دونالد ترامب: صعود رجل الأعمال إلى قمة السياسة الأمريكية

دونالد ترامب، رجل الأعمال الأمريكي الذي أصبح الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، مثّل تحولًا في السياسة الأمريكية. وُلد في 14 يونيو 1946 في نيويورك، وبدأ مشواره في عالم العقارات قبل أن ينغمس في عالم السياسة. في عام 2016، فاز ترامب في انتخابات الرئاسة، مما أحدث زلزالًا سياسيًا في البلاد بسبب أسلوبه المثير للجدل. عُرف بتوجهاته القومية المحافظة، وفرض سياسات داخلية وخارجية متشددة، وأثار الجدل في عدة محاور، مثل الهجرة والتجارة.

ترامب جلب الكثير من الجدل والانقسام داخل المجتمع الأمريكي، حيث كان له دعم قوي من قاعدته الشعبية، بينما واجه معارضة شديدة من البعض الذين اعتبروه تهديدًا للقيم الديمقراطية الأمريكية. في فترة رئاسته، نفذ مجموعة من السياسات الملموسة مثل تخفيض الضرائب، وإلغاء العديد من اللوائح البيئية، كما قرر سحب الولايات المتحدة من الاتفاقات الدولية مثل اتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران.

في السياسة الخارجية، كانت ولاية ترامب مليئة بالأزمات والقرارات المثيرة. فقد اعتمد على نهج "أمريكا أولًا"، مما أدى إلى نزاعات تجارية مع حلفاء تقليديين مثل الاتحاد الأوروبي والصين. كما سعى لتحقيق أهدافه في الشرق الأوسط، من خلال إعادة التفاوض على الاتفاقيات مع دول مثل إسرائيل والعديد من الدول العربية، ما أسهم في تطبيع العلاقات بين بعض هذه الدول.

بالتوازي مع ذلك، كان ترامب دائمًا في قلب العاصفة الإعلامية. فقد شنت وسائل الإعلام حملة نقدية ضده بشكل مستمر، وواجه تهمًا بالتورط في تدخلات أجنبية خلال انتخابات 2016، كما خضع لتحقيقات مثيرة للجدل أدت في نهاية المطاف إلى عزله من قبل مجلس النواب في 2019. ورغم ذلك، لم تتم إدانته في محاكمة العزل بمجلس الشيوخ.

السياسة الداخلية تحت إدارة ترامب

تحت قيادة ترامب، تركزت السياسات الداخلية على تعزيز الاقتصاد الأمريكي من خلال تخفيض الضرائب وتخفيف اللوائح التنظيمية على الشركات. أحد أبرز قراراته كان الإصلاح الضريبي الذي أطلقه في 2017، والذي شمل خفض الضرائب على الأفراد والشركات. رغم هذا، انتقد الكثيرون هذا الإصلاح على أساس أنه يعود بالفائدة على الأغنياء والشركات الكبرى أكثر من الطبقات المتوسطة والفقيرة.

سياسات الهجرة

واحدة من القضايا الأكثر جدلاً في رئاسة ترامب كانت سياسة الهجرة. فقد اتخذ خطوات صارمة تجاه الهجرة غير القانونية، بما في ذلك بناء الجدار الحدودي مع المكسيك. كما عمل على فرض قيود على تأشيرات العمل والهجرة العائلية، مما جعل هذه القضية أحد المواضيع الأساسية في حملاته الانتخابية.

العلاقات مع روسيا وأوكرانيا

من القضايا الكبرى التي أثرت على رئاسة ترامب كانت علاقاته مع روسيا، التي أثارت العديد من الأسئلة حول تدخل موسكو في انتخابات 2016. التحقيقات التي أجراها روبرت مولر أدت إلى نتائج لم تُظهر تورطًا مباشرًا لترامب، لكن العلاقات مع روسيا بقيت نقطة حساسة طوال فترة رئاسته. في 2019، أدى التحقيق حول قضية أوكرانيا إلى محاكمة عزله، التي انتهت أيضًا بتبرئته.

تأثير ترامب بعد مغادرته البيت الأبيض

حتى بعد مغادرته البيت الأبيض في يناير 2021، استمر تأثير ترامب على السياسة الأمريكية. أصبح الصوت البارز داخل الحزب الجمهوري، حيث كانت معظم القضايا السياسية تنحصر بين مؤيديه ومعارضيه. كما كان له تأثير كبير على الانتخابات النصفية في 2022، حيث أيد العديد من المرشحين من أجل الحفاظ على الولاء له في الانتخابات القادمة.

الاضطرابات في الشارع الأمريكي

كان حكم ترامب مليئًا بالاضطرابات السياسية والشعبية في الولايات المتحدة. أبرز هذه الأحداث كان الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، الذي قاده أنصاره الذين رفضوا نتائج الانتخابات الرئاسية. هذا الهجوم سلط الضوء على الانقسامات العميقة داخل المجتمع الأمريكي، حيث رأى الكثيرون أن ترامب كان السبب في تأجيج هذه الانقسامات.

تستمر إرث ترامب في تشكيل النقاشات السياسية الأمريكية، ما بين مؤيديه الذين يرون فيه محاربًا من أجل القيم الأمريكية التقليدية، وبين معارضيه الذين يعتبرونه تهديدًا للديمقراطية الأمريكية.