خطيب الجامع الأزهر: قضية العلم هي الأخطر والأعلى شأنا في الإسلام
محمود عبد الرحمن مصر 2030ألقى الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، ودار موضوعها حول "العلم وبناء الإنسان".
قال الغفير إن قضية العلم هي الأخطر من نوعها في الإسلام، كما أنها الأعلى شأناً وأن العلم أول ما أُمرت به هذه الأمة من قبل الله عزّ وجلَّ فُهُوَ أَعَزُّ مَطْلُوبٍ وَأَشْرَفُ مَرْغُوب، تَسَابَقَ الْفُضَلاءُ لِطَلَبِهِ، وَتَنَافَسَ الأذْكِياءُ لِتَحْصِيلِهِ، مَنِ اتَّصَفَ بِهِ فَاق غَيرَهُ، وَمَنْ اتَّسَمَ بِهِ بَانَ نُبْلُهُ، رَفَعَ اللهُ أَهْلَهُ دَرَجَات، وَنَفَى الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ كَرَّاتٍ وَمَرَّات، يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن القيادة الرشيدة نادت بضرورة بناء الإنسان قبل بناء المكان، فالبناء الحقيقي يبدأ بالعلم. فهو فريضة شرعية، وضرورة وطنية، وفطرة إنسانية. ميزة كرم الله بها الإنسان وفضله على سائر من خلق.
وأضاف أن فضل العلم في الإسلام عظيم، حيث إِنَّ الْعِلْمَ مُورِثٌ لِلْخَشْيَةِ، مُثْمِرٌ لِلْعَمَلِ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، فَمَنْ كَانَ بِاللهِ أَعْرَفَ كَانَ مِنْهُ أَخْوَف. كما اسْتَشْهَدَ اللهُ أَهْلَ الْعِلْمِ عَلَى أَشْرَفِ مَشْهُودٍ بِهِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ، وَقَرَنَ شَهَادَتَهُمْ بِشَهَادَتَهِ وَبِشَهَادَةِ مَلائِكَتِهِ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فَبَدَأَ سُبْحَانَهُ بِنَفْسِهِ، وَثَنَّى بِمَلائِكَتِهِ الْمُسَبِّحَةِ بِقُدْسِهِ، وَثَلَّثَ بِأَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَفَاهُمْ ذَلِكَ شَرَفًا وَفْضَلًا وَجَلالَةً وَنُبْلاً.
وتابع الغفير بقوله: إن مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْعِلِمِ فَقَدْ أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا، وَمَنْ تَرَكَ الْعِلْمَ فَقَدْ اشْتَرَى خُسْرًا. وأنه يجب علينا أن نستثمر أوقاتنا في تحصيل العلوم النافعة، فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- نبيه الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بالاستزادة من العلم، قال تعالي: (وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا).
وقد حثَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمتَه على طلب العلم، وبيَّنَ فضلَه وأهميتَه، فقال صلى الله عليه وسلم: « من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا، سلك اللهُ به طريقًا من طرقِ الجنةِ، وإنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العِلمِ، وإنَّ العالِمَ ليستغفرُ له مَن في السماواتِ ومن في الأرضِ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ، وإنَّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ».
وبيّن خطيب الجامع الأزهر أن الله سبحانه وتعالى فرَّق بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، فقال في كتابه العزيز: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ). فيجب علينا أن نحرص على العلم ومجالسة العلماء، والنهل مما فتح الله عليهم من الخير والبركة والعلم
وشدد على أولياء الأمور أن يتقوا الله تعالى في أولادهم، وأن يحرصوا على متابعتِهم في دروسهم وحثِّهم على الجدِّ والاجتهادِ، والسؤالِ عن مستوياتهم وسُلوكهم في المدرسة، وأنْ يقوموا بتربيتِهم على الخير والصلاح، وإبعادِهم عن جلساءِ السوء، فالكل راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته.
وأوصى أستاذ اللغويات طلاب العلم بضرورة طلب العلم والجد فى تحصيله فى شتي العلوم المختلفة وليس العلوم الدينية فقط، وأن يتسموا بالصبر فى طلب العلم وطاعة المعلم حتى نصل إلى حضارة حقيقية، وبناء شامخ، ونهضة شاملة بها يعلو شأن الأمة وتحقق الريادة والمجد، وتفسد مخططات الأعداء المسمومة لهدم الأمة وتفريقها والنيل منها ومن مقدراتها.