«اعتقالات وإجراءات أخرى».. ماذا حدث في بوليفيا بعد فشل الانقلاب؟
عبده حسن مصر 2030شهدت بوليفيا اضطرابات سياسية كبيرة في الأيام الأخيرة بعد محاولة انقلاب فاشلة للإطاحة بالرئيس اليساري لويس آرسي. أسفرت هذه المحاولة عن اعتقال 17 شخصًا، من بينهم قادة عسكريون بارزون، مما أثار قلقًا واسعًا حول استقرار البلاد ومستقبلها السياسي.
في هذا التقرير، نستعرض تفاصيل الاعتقالات وأسبابها، وتصريحات المسؤولين الحكوميين، والأحداث التي سبقت المحاولة الفاشلة، وتأثير هذه الأزمة على الساحة السياسية البوليفية.
وفي أعقاب التمرد القصير الذي وقع في العاصمة لاباز، أعلن وزير الحكومة البوليفي، إدواردو ديل كاستيلو، عن اعتقال الجنرال خوان خوسيه زونيغا ماسياس، القائد السابق للجيش، والأميرال خوان أرنيز سلفادور، القائد السابق للبحرية، بتهمة قيادة مجموعة من الانقلابيين الذين تآمروا للإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطيًا.
وأوضح ديل كاستيلو أن هؤلاء المتآمرين كانوا يخططون لمحاولة الانقلاب لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل، وأنهم سيواجهون اتهامات قد تؤدي إلى سجنهم لمدة تتراوح بين 15 و30 عامًا.
وفي حديثه لقناة يونيتيل التلفزيونية، أكد ديل كاستيلو أن مزيدًا من التفاصيل حول الأحداث الأخيرة سيتم الكشف عنها في وقت لاحق من اليوم.
وزعم أن المتآمرين كانوا يخططون "لتدمير الديمقراطية" وأن القوات الأمنية تمكنت من السيطرة على ساحة موريللو التاريخية في لاباز بعد ظهر يوم الأربعاء، مما حال دون تحقيق أهداف الانقلابيين.
وقبل اعتقاله، صرح زونيغا للصحفيين بأن هدفه كان إقامة "ديمقراطية حقيقية"، مشيرًا إلى أن الرئيس آرسي أبلغه بإعفائه من مهامه بسبب سلوك غير دستوري.
وأضاف ديل كاستيلو أن الرئيس آرسي اجتمع مع زونيغا بحضور وزير آخر، وأن زونيغا قبل بقرار إعفائه ووعد بتنفيذ أي أوامر تصدر له، إلا أن الأحداث التالية أثبتت عكس ذلك.
فالتمرد القصير الذي وقع يوم الأربعاء واستمر حوالي ثلاث ساعات فقط، أسفر عن إصابة 12 شخصًا، وهو الأحدث في سلسلة من الاضطرابات التي تجتاح بوليفيا، الدولة التي شهدت 190 ثورة وانقلابًا منذ استقلالها في عام 1825.
وزاد من تعقيد الوضع تصريحات زونيغا التي اتهم فيها الرئيس آرسي بتنظيم انقلاب زائف لتعزيز شعبيته المتدهورة، مدعيًا أن الرئيس قال له "الوضع سيء ويحتاج إلى شيء لتعزيز شعبيته"، دون تقديم أي دليل على ذلك.
حيث تواجه بوليفيا أزمة اقتصادية خانقة مع انخفاض صادرات الغاز وتزايد الاضطرابات الاجتماعية.
ويزيد من تعقيد الوضع الصراع المرير على السلطة بين الرئيس آرسي والرئيس السابق إيفو موراليس، الذي ساعد في انتخاب آرسي في عام 2020.
وقد أعلن كلاهما عن نيتهما الترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة لحزب الحركة الاشتراكية (ماس).
ففي ظل هذه الأحداث، استخدم بعض حلفاء موراليس وشخصيات المعارضة وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لنظريات المؤامرة حول مسؤولية آرسي عن التمرد العسكري المزعوم.
وطالب أليخاندرو رييس، عضو الكونجرس من ائتلاف كومونيداد سيودادانا، بإجراء تحقيق برلماني في مزاعم تفيد بأن آرسي دبّر انقلابًا ذاتيًا، مشيرًا إلى وجود مؤشرات وتصريحات تشير إلى تورط الحكومة في هذه الأحداث.
وقد رفضت ماريا نيلا برادا، وزيرة الرئاسة، تلك الادعاءات، مؤكدة أنها غير صحيحة تمامًا، وقالت: "هذه أمور غير معقولة تمامًا بالنسبة لي".
أما النائبة ديزي تشوك من حزب ماس، فأشادت بالرئيس آرسي، وزير المالية السابق، ووصفته بأنه بطل، مؤكدة أنه لن يُعتبر جبانًا أو خائنًا، مشددة على أنه دافع عن الديمقراطية في وجه محاولة الانقلاب.
فيما يتعلق بالتطورات على الأرض، حرس رجال الشرطة المسلحون بوجوه مغطاة بالأقنعة بوابات القصر الكلاسيكي الجديد، حيث شهدوا مشاهد العنف والتوتر.
وفي الداخل، رُصِدت امرأتان تنظران إلى زجاج النوافذ المهشم، حيث تم التقاط لقطات للرئيس آرسي يواجه زونييغا، مطالبته بسحب قواته.
فالمحاولة الواضحة للانقلاب في بوليفيا لقيت إدانة شديدة اللهجة من مختلف الأطراف السياسية في أميركا اللاتينية، بما في ذلك الحكومات المحافظة واليسارية على حد سواء في الإكوادور وأوروغواي وباراغواي، وكذلك البرازيل وتشيلي وكولومبيا والمكسيك.
ومع ذلك، أظهرت بعض التقارير دعمًا محدودًا من أقطاب من اليمين الناشئ في المنطقة، بما في ذلك تصريحات من بيا كيسيس، عضو الكونغرس البرازيلي، المقربة من الرئيس السابق جايير بولسونارو، والتي رحبت بالتقارير بكلمات "الحمد لله".