كيف يقبض ملك الموت أكثر من روح في وقت واحد

كل نفس ذائقة الموت، فالموت سنة الله في خلقه، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والموت هو النهاية الطبيعة لكل إنسان على وجه البسيطة، وقد وكل رب العزة ملك الموت بهذه المهمة وهي قبض الروح، فيدفعها روح المؤمن إلى ملائكة الرحمة، وروح الكافر إلى ملائكة العذاب، ويثور هنا تساؤل كيف يقبض ملك الموت العديد من الأرواح في وقت واحد، كأن يموت شخص في بلد وآخر في مكان مختلف في ذات التوقيت، أو يموت الكثير في نفس اللحظة وفي نفس المكان كما يحدث في الكوارث.

حقيقة تسمية ملك الموت "عزرائيل"

ويستعرض "مصر 2030"، كيف يقبض ملك الموت أرواح الكثير من البشر في نفس الوقت خلال السطور التالية، ولكن بداية من هو ملك الموت وهل ورد في السنة أو القرآن ما يؤكد بتسميته بـ "عزرائيل"، وقال ابن كثير في كتابه البداية عن تسمية ملك الموت بهذا الاسم: وأما ملك الموت فليس مصرّحٌ باسمه في القرآن ولا في الأحاديث الصحاح، وقد جاء تسميته في بعض الآثار بعزرائيل".

هل ملك الموت هو والمتوفِّي على الحقيقة؟

خلق الله سبحانه وتعالي ملك الموت وجعله الملك الموكل بقبض الأرواح، يقول ربنا سبحانه وتعالى في سورة السجدة: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ، ولكن هل ملك الموت هو والمتوفِّي على الحقيقة؟.

المتوفِّي على الحقيقة هو الله جل وعلا فقد قال في كتابه في سورة يونس: "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ".

ويقول تعالى في سورة النحل الآية 70: "وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ"، فأسند رب العزة التوفِّي إليه سبحانه، ثم خلق الله ملك الموت وجعله الملك الموكل بقبض الأرواح عقب ذلك.

أعوان ملك الموت

عندما خلق الله سبحانه وتعالى ملك الموت خلق له من يعاونه فيما وكل له يقول الله في سورة الأنعام: "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ".

ويقول ربنا في سورة محمد: فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ"، ويقول تعالى: "وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ". الأنعام 93.

ملك الموت هو الذي يلي أمر الأرواح

عن مجاهد قال: "جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء، وجعل له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم"، وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس: "أنه سئل عن ملك الموت: هل هو وحده الذي يقبض الأرواح؟ قال: هو الذي يلي أمر الأرواح، وله أعوان على ذلك، غير أن ملك الموت هو الرئيس، وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب".

الملائكة تقبض الأنفس

وأخرج عَبْدُ بن حُمَيْدٍ، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في التفسير عن إبراهيم النخعي في قوله تعالى: "تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا" قال: "الملائكة تقبض الأنفس، ثم يقبضها منهم ملك الموت بعد".

وفسر قتادة قوله تعالى: "تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا" :إن ملك الموت له رسل فيلي بعضها الرسل ثم يدفعونها إلى ملك الموت"، وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: "إن الملائكة الذين يقرنون بالناس هم الذين يتوفونهم ويكتبون لهم آجالهم، فإذا توفوا النفس دفعوها إلى ملك الموت وهو كالعاقب -يعني العشار- الذي يؤدي إليه من تحته".

قال القرطبي: "قوله تعالى: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا المراد: أعوان ملك الموت، قاله ابن عباس وغيره. ويروى أنهم يَسُلُّون الروح من الجسد حتى إذا كان عند قبضها قبضها ملك الموت.

الموت يحدث بقدرة الله وحده

قال الرازي في مفاتيح الغيب: إن التوفي في الحقيقة يحصل بقدرة الله تعالى، وهو في عالم الظاهر مفوض إلى ملك الموت، وهو الرئيس المطلق في هذا الباب، وله أعوان وخدم وأنصار.

وبناء على ذلك فإن ملك الموت وكل الله له مهمة قبض الأرواح، وخلق له سبحانه وتعالى أعوان وتخدمه وتطيعه في تنفيذ ذلك، ومن هنا لا يصعب تصور قبضه الكثير من الأرواح في وقت واحد بواسطة الملائكة التي تعاونه في ذلك، وهذا ما أكدته دار الإفتاء المصرية في فتوى لها.