«الطاقة المتجددة» أمل مصر المستقبلي لخفض الانبعاثات الكربونية
إسلام محمود مصر 2030تنتهج مصر حالياً استراتيجية وطنية لمواجهة التغيرات المناخية لتقليل نسبة الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي، وزيادة الإعتماد على الطاقات المتجددة في كافة المشروعات، بجانب التوسع في إنشاء مزارع الرياح ومحطات الطاقة الشمسية، وإنتاج الطاقة من المخلفات والتوسع في استخدام الطاقة الحيوية.
وتعتمد الخطة طويلة الأجل التي تسير عليها الحكومة، على هدف وهو زيادة إنتاج الطاقة المتجددة بنسبة 45% حتى 2035، للوصول للحياد الكربوني، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة.
كما عملت مصر على التوسع في مشروعات الطاقة النظيفة والنقل الذكي والمستدام من خلال الاستثمار الأمثل للموارد المتجددة للحد من النفايات وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير للحد من الآثار السلبية في الصحة والبيئة وتحسين كفاءة الطاقة.
• مصر تقوم بإنشاء مزارع للرياح ومحطات طاقة شمسية وإنتاج الطاقة من المخلفات.
قالت وزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، إن الطاقة المتجددة من أهم سبل مواجهة مخاطر التغيرات المناخية، وأن التحول نحو استخدام الطاقة هو أحد المحاور الهامة في خطة الدولة للحد من الانبعاثات وحماية الموارد الطبيعية وفتح آفاق جديدة من الاستثمارات الخضراء بالقطاعات الاقتصادية والسياحية حتى في ظل انتشار جائحة كورونا عالميا.
وأضافت وزيرة البيئة، في تصريحات لها، أن مصر على الجانب الوطني لديها استراتيجية وطنية للتصدى بفاعلية لآثار وتداعيات التغير المناخي وتعمل على تحديث وتطوير مساهماتها المحددة وطنيًا لخفض الانبعاثات ونعمل أكثر على تطوير الطاقة المتجددة ولدينا استراتيجية الهيدروجين الأخضر بقيادة وزير الكهرباء والطاقة.
وأوضحت أن مصر تعمل حاليا على زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة والبديلة في مزيج الطاقة، والتوسع فيها بإنشاء مزارع الرياح ومحطات الطاقة الشمسية، وإنتاج الطاقة من المخلفات والتوسع في إستخدام الطاقة الحيوية.
وتابعت أن هناك طرق نعمل عليها لتطوير تقنيات جديدة لاستيعاب إستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل أنظمة التحكم الذكية، واستكشاف مصادر طاقة بديلة جديدة مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة النووية، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء داخل المنشآت الصناعية وتطبيقات الطاقة الشمسية الحرارية في العمليات الصناعية والتخلص التدريجي من الفحم والتحول إلى أنواع وقود منخفضة الكربون.
وأكملت الدكتورة ياسمين فؤاد، أنه سيتم تعظيم كفاءة الطاقة عن طريق تحسين كفاءة محطات الطاقة الحرارية وشبكات النقل والتوزيع والأنشطة المرتبطة بالنفط والغاز، وأيضا تحسين كفاءة الطاقة للأجهزة والمعدات الكهربائية وتحول المستهلكين لاستخدام تقنيات تعتمد على مصادر طاقة أنظف مثل وسائل النقل التي تعمل بالكهرباء والغاز الطبيعي وأنظمة النقل العام الجماعي والدراجات، إلى جانب تحسين كفاءة الطاقة في المباني وتنفيذ الكود الوطني للأبنية الخضراء للمباني الجديدة وتعزيز كفاءة الطاقة للعمليات الصناعية في جميع الصناعات.
