أمر بها الله ﷻ.. فضل الصلاة على النبي ﷺ يوم الجمعة
أحمد العلامي مصر 2030للصلاة على النبي الأكرم ﷺ فضل عظيم يعود على المسلم، وقد يجهل هذا الفضل البعض؛ ونقدم في السطور الآتية ثواب، وفضل الصلاة على النبي العدنان محمد بن عبد الله ﷺ، وخاصة الإكثار من الصلاة عليه يوم الجمعة.
وقالت دار الإفتاء المصرية، إن الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ من أقرب القربات، وأعظم الطاعات، وهو أمرٌ مشروعٌ بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة؛ فأما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب الآية 56، وفي معنى الصلاة في الآية الكريمة قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: «قال البخاري رحمه الله تعالى: قال أبو العالية رحمه الله تعالى: صلاة الله تعالى: ثناؤه عليه عند الملائكة عليهم الصلاة والسلام، وصلاة الملائكة المكرمون: الدعاء. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنه: يصلون: يبركون، هكذا علقه البخاري رحمه الله تعالى عنهما» كما في طريق الإسلام.
اقرأ أيضًا: «صوت المرأة عورة».. هل قال النبي ﷺ هذا؟
واستدلت الدار، في فتواها بما ورد في السنة النبوية المطهرة في فضل الصلاة على النبي الأكرم ﷺ، قائلة: وردت أحاديث كثيرة تبين فضل الصلاة على النبي صَلَّى ﷺ، وخاصة في يوم الجمعة؛ فعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ -يَعْنِي بَلِيتَ-؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» أخرجه أبو داود وابن ماجه في سننيهما.
اقرأ أيضًا: 30 شعبان.. لماذا نهى النبي ﷺ عن صيام يوم الشك؟
وأكملت الدار: عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا» أخرجه النسائي في سننه.
وفي فضل الصلاة على النبي ﷺ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ما مِن أحدٍ يسلِّمُ عليَّ إلَّا ردَّ اللَّهُ عليَّ روحي حتَّى أردَّ علَيهِ السَّلامَ» أبي داود:2041 وصححه الألباني، وقال رسول الله ﷺ: «لا تجعلوا بيوتَكُم قبورًا، ولا تجعلوا قَبري عيدًا، وصلُّوا عليَّ فإنَّ صلاتَكُم تبلغُني حَيثُ كنتُمْ» أبي داود:2042 وصححه الألباني، وعن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما قال: قال: قال رسول الله ﷺ: «البَخيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِندَهُ، فلَمْ يُصَلِّ علَيَّ» صححه الألباني.
صحبة النبي ﷺ يوم القيامة
وورد أيضًا في فضل الصلاة على النبي ﷺ عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، أنَّ رسول الله ﷺ قال: «أولى النَّاس بي يوم القيامة أكثرُهم عليَّ صلاةً» الترمذيُّ:484، وحسَّنه الألباني، وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، أن النبيَّ ﷺ قال: «من صلى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنه عشرُ خطيئاتٍ، ورُفعَت له عشرُ درجاتٍ» النسائي:1296، وصححه الألباني
وعن فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه قال: «سمعَ النبيُّ ﷺ رجلًا يَدْعُو في صلاتِهِ فلمْ يُصَلِّ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال النبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عَجِلَ هذا ثُمَّ دعاهُ فقال لهُ أوْ لغيرِهِ إذا صلَّى أحدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللهِ والثَّناءِ عليهِ ثُمَّ لَيُصَلِّ على النبيِّ ﷺ ثُمَّ لَيَدْعُ بَعْدُ بِما شاءَ» الترمذي:3447، وعن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه أنه قال لرسول الله ﷺ: «يا رسولَ اللهِ إِنَّي أُكْثِرُ الصلاةَ عليْكَ فكم أجعَلُ لكَ من صلاتِي فقال ما شِئْتَ قال قلتُ الربعَ قال ما شئْتَ فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ قلتُ النصفَ قال ما شئتَ فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ قال قلْتُ فالثلثينِ قال ما شئْتَ فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ قلتُ أجعلُ لكَ صلاتي كلَّها قال: إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ» الترمذي:2457.
كيف تصلي على النبي ﷺ
وعن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه قال: «سألنا رسولَ اللهِ ﷺ فقلنا: يا رسولَ اللهِ، كيف الصلاةُ عليكم أهلَ البيتِ، فإنَّ اللهَ قد علَّمنا كيف نُسلِّمُ عليكم؟ قال: (قولوا: اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ» البخاري:3370.
