إحياءً لذكرى العاشر من رمضان.. ملتقى ”رمضانيات نسائية” يؤكد أن رمضان شهر الانتصارات والإرادة القوية


تزامنًا مع الذكرى المجيدة لانتصارات العاشر من رمضان ونصر أكتوبر 1973، التي أعادت للأمة عزتها وكرامتها، يواصل الجامع الأزهر جهوده في إحياء روح الشهر الفضيل من خلال سلسلة من الملتقيات الرمضانية، التي تسلط الضوء على معاني الانتصار في رمضان، سواء على مستوى التاريخ العسكري الإسلامي، أو على مستوى الانتصار على النفس والارتقاء بالروح والإرادة.
وفي هذا الإطار، عقد ملتقى "رياض الصائمين" ندوة تحت عنوان "رمضان شهر الانتصارات"، حيث أكد المشاركون أن شهر رمضان ليس فقط شهر الصيام والعبادة، بل هو أيضًا شهر الانتصارات العظيمة التي غيرت مجرى التاريخ الإسلامي، وتحدث الشيخ محمود سليمان أحمد، الواعظ بمجمع البحوث الإسلامية، عن الكنوز التي أودعها الله في هذا الشهر المبارك، فهو شهر العزة والكرامة الذي يحقق فيه المسلم انتصارات على نفسه، فيتغلب على أهوائها، ويكبح جماحها عن الحرام، ويجاهد لتزكية أخلاقه، متأسياً بقول النبي ﷺ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَل"، كما أشار إلى أن شهر رمضان شهد أعظم الانتصارات العسكرية، من غزوة بدر الكبرى وفتح مكة، مرورًا بمعارك القادسية، عين جالوت، الزلاقة، وفتح الأندلس، وصولًا إلى الانتصار الخالد في العاشر من رمضان (حرب أكتوبر 1973)، حين علت صيحات "الله أكبر"، ليحقق الجيش المصري انتصارًا تاريخيًا أعاد للأمة عزتها وكرامتها، من جانبه، أكد الدكتور محمد عبد الخالق، الباحث بالجامع الأزهر، أن شهر رمضان لا يقتصر على الانتصارات العسكرية، بل هو فرصة لتحقيق الانتصار على النفس والشيطان والعادات السلبية، وهو الجهاد الأكبر الذي ينبغي للمسلم أن يخوضه بوعي وإرادة، واختتم حديثه بدعوة المسلمين لاستلهام روح رمضان في مواجهة التحديات المعاصرة، والتمسك بالقيم التي تصنع النصر في كل زمان.
وفي رحاب الجامع الأزهر، وفي أجواء إيمانية رمضانية، شهد ملتقى المرأة " رمضانيات نسائية"، جلسة حوارية متميزة بعنوان" رمضان شهر الانتصارات"، حيث استعرضت د. وفاء غنيمي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، دور الصبر والأخذ بالأسباب في تحقيق النصر، مشيرةً إلى أهمية الوعي في مواجهة التحديات المعاصرة، فيما تحدثت أ. هدى الشاذلي، الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية، عن أبرز الانتصارات الإسلامية التي شهدها الشهر الفضيل، بدءًا من غزوة بدر الكبرى وفتح مكة، وصولًا إلى نصر العاشر من رمضان، مؤكدةً أن الإيمان والتخطيط وحسن التوكل على الله كانت ركائز هذا الإنجاز العظيم، وقد سلطت د. حياة العيسوي، الضوء على حروب الجيل الرابع، محذرةً من أن المعركة اليوم لم تعد بالسلاح فقط، بل أصبحت حربًا إلكترونية تعتمد على الإشاعات والتلاعب بالعقول، مشددةً على ضرورة حماية النشء من الغزو الفكري والثقافي.
وحول الزكاة وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي، عقد الجامع الأزهر الملتقى الفقهي " باب الريان"، تحت عنوان "الزكاة وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي"، بحضور نخبة من علماء الأزهر، حيث تناول المتحدثون مكانة الزكاة في الإسلام ودورها في تحقيق العدالة الاجتماعية، وأكد الدكتور أحمد خيري أحمد، عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون، أن فريضة الزكاة تحمل في طياتها إعجازًا ربانيًا، إذ شرعها الله سبحانه وتعالى لتحقيق التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع، كما أن الزكاة عبادة مالية تقابلها الصلاة كعبادة بدنية، موضحًا أن الله سبحانه وتعالى حدد مصارف الزكاة لتحقيق التوازن المجتمعي، فيما أشار الدكتور عبد الله محمد عبده عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إلى أن الزكاة تُقارن بالصلاة في كثير من المواضع في القرآن الكريم، مما يدل على مكانتها العظيمة، مؤكدًا أن إخراج الزكاة يؤدي إلى نماء المال وبركته، كما أنها تسهم في استقرار المجتمع وتقضي على الفقر، أما الدكتور إيهاب إبراهيم، منسق رواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر، فأوضح أن الزكاة هي وسيلة لتحرير الإنسان من التعلق بالمال، وتحقيق التكافل الاجتماعي، فهي شكر لنعمة المال كما أن العبادات الأخرى شكر لنعمة البدن، مستشهدًا بقول الله تعالى: "كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم".
ويواصل الجامع الأزهر إحياء روح شهر رمضان المبارك من خلال مقارئه القرآنية اليومية، التي تستقطب أعدادًا متزايدة من المشاركين من مصر والعالم، سواء بالحضور المباشر أو عبر المنصات الإلكترونية، وتتيح هذه المقارئ فرصة فريدة لتعلم أحكام التلاوة وضبط التجويد والقراءات، تحت إشراف نخبة من علماء الأزهر، مما يعزز ارتباط المسلمين بكتاب الله ويجعل القرآن نورًا للقلوب وبوصلة للعقول.
يأتي ذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وضمن جهود الأزهر الشريف للتعليم والدعوة وتعزيز الهوية الإسلامية وربط الأجيال بتاريخ أمتهم المجيد، والتأكيد على أن شهر رمضان لا يقتصر على العبادة فقط، والانتصارات العسكرية، بل هو أيضًا شهر الانتصار على النفس والسمو بالروح والعمل وتعميق الوعي والفكر.