• مشروعات الطاقة المتجددة تخفض نسبة الانبعاثات الضارة:
ومن جانبه، قال المهندس محمد عبدالحميد كامل، رئيس مبادرة "مهندسون من أجل مصر المستدامة"، إن مشروعات الطاقه المتجدده تعتمد على المصادر الطبيعية في توليد الطاقه مثل « الشمس» أو «الرياح» وهذه المصادر لا ينتج عن نشاطها أي انبعاثات لأن نظرية عملها لا تعتمد على حرق الوقود لإنتاج الطاقة وإنما من خلال خلايا مثل خلايا الطاقة الشمسية أو مراوح توربينية مثل طاقة الرياح.
وأضاف عبد الحميد، في تصريحات لـ «مصر2030»، أن ظهور نوع جديد من الطاقة المتجددة وهو الهيدروجين الأخضر من الأنواع التي ستحدث طفره في الطاقة في وقتنا الحالي والمستقبل.
وأشار إلى أن الاعتماد على مشروعات الطاقة الشمسية يخفض نسبة الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي، ولكن يجب مراعاة الاشتراطات الخاصة بتنفيذ محطات الطاقة الشمسية كي نستطيع الحصول على أعلى كفاءة منها بقدر الإمكان.
وتابع أن مصر تمشي على خطوات ثابتة وتقوم بالاعتماد على تعدد مصادر الطاقة المتجددة فلدينا الآن محطات لإنتاج الطاقة الشمسية والرياح والطاقة من المخلفات وحديثا الهيدروجين الأخضر، مشيراً إلى أن مصر تحولت مصر السنوات القليلة من دولة توجد بها أزمة في الطاقة إلى دولة لديها وفر من الطاقة، ولدى الدولة المصرية استراتيجية واعدة لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة بنسبة 45% حتى 2035.
وبشأن التحديات التي تعوق تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة، قال إن هذه التحديات تتضمن عاملين أساسيين أولهما التكلفة الإنشائية للمحطات عالية، ثانياً تعريفة بيع الطاقة من مصادر الطاقة المتجدده لا تحقق العائد الكافي لإنجاح هذه المشروعات.
وبسؤاله عن هل هناك وقت معين لتتحول كافة الطاقات في مصر إلى جديدة، أوضح أنه طبقا لتوجهات الدولة فيمكن أن نقول في خلال 10 سنوات قادمة ستتحول معظم مصارد الطاقة في مصر إلى متجددة.
وأكمل: حيث اعتمدت حكومة مصر خطة طويلة الأجل للطاقة المتجددة «من الشمس والرياح» وحددت هدفاً يتمثل في تلبية 20% من الاحتياجات الكهربائية من مصادر للطاقة المتجددة بحلول عام 2022 وقد حققته بالفعل.
وتابع : وتستهدف مصر إنتاج 43% طاقة متجددة عام 2035 مع استمرار العمل على الاستثمارات المستدامة في مجال الطاقة وإجراءات تحسين كفاءة الطاقة ، وبدأت مصر في التحول نحو الاقتصاد الأخضر تنفيذا لرؤية مصر 2030.
• مصر بإنشاء 126 محطة طاقة شمسية بـ 15 محافظة:
ومن جانبها قالت الدكتورة هند فروح، أستاذ البيئة والتنمية العمرانية المستدامة بالمركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، إن مصر تتجه الآن في التوسع في استخدام الطاقة المتجددة ومنها الاعتماد على الطاقة الشمسية، حيث استطاعت مصر منذ عام 2017 وحتى نهاية عام 2021 إنشاء ما يقارب الـ 126 محطة شمسية في 15 محافظة بإجمالي قدرات 11 ميجاوات.
وأضافت فروح لـ«مصر2030»، أن مشروعات الطاقة الشمسية ستعمل على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، بمقدار يترواح بين 6.0 إلى 7.0 مليون طن من مكافىء ثاني أكسيد الكربون، على مدار عمر المشروعات، التي تأتي ضمن جهود مصر في ملف تغير المناخ، الذي أسفر عن نجاح مصر في استضافة قمة تغير المناخ في 2022.
