خبير آثار لـ «مصر2030»: نطالب بوضع كود مصرى للترميم وفقَا للمواثيق الدولية وقانون حماية الآثار
دينا صقر مصر 2030توجد العديد من أعمال الترميم الخاطئة للآثار تنفق عليها الملايين وتكتشف الأخطاء بعد افتتاحها بأسابيع أو شهور على الأكثر وذلك نتيجة إسناد أعمال ترميم الآثار فى بعض الأحيان إلى شركات ترميم غير متخصصة ليس لديها خبرة في ترميم الآثار، مما يؤدي إلى كوارث وكذلك عدم وجود كود مصري للترميم محدد به المعايير طبقًا لاتقافية فينيسا والمواثيق الدولية فتتم أعمال الترميم طبقًا لرؤى خاصة لا تستند إلى قواعد عامة.
وقال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، إن للترميم قواعد عالمية مستقاة من القوانين التي ظهرت في بداية القرن التاسع عشر من خلال مؤتمر المعماريين الأول في عام 1913، وماتلاه من مؤتمرات كانت تتم بصورة دورية في 1931، فينيسيا 1964، إيطاليا للترميم 1972، امستردام 1975، لاهور للآثار الاسلامية 1980، إضافة الي وثيقة نارا " الأصالة " باليابان 1994.
وأضاف ريحان لـ «مصر2030»، أن كل هذه المؤتمرات واللقاءات الدولية كانت تتم برعاية دولية متمثلة في اليونسكو والتي كانت تتدارك نقاط لم تكن غير ذي بال في الحفاظ علي التراث الذي يعتبر شاهدًا علي عصره في أساليب العمارة والفنون وقت الإنشاء، بهدف الحفاظ علي هذا التراث الإنساني في صورته الأصلية وقت الإنشاء باعتباره نموذجًا وشاهدًا علي أساليب العمارة في تلك الحقب الزمنية و شاهدًا علي تطور أو انحدار القيم الفنية والمعمارية للإنسانية.
ووضعت تلك المؤتمرات الدولية التي اقرتها جميع الدول الأعضاء بمنظمة العلوم والثقافة يونسكو ومنها مصر، الخطوط الرئيسية والأسس الواجب اتباعها وتنفيذها والتي من شأنها الحفاظ علي هذا التراث الإنساني علي صورته وقت الإنشاء عند تنفيذ مشاريع الترميم دون تغيير ودون استبدال عناصر معمارية كاملة وأصبح الترميم خارج عن الإطار المتعارف عليه دوليًا ولكن تحول إلي مشروع للتجديد تحد مسمي التطوير.
وأوضح ريحان، أن القانون المصري عندما وضع القواعد المنظمة للتعامل مع المواقع الأثرية كان مصدره الرئيسي للتشريع هو ماقد اتفقت عليه الدول الأعضاء باليونسكو علي اعتبار أن مصر أحد أعضاءها.
وتابع :"لم تفرق تلك المواثيق بين التراث الأثري والتاريخي وبين ماهو قيد الاستخدام كدور العبادة مع ماهو مفتوح للزيارات من أماكن تاريخية وأثرية ليتعرف الزائر علي النواحي الفنية والمعمارية في تلك الأزمنة للعناصر الاثرية علي حالتها الأصلية وتكنيك التصنيع وقت الإنشاء".
وأكد أنه من هذا المنطلق تم تحديد المعايير والأسس التي ترتكز عليها علوم الترميم في المناهج الأكاديمية الدراسية بالكليات والمعاهد المتخصصة في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الكليات والمعاهد المصرية المتخصصة لتصبح تلك المعايير بمثابة مسطرة القياس علي تنفيذ جميع مشاريع الترميم عالميا للأماكن التراثية دون التفرقة بين ماهو قيد الاستخدام وماهو من أجل الزيارة فقط.
ولم تتطرق تلك الأسس والمعايير إلي مايسمي التطوير او التجديد للأثر بحذف عناصر معمارية واستبدالها بعناصر أخري جديدة بنفس المواصفات ولكن بتكنيك تصنيع يختلف عن الأصل وقت الإنشاء في ظل استخدام التطور التكنولوجي بمجال تصنيع وتجهيز العناصر المعمارية.
علي اعتبار أن أي تدخل في الأثر بالتطوير أو التجديد يعد تدخلًا غير مسموح في الأسس التي اتفق عليها العالم لأنه يعتبر تدخلا مباشرًا لتغيير معالم الأثر بالحدس او باستخدام الملكات الإبداعية للقائم علي الترميم في عصرنا الحديث وهو مايعد تدخلًا غير مقبول يغير من طبيعة الأثر وقت الإنشاء.
ميثاق فينسيا للترميم
ونوه ريحان، إلى أن ميثاق فينسيا للترميم 1964 حدد مفهوم الترميم فى الفقرة 1 "مفهوم المبنى التاريخي لا يتضمن الأثر المعماري فقط ولكن يشمل الوضع الحضري للمنطقة المحيطة بالأثر والذي يبرهن على وجود حضارة خاصة أو تنمية هامة أو حدث تاريخي ولا ينطبق هذا فقط على الأعمال الفنية العظيمة ولكن يشمل أيضا الأعمال المتواضعة الباقية من الماضي والتي اكتسبت أهميتها الثقافية بمرور الوقت."