ونصحت «الإفتاء» المسلم بمطالعة المزيد من الأحاديث في فضل الصلاة على النبي ﷺ، فقد جمع كثيرًا منها الإمام النووي الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه «رياض الصالحين»، كما جمع كثيرًا من أحاديث فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة الحافظُ السخاوي رحمه الله تعالى في كتابه «القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع».
اقرأ أيضًا: تحويل القبلة.. أول من سبق النبي ﷺ في الصلاة نحو الكعبة
فضائل النبي ﷺ
كان النبي ﷺ جابرًا للخواطر، رحيمًا بجميع الناس، بين مسلم وغير مسلم، وكيف لا وقد مدحه الله في القرآن العظيم فقال جل شأنه: (وما أرسلناك إلا رحمة للعلمين)، وقال أيضًا: (وإنك لعلى خلق عظيم).
ومن شمائل النبي ﷺ أنه كان يحب الفقراء والمساكين، وكان مما يدعو به: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِين»، وقد يتساءل البعض لماذا كان دعاء الرسول هذا، وهل ينقص ذلك من قدر الأغنياء، وهو ما أجاب عليه فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف عند ما كان مفتيًا للجمهورية في السطور التالية.
اقرأ أيضًا: تلاوات خاشعة.. أفضل 20 قارئًا للقرآن الكريم (روابط مباشرة)
قال الإمام الاكبر، إجابة على ما تقدمَّ: «إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو الرؤوف الرحيم قصد بهذا الدعاء مؤانسة وتطييب خاطر الفقراء والمساكين الذين يسعون في الأرض لتحصيل الرزق، ويكون حظهم من الرزق وفق إرادة الله ومشيئته الكفاف، فأراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يبين لهم أنه يحبهم، وأنه يدعو الله أن يكون معهم في الدنيا والآخرة؛ حتى تطمئن نفوسهم ويصبروا على ابتلاء الله لهم فيكونوا من أهل الجنة».
الفقراء أول وأكثر من يدخلون الجنة
وفي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ» رواه الترمذي، ولأن الفقراء والمساكين ليس عندهم من المال ما يحاسبون عليه فإنه إذا صلح عملهم يكونون أسبق الناس إلى دخول الجنة، وهذا ثابتٌ في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ» رواه البخاري ومسلم.
اقرأ أيضًا: بر الوالدين.. أحب الأعمال إلى الله ووصية الرسول ﷺ
وأشار الطيب، إلى أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بيَّن عِلَّةَ حُبِّهِ للمساكين واقترانه بهم بأنهم يسبقون الأغنياء إلى دخول الجنة؛ فقد روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكِينِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، فقالت عائشة رضي الله عنها: لِمَ يا رسول الله؟ قال: «إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا، يَا عَائِشَةُ، لَا تَرُدِّي المِسْكِينَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، يَا عَائِشَةُ، أَحِبِّي المَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ فَإِنَّ اللهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ القِيَامَة» رواه الترمذي.
فضل الأغنياء مع الفقراء
وشدد فضيلته، في فتواه على أن حُبُّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للفقراء والمساكين لا ينقص من قدر الأغنياء، ولا يؤثر في حبه صلى الله عليه وآله وسلم لهم؛ فالإسلام انتصر وانتشرت دعوته بفضل الفقراء والأغنياء معًا؛ فأبو بكر الصديق رضي الله عنه تصدق بكل ماله نصرةً لدين الله، وعثمان بن عفان رضي الله عنه تبرع بثلث ماله وجهز جيش العسرة نصرةً لدين الله، وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» متفق عليه.
اقرأ أيضًا: قصر عمر بن الخطاب في الجنة.. بشره به النبي ﷺ
ولفت الإمام الأكبر، إلى أن الإسلام دِينٌ يدعو إلى الغنى والتكسب من العمل الحلال، ويبيح للإنسان أن يمتلك المال الواسع، ولكن بشرط أن يمتلكه من حلال، وأن ينفقه فيما يعود بالنفع على نفسه ومجتمعه، فيؤدي حق الفقراء والمجتمع فيه؛ لقوله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ التوبة: 105، ولا يُطْلَبُ من الإنسان أن يتواكل أو يتقاعد عن العمل حبًّا في المسكنة والزهد في الدنيا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ» رواه مسلم، وقال: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى» متفق عليه، وأباح الله لنا التمتع بطيبات الحياة؛ فقال جل شأنه: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [القصص: 77]، وقال جل شأنه: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ الأعراف: 32.
اقرأ أيضًا: «نسألك بنور وجهك الكريم».. دعاء لإزالة الهم ومغفرة الذنوب «فيديو»