«أنكحني الله في السماء».. فضائل زينب بنت جحش أم المؤمنين

«أنكحني الله في السماء»، لأمهات المؤمنين فضل كبير على الدعوة الإسلامية، وانتشارها، فهذه خديجة ساندت الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم ودعمته وواسته بمالها وناصرته وقت أن عاداه الناس، وهذه عائشة أم المؤمنين بنت صاحبه أبو بكر الصديق والتي روت من الأحاديث والأحكام الشرعية الكثير، وتلك زينب التي زوجها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سماوات، ولكل من أمهات المؤمنين فضل على الأمة الإسلامية.

روى البخاري عن أنس بن مالك قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتق الله، وأمسك عليك زوجك، قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات.

أم المؤمنين

وأم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها هي ابنة أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم زوج زينب أولا لمولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه، الذي كان قد تبناه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم الله التبني، ولكن زينب رضي لله عنها كانت تفخر بنفسها على زيد، ويقع بينهما ما يكون بين الأزواج من الخلاف -وفقًا للدرر السنية-.

اقرأ أيضًا: «وإنك لعلى خلق عظيم».. كيف وصف علي بن أبي طالب أخلاق الرسول ﷺ

وفي الحديث الذي رواه البخاري يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه أن زيد بن حارثة رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو له ما بينه وبين زوجته زينب من خلاف وسوء تفاهم، وكان صلى الله عليه وسلم ينصحه ويقول له: «اتق الله» بالخوف منه، «وأمسك عليك زوجك»، كما قال الله تعالى: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه، فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا، وكان أمر الله مفعولا} [الأحزاب: 37]، وفي تلك الآية يقول أنس رضي الله عنه: «لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه» أي: إن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ كل شيء من الوحي، ولو كان يريد كتمان شيء وإخفاءه عن الناس -وهو المنزه عن ذلك-، لأخفى تلك الآية؛ لما اشتملت عليه من العتاب، وإبداء ما أسره في نفسه، وهو أنه أمر زيدا بألا يطلق زينب بنت جحش؛ وذلك أن الله تعالى أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن زيدا سيطلق زينب وستكون زوجا له صلى الله عليه وسلم بعد طلاق زيد لها، ولكنه كتم ذلك في نفسه؛ خشية تشنيع المنافقين عليه وإرجافهم بأنه نهى عن تزويج نساء الأبناء وتزوج زوجة زيد، وكان يدعى بزيد بن محمد قبل النهي عن ذلك وإبطال التبني؛ وذلك لحكمة جليلة نص عليها سبحانه وتعالى في هذه الآية بقوله: {لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم}.

خولة بنت ثعلبة.. جادلت الرسول ﷺ وأنزل الله فيها قرآنًا وطأطأ لها عُمر رأسه

وكان زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش بعد طلاقها بأمر الله تعالى؛ ولذلك كانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، تقول: «زوجكن أهاليكن» من النبي صلى الله عليه وسلم، «وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات»؛ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها من دون ولي، وإنما وليها الله، فكانت تلك من خصائص زينب رضي الله عنها.

أسرعكن لحاقًا بي

ومن شدة حب زوجات النبي وهنَّ أمهات المؤمنين له صلى الله عليه وسلم، كنَّ يسألنه عمن يلحق به بعد وفاته لتجتمع به صلى الله عليه وسلم؛ فعن عائشَةَ أم المؤمنين قالَتْ: «إن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: أينا أسرع بك لحوقا؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (أسرَعُكُنَّ لُحوقًا بي أطوَلُكُنَّ يدًا)».

وتكمل عائشة، لتروي لنا ردة فعل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: «فكُنَّا إذا اجتمَعْنا في بيتِ إحدانا بعدَ وَفاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَمُدُّ أيدِيَنا في الجِدارِ نتَطاوَلُ، فلم نزَلْ نَفعَلُ ذلك حتى تُوُفِّيَتْ زَينَبُ بنتُ جَحشٍ، وكانتِ امرأَةً قصيرَةً ولَم تكُنْ أطوَلَنا؛ فعرَفْنا حينئِذٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما أراد بطولِ اليَدِ الصدَقَةَ، وكانتْ زَينَبُ امرأَةً صنَّاعَةً باليَدِ، وكانتْ تَدبُغُ وتَخرِزُ وتتصَدَّقُ في سبيلِ اللهِ وكانت تُحبُّ الصدقة» روى الحديث البخاري وابن حجر العسقلاني بنصوص نذكرها في خاتمة الموضوع.

ويقول العرب: فلان طويل اليد، وطويل الباع؛ إذا كان سمحًا جوادًا، وضده: فلان قصر اليد، وقصير الباع؛ إذا كان بخيلًا شحيحًا.

اقرأ أيضًا: هل تريد مرافقة النبي ﷺ في الجنة؟ 10 صفات لتفوز بها