بلاغة العرب.. جليلة بنت مرة حين قُتِلَ زوجها كُليبًا يرويها الشعراوي
أحمد العلامي مصر 2030يتمتع فضيلة الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي بملكة الوصول إلى قلب المستمع؛ فحصد حب الملايين من المسلمين في مصر والعالم، ولأسلوبه الشيق قدرة على بث الخلق والتحلي بفعل الطاعات نتناولها من مقاطعه في السطور التالية:
روى الشيخ الشعراوي في دروسه الدينية، قصَّة مقتل كُليب زعيم قبيلة تغلب، على يد شقيق زوجته جسَّاس بن مُرَّة، قائلًا: «كليب بن ربيعة التغلبي كان يُضرب به المثل في الشجاعة ويحمي مواقع السحاب، ومعناها أنه وقتما يسقط المطر في قطع أرض ويخرج الزرع يذهب الرعاة للرعي في هذا الزرع، وكان من قوة كُليب أن يقول حين يرى السحاب هذه في حماي يعني متى يسقط المطر، ويخرج الزرع فإنها ملكي؛ ولا يستطيع أحد أن يرعى في هذا المكان الذي يخرج به الزرع من المطرمن قوة وعظمة كُليب في قومه».
اقرأ أيضًا: فتاوى زمان.. رأي «الشعراوي» في العمل بالمحاماة والقضاء «فيديو»
وأكمل الإمام الراحل: «اختلف كُليبٌ مع شقيق زوجته جساس بن مُرَّة؛ على ناقة وضرب ضرعها؛ فقتل جسَّاس كُليبًا، وشقيقة جسَّاس كانت تحت كُليب، وقامت حرب شديدة استمرت عدة سنوات، ورويت لنا القصة فلما قُتِل كليب؛ اجتمع نساء الحي للمأتم فقلن لأخت كليب رحِّلي جليلة عنَّا؛ فإن قيامها شماتة وعار علينا عند العرب، فالتفتت أخت كُلَيب لجليلة وقالت لها: يا هذه اخرجي عن مأتمنا فأنت أخت قاتلنا وشقيقة وافرنا؛ فخرجت جليلة تجر أعطافها من الخزي، فلما ذهبت إلى بيت أبيها بلغها أن أخت كُليب قالت: رحلة المعتدي وفراق الشامت؛ فضحكت جليلة وقالت: أوتفرح الحرة بهتك سترها، وترقب وترها، هلّا قالت: نفرة الحياء وخوف الاعتداء!».
وأردف الشعراوي، مُعقِّبًا على رد جليلة: «هتك سترها بموت زوجها وهو سيد من سادات العرب، وترقب وترها يعني انتظار القصاص من شقيقها، فلما دخلت جليلة على أبيها مُرَّة، قال ما وراءك يا جليلة؟ فقالت: ثُقل العدد وحزن الأبد، وفقد حليل، وقتل أخ عن قليل، وبين ذين غرس الأحقاد وتفتت الأكباد، فقال لها: أوَيَكُّفُ ذلك كرم الصفح وإغلاء الديات؟؛ فقالت: أمنية مخدوع ورب الكعبة؛ أبلبدن تدع لك تغلب دم ربها؟ ثم أنشات تقول:
يَا ابْنَةَ الأَقْوَامِ إِنْ شِئْتِ فَلا.. تَعْجَلِي بِاللَّوْمِ حَتَّى تَسْأَلِي
فَإِذَا أَنْتِ تَبَيَّنْتِ الَّذِي يُوجِبُ.. اللَّوْمَ فَلُومِي واعْذُلِي
فِعْلُ جَسَّاسٍ عَلَى وَجْدِي بِهِ.. قَاطِعٌ ظَهْرِي وَمُدْنٍ أَجَلِي
هَدَمَ البَيْتَ الَّذِي اسْتَحْدَثْتُهُ.. وَانْثَنَى فِي هَدْمِ بَيْتِي الأَوَّلِ
يَا قَتِيلاً قَوَّضَ الدَّهْرُ بِهِ.. سَقْفَ بَيْتَيَّ جَمِيعًا مِنْ عَلِ
إِنَّنِي قَاتِلَةٌ مَقْتُولَةٌ.. وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْتَاحَ لِي