هل النية عند إخراج الزكاة شرط لقبولها؟.. الإفتاء تجيب
محمود عمر مصر 2030هل النية عند إخراج الزكاة شرط لقبولها؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، حيث سؤال يقول: ما هي أهمية استحضار النية عند إخراج الزكاة؟
قالت دار الإفتاء في جوابها: حددت الشريعة الإسلامية مصارف الزكاة؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
ولا يوجد خلاف بين الفقهاء في تحديد الأصناف وفهم المراد منها إلا قوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللهِ﴾ فقد اختلف الفقهاء في المراد من سبيل الله، والذي نميل إليه أنه يشمل كل أبواب الخير وأنواع البر.
وشددت: غير أنَّ الفقهاء قد اشترطوا عند إخراج الزكاة نية مقارنة للأداء، وتلزم هذه النية عند دفع الزكاة. فإنْ كان السائلُ قد نوى الزكاة عند دفعها لمَن ذَكَر فإنَّها تدخل في باب الزكاة، أمَّا إذا لم يكن قد نوى الزكاة عند دفعها لهم فلا يمكنه اعتبار ما أخرجه محسوبًا من الزكاة الواجبة عليه؛ لانعدام النية عند الإنفاق، ويكون ما أداه لهم صدقة من الصدقات.
وما أَخرجَه لزواج الفتيات يُعَدُّ من قبيل الصدقة، ولا يُعَدُّ من الزكاة.
التعريف بالزكاة وبيان فرضيّتها
تُعرَّف الزّكاة في اللُّغة بأنّها البركة، والطّهارة، والنّماء، وهي من الفعل زَكَا، وزكا الشّيءُ أي زاد ونَما، وفي الاصطلاح هي مِقدارٌ مُحدّدٌ من أموالٍ مُحدّدةٍ، يُخرج في أوقاتٍ مُحدّدةٍ، ويُصرف لأصناف مُحدّدة، وسُمّيت الزّكاة بهذا الاسم؛ لأنّها تزيد من مال صاحِبِها الذي أُخرجت منه، وتُزكّي نَفْس المُزكّي، لقول الله -تعالى-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا)، وتُعَدُّ الزّكاة فرضَ عَينٍ على كُلِّ من توافرت فيه شُروط وجوبها، وجاء إثباتها في الكثير من نُصوص الكتاب والسُّنّة، كقول الله -تعالى-: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ).
وقد فرض الله -تعالى- الزّكاة في بداية الإسلام -قبل الهجرة- في مكّة المُكرمة، لكنّها كانت من غير تحديدٍ لنوع المال الواجب فيه الزّكاة، أو مقداره، أو وقته، بل كان الأمر بها مُطلقاً، ومتروكاً لِكَرَم المُسلم وشُعوره بحاجة الآخرين، لقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)، وبعد تَمكُّن الإيمان في قُلوب المُؤمنين في السّنة الثانية من الهجرة بيّن الله -تعالى- أحكام الزّكاة بتفاصيلها، من حيث الأموال التي تجب فيها الزّكاة، ومِقدارها، ووقت إخراجِها، وما يتعلّق بها من الأحكام، وفي السّنة التاسعة من الهِجرة بدأ النبي -عليه الصلاة والسلام- ببعث الجُباة؛ لِتحصيلها وتوزيعها على مُستحقّيها.
الحكمة من مشروعية الزكاة
أوجب الله -تعالى- الزّكاة؛ لِسدِّ حاجات المُسلمين، وإعانة الإسلام، وحفظه، وتقويَته، فلا تُصْرف لغير المسلم حتى لا يقوى بالباطل إلا المؤلّفة قُلوبهم منهم، كذلك لا تُصرف إلاّ لمن استعان بها على طاعة الله -تعالى-، لقول الله -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
شروط وجوب الزكاة
تجب الزكاة إذا توفّرت العديد من الشروط، ومنها :
-
الإسلام: فلا تجب الزّكاةُ على غير المسلم، ولكنّ الشافعيّة أوجبوها على مال المُرتدّ قبل ردّته.
- الحُرّيّة: فلا تجب الزّكاة على العَبد باتّفاق الفُقهاء، وذهب الجُمهور إلى وُجوبها على سيّده، وذهب المالكيّة إلى عدم وجبوها على العبد ولا على سيّده.
- البُلوغ والعقل: وهذا الشّرطُ فقط عند الحنفيّة، وأوجبها الجُمهور على الصبيّ والمجنون، فيخرج وليّهما الزكاة من مالهما.
- النّماء: أن يكون المال نامياً أو قابلاً للنّماء، كالذّهب والفضّة، وأوجبها الحنفيّة في الخيل السّائمة؛ لأنّها نامية عن طريق التّناسُل.
- بُلوغ النّصاب: ويختلف باختلاف المال.
- الملك التّامّ للمال: بحيث يملكه المسلم ويكون قادراً على التصرّف فيه.
- حَوَلان الحول: وهو مضيُّ عامٍ قمريٍّ على المال وهو في مِلك صاحبه، في غير الزُّروع والثِّمار، واشترط الحنفيّة بُلوغ النّصاب في طرفي الحول، وذهب المالكيّة في اشتراط ذلك في غير المعادن والرِّكاز والحرث، وذهب الشافعيّة والحنابلة إلى بُلوغ النّصاب في جميع الحول.
- الخُلوّ من الدَّين: وهو شرطٌ عند الحنفية في غير الحرث، واشترطه الحنابلة في جميع الأموال، ويرى المالكيّة وُجوبه فقط في غير الحرث والماشية والمعادن، ولم يشترط الشافعيّة هذا الشرط.
- الزّيادة عن الحاجات الأساسيّة: وهي التي تدفع الهلاك عن الإنسان؛ كالنفقة، والثياب، وغيرها.