• استخدام الغاز الطبيعي يقلل من نسبة ثاني أكسيد الكربون:
وبدوره، قال سامح نعمان، أستاذ الهندسة وخبير الطاقة المصري، إن مصر لديها وافر من الغاز الطبيعي لذلك كافة المشروعات الكبيرة قامت باستبدال السولار بالغاز الطبيعي وذلك بنسبة 70%، موضحا أن استخدام الغاز الطبيعي سيقلل من الانبعاثات الضارة في الغلاف الجوي.
وأضاف نعمان، لـ«مصر2030»، أن استخدام كيلو وات من الغاز الطبيعي سيخرج فقط 500 جرام من ثاني أكسيد الكربون، أما السولار فيخرج 700 جرام ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو وات، أما الفحم فيخرج1000 جرام، لذلك يعتبر الغاز من اقل الملوثات.
وتابع إن مصر حاليا تعتمد بشكل كبير في إنتاج الكهرباء من خلال مصادر نظيفة مثل توربينات الرياح والمياه مثل القناطر الخيرية والسد العالي، حيث تخرج المياه من 6 إلى 8 جرام ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو وات، وتوربينات الرياح تخرج 12 جرام لكل كيلو وات.
وأشار إلى أن أفضل شئ لخفض الانبعاثات الضارة من الغلاف الجوي هو الاعتماد على الهيدروجين الأخضر، لانه لا يخرج نهائيا ثاني أكسيد الكربون أثناء الاعتماد عليه، وهناك توجه من قبل الحكومة على الاعتماد على الهيدروجين خلال الفترة المقبلة.
• الطاقة الشمسية توفر 25 % من فاتورة المنازل و45 % للمزارع و30 للمصانع:
ومن جانبه قال المستشار البيئي والأكاديمي، أحمد فؤاد حسن، أن مصر حاليا تمتلك فرصة عظيمة لتكون من أكبر دول المنطقة في الطاقة المتجددة، نظرا لعدة عوامل أبرزها نسبة سطوع الشمس والمساحات الشاسعة في الصحراء بالإضافة إلى جاذبية السوق المصرية بما يخدم مخطط الدولة للتحول إلى مركز إقليمي لنقل وتصدير الكهرباء مع الارتفاع الكبير لأسعار الغاز الطبيعي والوقود التقليدي في الأسواق العالمية.
وأضاف فؤاد، في تصريحات لـ «مصر2030»، أن هناك ثلاثة أنواع للطاقة الشمسية في مصر، والتي يمكنها أن توفر لك ما يصل إلى 100% من فاتورة استهلاك الكهرباء، ويوفر تركيب اللوحات الشمسية في المنزل من 20-25% من تكاليف الكهرباء الإجمالية.
وأكمل: وفي أماكن مثل المزارع يمكن توفير من 30- 45% من تكاليف الكهرباء ويمكن للمنشآت متوسطة الاستهلاك مثل المصانع والمدارس وغيرها توفير 20-30% من تكاليف الكهرباء بتركيب الألواح الشمسية.
وأشار إلى أن مشروعات الطاقة المتجددة تُعد أبرز وسائل الأمان للبلاد من التأثر بالتغيرات المناخية، لذا تستهدف مصر الوصول إلى إنتاج 42% من الكهرباء عبر الطاقة المتجددة المعتمدة على مصادر بيئية مثل الرياح والشمس والمياه.
وتابع: أن التغيرات المناخية لم تقف عائقًا أمام النمو الاقتصادي، فقد حققت مصر قفزة اقتصادية كبيرة في معدل النمو وفقًا لتقرير البنك الدولي والصندوق الدولي، مضيفة: «المناخ المصري الجاف يستغل جيدًا العناصر الطبيعية في إنتاج الطاقة النظيفة، كما أن تكاليف إنتاجها منخفضة للغاية، كونها تعتمد على عناصر طبيعية فقط».