والفقرة 6 "حفظ الأثر يتضمن حفظ حالة المنطقة في نطاقه، ويمنع تمامًا أي نوع من المنشآت الحديثة أو الإزالة أو التعديل ويمكن السماح بذلك بشرط عدم التأثير على علاقات الكتل وعلاقات الألوان. "
والفقرة 7 " الأثر ملازم للتاريخ، فهو شاهد عليه وكذلك النسيج العمراني الذي هو جزء منه وغير مسموح إطلاقًا بتحريك الأثر أو أي جزء منه إلّا إذا اقتضت وقاية الأثر ذلك ويتم البت في هذا في حالة وجود مصلحة عالمية أو محلية على أعلى قدر من الأهمية."
التطوير يجب أن يتم في محيط الأثر
ويشير خبير الترميم الدولى حمدى يوسف إلى أن التطوير يجب أن يتم في محيط الأثر وليس في تفاصيل الأثر الفنية أو شكل الكتلة المعمارية أو بإزالة عناصر كاملة واستبدالها بعناصر بديلة بنفس المواصفات مع ضرورة إبراز القيم الجمالية والفنية للأثر باستخدام ماقد يستجد من تكنولوجيا حديثة لتسليط الضوء علي عناصر الإبهار في الحضارات القديمة بالمؤثرات البصرية والفنية دون التدخل بالتجديد او التطوير للأثر ذاته أو العبث به تحت أي مسمي.
ويوضح أن ما نراه في مصر وخصوصًا في الأماكن الأثرية والتاريخية قيد الاستخدام كدور العبادة هو مخالف لكل الاعراف والمواثيق المتفق عليها دوليًا من حيث تطوير الأثر ذاته والذي يحدث بالتدخل المباشر بأعمال التجديد التي تتم للأثر ذاته مما يقضي تمامًا علي عناصر التقادم الزمني مستغلًا التطور العلمي في مجال العمارة من خامات مستحدثة تغير من أصل المكون الأثري.
مقترح بتغيير المناهج الأكاديمية بالكليات المتخصصة
ويقترح خبير الترميم حمدي يوسف العودة إلي المناهج الأكاديمية المصرية وما يتم تلقينة للطلاب المتخصصين بشأن عمليات الترميم وهل هي تخضع الي المواثيق الدولية أم أنها مخالفة لتلك المواثيق؟ فإذا كانت تتفق معها فلا ضرر ولا ضرار، وأمّا اذا كانت لاتتفق فيجب أن نعود إلى اليونسكو للتدخل بتغيير معايير التعامل مع الأماكن التاريخية قيد الاستخدام لإجازة التدخل بالتغيير بما يتلائم مع احتياجات تلك المواقع، وبالتالي تغيير المناهج الأكاديمية بالكليات المتخصصة حتي لا يفاجأ الطالب المتخصص بأن ما يتم تدريسه في الجامعات في واد والواقع التنفيذي علي أرض الواقع لترميم الآثار في واد آخر.
مما يوحي بوجود ازدواجية في معايير الترميم دون مبرر، واصبح التدخل بالتجديد تحت مسمي التطوير بديلًا عن الأسس العامة لعلم الترميم الأكاديمي الذي اتفقت عليه جميع دول العالم من خلال اليونسكو.
وبعد أن وصل المصريون إلى درجة عالية من الحرفية فى أعمال الترميم المعمارى والدقيق اتضحت فى ترميم العديد من الآثار وترميم القطع الفنية المختارة لمتحف الحضارة.
كود مصري للترميم بقواعد أساسية
تطالب حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور ريحان بوضع كود مصري للترميم بقواعد أساسية منظمة للعمل طبقًا لما جاء في المواثيق الدولية السابق ذكرها والدراسات العلمية ومنها دراسة خبير الترميم حمدي يوسف وقانون حماية الآثار 117 لسنة 1983 وتعديلاته الذي جاء فيه بخصوص الترميم في المادة 30 تتحمل كل من الوزارة المختصة بالأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية وهيئة الأوقاف القبطية والكنائس المصرية والأفراد والجهات الأخرى المالكة أو الحائزة لعقارات أثرية أو تاريخية مسجلة نفقات ترميمها وصيانتها إذا رأى المجلس ضرورة لذلك ويكون ذلك تحت إشرافه.
وفي حالات الخطر الداهم يقوم المجلس بإجراء أعمال الترميم والصيانة اللازمة للعقارات المشار إليها لحين سداد النفقات من الأفراد أو الجهات المالكة أو الحائزة للعقارات المسجلة أثرًا.
ويجوز للوزير أو من يفوضه، بعد موافقة اللجنة المختصة، أن يرخص للهيئات والبعثات العلمية المتخصصة بالقيام بعمليات الترميم والصيانة تحت إشراف المجلس، كما يجوز الترخيص بذلك كتابة للأفراد المتخصصين وفقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.