يعمل نظام المحطة على منع تسرب الإشعاعات إلى البيئة المحيطة من خلال حائط صد لها بحيث تبقى الإشعاعات داخل المفاعل، فضلًا عن وجود حائط قوي بوسعه أن يتصدى للظواهر الطبيعية «الأعاصير، الزلازل، الفيضانات».
= به نظام أوتوماتيكي للتخلص من الحرارة، ويعمل على التخلص من الحرارة من قلب المفاعل؛ ما يحفظ الأمان له، وهذا لا يحتاج إلى تدخل بشري لكى يعمل، لكنه يعمل بصورة أوتوماتيكية ويعتمد على العوامل الطبيعية فقط.
= يضم خزّانين عملاقين للمياه، وفي حالة الطوارئ ووصول ضغط المفاعل أو درجة حرارته لنقطة معينة يُملأ المفاعل بالمياه لكي تعمل على تبريد قلب المفاعل.
= يتمتع المفاعل بنظام حماية مزدوج يعمل على احتواء المواد المشعة داخل المفاعل أيًّا كانت العوامل المؤثرة فيه، حيث إن هناك نظامي احتواء أحدهما داخلي والآخر خارجي، ولا يسمح نظام الاحتواء الخارجي للمواد المشعة بالتسرب إلى البيئة المحيطة حتى إذا حدث فشل في أنظمة الحماية الداخلية.
= المفاعل يعمل عن طريق عملية معقدة للتخلص من غالبية المواد المشعة التي تستخدم فيها الحرارة والهواء المضغوط، ويؤدي هذا إلى أنه بعد مرور 50 عامًا يقلّص كثيرًا من الآثار المشعة التي يتركها في البيئة المحيطة، أمّا المخلّفات المعقدة فتُشحَن في حاويات غير منفذة للإشعاعات للتخلص منها بالطرق الآمنة.
التأثير الاقتصادي الذي ستوفره محطة الضبعة
كما نرصد معكم، مدى التأثير الاقتصادي الذي ستوفره محطة الضبعة:
= سيؤدي تشغيل المحطة وصيانتها إلى إنشاء نظام بيئي جديد كامل، بجانب تعزيز الصناعات المحلية وتشجيع السياحة وخلق فرص عمل جديدة والحدّ من البطالة والمساهمة في بيئة أنظف.
= ستقوم الشركة الروسية بتأهيل وتدريب جميع الموظفين حول كيفية التشغيل الناجح والآمن لـ4 مفاعلات طاقة في المحطة، ومن المتوقع أن يصل عدد العاملين إلى أكثر من 10 آلاف.
= تصل نسبة الشركات المصرية المشاركة في البناء إلى 20% في المفاعل الأول، وترتفع تدريجيًّا لتصل إلى 35% عند اكتمال تنفيذ المشروع.
= تسهم محطة الضبعة النووية في نمو الناتج المحلي المصري، حيث أشارت دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنه من الممكن أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للدول 4 دولارات، مقابل كل دولار يُنفق على بناء محطة للطاقة النووية.
= مرحلة بناء مشروع الضبعة الجديد تسهم في تدفق نحو 9 مليارات دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لمصر.
= محطة الضبعة النووية سيتمّ إنشاؤها بتكنولوجيا الجيل الثالث وتتضمن تدشين 4 مفاعلات نووية، وستُسَدَّد تكلفة المحطة على 35 عامًا، ولن تتحمل الموازنة العامّة للدولة أيّ أعباء، وستشارك الشركات المصرية في المكون المحلي للمشروع بما لا يقلّ عن 20%.
= من المتوقع أن تسهم محطة الضبعة النووية في إنتاج أكثر من 33 جيجاواط/ساعة في السنة من الطاقة المنخفضة الكربون والقابلة لتوزيع الكهرباء، وهو ما يمثّل نحو 18% من استهلاك مصر المتوقع في عام 2030.