ولفت إلى أن الانبعاثات من الوقود تسببت في خلل وتغير المناخ و70% من الانبعاثات الكربونية تصدر من قطاع الطاقة ولذلك كان هناك أهمية كبيرة لتغير نمط التنمية من خلال تغيير اليات الطاقة من طاقة تعتمد على الوقود الأحفوري الى طاقة متجددة.
• مشروعات النقل الذكي والمستدام:
الخطة التي وضعتها مصر تعتمد في الأساس على النقل الذكي الجماعي سواء في القاهرة أو بعض المناطق الجديدة في إطار حرصها على عدم الإضرار بالمناخ، وتخفيض الانبعاثات.
وتعاقدت مع شركات عالمية لتوفير الأتوبيسات الترددية التي تعمل بالكهرباء لتعمل بدلًا من الميكروباص الذي يعمل بالوقود الأحفوري، وكذلك تنفذ مشروع المونوريل "قطار كهربائي" يعتمد على الكهرباء في التنقل.
واستوردت مصر أتوبيسات تعمل بالكهرباء ومن المقرر استخدامها في منطقة العاصمة الإدارية الجديدة لنقل العاملين والموظفين، وأُنشِئت العديد من وحدات الشحن بعدد من المباني.
• زيادة استثمارات المشروعات الخضراء:
قررت الحكومة أيضا زيادة الاستثمارات العامة الموجهة للمشروعات الخضراء لتصل إلى 30% في العام المالي الحالي، ومن المقرر رفعها لتصل إلى 50% في السنوات الأربع المقبلة، وهو ما كشفت عنه النقاشات المصرية خلال قمة المناخ كوب 26.
وبحسب بيان صادر عن وزارة المالية المصرية؛ فإن محفظة مصر من المشروعات الخضراء وصلت إلى ملياري دولار حتى الربع الأول من العام الجاري.
وتتوزع نسبتها بين 16% في مجال الطاقة المتجددة، و19% في مجال النقل النظيف، و26% في مجال المياه والصرف الصحي، و39% في مجال الحد من التلوث.
كما أعلنت مصر إصدار أول سندات خضراء في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2020 بقيمة 750 مليون دولار.
دعم صندوق تمويل التكيف مع المناخ.
• كيف تستعد مصر لقمة المناخ:
وضعت مصر عددًا من الأهداف التنموية العاجلة من خلال تنفيذ سياسات واضحة وأهداف دقيقة؛ منها رفع معدلات الاستثمارات الخضراء لتمثل 50% من إجمالي الاستثمارات الحكومية بحلول عام 2024، من خلال السندات الخضراء.
وأعدت مصر الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التغيرات المناخية، التي تضع أهدافًا واضحة للتكيف والتصدي بفاعلية لهذه التحديات.
وشُكِّل المجلس الوطني للتغيرات المناخية، واتخذت مصر خطوات واضحة نحو تطبيق منظومة إدارة المخلفات الصلبة، وهو ما كان يمثل تحديًا كبيرًا في الماضي.
• تحديات التوسع بمشروعات الطاقة المتجددة:
- يجب على الدولة تشجيع العلماء والباحثين في مجالات البحث العلمي، لطرح أفكار غير نماطية لمشروعات جديدة تتبناها الدولة.
- ضرورة الربط بين الصناعة والبحث العلمي بخصوص كيفية رفع كفاءة مشروعات الطاقة المتجددة.
- زيادة دورات التدريب للعاملين في هذا المجال، من خلال دورات معالجة وصيانة مشروعات الطاقة المتجددة، من طاقة شمسية وطاقة رياح.
- تنظيم ورش عمل لتبادل الخبرات مع الدول الأوروبية، وكذلك مع الدول التي تستثمر في مجال الطاقة المتجددة.
- تنظيم المؤتمرات العلمية والندوات، بعمل ربط بين مختلف الباحثين لرفع الكفاءة وتطوير المشروعات الحالية.